كتاب "حكم رواية الفاسق والمبتدع"، من أهم الصفات الواجب توفرها في راوي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صفه العدالة ، التي تعني الالتزام العام بأصول الشريعة الإسلامية ، والتحلي بأحسن الأخلاق والآداب التي دعا إليها الشرع ، والبعد عن مواطن الفسق والفجور ، وأن
أنت هنا
قراءة كتاب حكم رواية الفاسق والمبتدع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
2- وقال العز بن عبد السلام : إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر أو اربت عليها فهي من الكبائر ).
3- إن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة لوعد الله مجتنبها بتكفير الصغائر . وألحق ما فيه لعنة أو غضب أو نفي إيمان لانه لا يجوز أن يقع نفي الإيمانلامر مستحب ، بل لكمال واجب . وهذا هو رأي الإمام احمد بن حنبل وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنه .
4- وقال سفيان الثوري رحمه الله :- ( الكبائر ما كان فيه من المظالم بينك وبين العباد . والصغائر:- ما كان بينك وبين الله لان الله كريم يعفو .
5- قال سعيد بن جبير: سئل رجل ابن عباس عن الكبائر أسبع هن ؟ قال هن إلى السبعمائة اقرب إلا انه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار . وقال كل شيء عصي الله به فهو كبيرة ، من عمل شيئا فليستغفر الله فان الله لا يخلد في النار من الأمة إلا من كان راجعا عن الإسلام أو جاحدا فريضة أو مكذبا بالقدر .
6- وقال علي بن طلحة : هي كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنه أو عذاب .
7- وقال الضحاك : هي ما أوعد الله عليه حدا في الدنيا أو عذابا بالآخرة .
8- وقال مالك بن مغول : الكبائر ذنوب أهل البدع والسيئات ذنوب أهل السنة.
9- وقال السدي : الكبائر ما نهى الله عنه من الذنوب الكبار والسيئات مقدمتها.
10- وقال إمام الحرمين إن الكبيرة كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة فهي مبطلة للعدالة .
11- وقيل إن الكبيرة ما فيه وعيد شديد بنص في الكتاب أو السنة .
12- وقيل ما أوجب حدا فهو كبيرة وغيره صغيرة .
13- وقال محمد بن أبي يوسف الهروي :إن الكبيرة كل معصية يجب في جنسها حد من قتل وغيره وترك كل فريضة مأمور بها على الفور والكذب بالشهادة والروايةوفي اليمين.
وكلك اختلف العلماء في حصر الكبائر , وهل يمكن عدها أم لا :
1- قال ابن القيم :اختلف الناس في الكبائر هل لها عدد يحصرها على قولين ، ثم الذين قالوا بحصرها اختلفوا في عددها فقال عبد الله بن مسعود هي أربعة وقال عبد الله بن عمر هي سبعة , وقال عبد الله بن عمرو بن العاص هي تسعة ، وقال غيره هي أحد عشرة وقال آخر هي سبعون وقال أبو طالب المكي : جمعتها من أقوال الصحابة فوجدتها أربعة في القلب وهي الشرك بالله والإصرار على المعصية والقنوط من رحمة الله والآمن من مكر الله ، وأربعة في اللسان وهي شهادة الزور وقذف المحصنات واليمين الغموس والسحر, وثلاثة في البطن وهي شرب الخمر و آكل مال اليتيم واكل الربا ، واثنتين بالفرج وهي الزنا واللواط ، واثنتان في اليدين وهما القتل والسرقة وواحدة في الرجلين وهي الفرار يوم الزحف ، وواحدة تتعلق بجميع الجسد وهي عقوق الوالدين.
2- قال ابن النجار : ( ومجموع ما جاء منصوصا عليه في الأحاديث من الكبائر خمس وعشرون : الشرك بالله وقتل النفس بغير الحق والزنا وأفحشه بجليلة الجار والفرار من الزحف والسحر واكل الربا، واكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، والاستطالة في عرض المسلم بغير حق , وشهادة الزور واليمين الغموس ، والنميمة والسرقة ، وشرب الخمر ، واستحلال بيت الله الحرام ، ونكث الصفقة ، وترك السنة ، والتعرب بعد الهجرة ، واليأس من رحمة الله ، والأمن من مكر الله ، ومنع ابن السبيل من فضل الماء ، وعدم التنزه من البول وعقوق الوالدين والتسبب في شتمهما ، والأضرار بالوصية ).
3- اختلف العلماء في عدد الكبائر فقيل سبعة وقيل تسعة وقيل عشرة وقيل اثنتا عشرة وقيل أربع عشرة وقيل ست وثلاثون وقيل سبعون وقيل ثلاثة ,و أكد الذهبي أن عددها سبعون وصنف كتاب فيها اسماه( الكبائر ) . ولكن الحافظ بن حجر الهيتمي صنف كتابه ( الزواجر عن اقتراف الكبائر ) أوصلها إلى سبعمائة معصية . وليس هناك دليل على حصرها في عدد معين . وقال الطبري والذي نقول به في ذلك كل ما يثبت فيه الخبر ) .
وهناك عدد من العلماء لم يفرق بين الكبيرة والصغيرة واعتبروا الذنوب واحدة لا يمكن تقسيمها :
1- قال ابن القيم رحمه الله :- والذين لم يقسموها إلى كبائر وصغائر قالوا : الذنوب بالنسبة إلى الجراءة على الله سبحانه وتعالى معصية ومخالفة أمره كبائر فانظر إلى من عصي أمره وانتهاك محارمه توجب أن تكون الذنوب كلها كبيرة . وهي مستوية في المفسدة، وقالوا :- (إن المعصية تتضمن الاستهانة بأمر المطاع ونهيه ، وانتهاك حرمته ، وهذا لا فرق فيه بين ذنب وذنب ، فلا ينظر العبد إلى كبر الذنب وصغره في نفسه ، ولكن ينظر إلى قدر من عصاه ، وعظمته وانتهاك حرمته بالمعصية . وهذا لا يفرق بالحال بين معصية ومعصية.
2- قال ابن النجار : قال في التحرير :ولم يفرق أصحابنا وغيرهم في الصغائر والكبائر بل أطلقوا . فالظاهر انه لا يوجد فرق إن لم تتكرر تكرارا يخل بالثقة بصدق الراوي ، وقال أبو إسحاق الاسفرايني والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن فورك والقشيري ، وحكي عن الأشعرية :- أن كل الذنوب كبائر .
قال القرافي : كأنهم كرهوا تسمية معصية الله صغيرة إجلالا له مع موافقتهم في الجرح انه ليس بمطلق المعصية بل منه ما يقدح ومنه ما لا يقدح . وانما الخلاف في التسمية ،وقال الكوراني :- إن أرادوا إسقاط العدالة فقد خالفوا الإجماع ، وان أرادوا منع المعصية نظرا إلى كبريائه تعالى وان مخالفته لا تعد أمرا صغيرا فنعم القول.
وقال الشوكاني : ( وقد قيل :- إن الإصرار على الصغيرة حكمه حكم مرتكب الكبيرة وليس على هذا دليل يصلح للمتمسك به وانما هي لبعض الصوفية ؛ فانه قال :- لا صغيرة مع إصرار. وقد روى بعض من لا يعرف علم الرواية هذا اللفظ حديثا . ولا يصح , بل الحق أن الإصرار حكمه حكم ما أصر عليه فالإصرار على الصغيرة :-صغيرة . والإصرار على الكبيرة :-كبيرة ) .
الترجيح بين الأقوال :
وبعد النظر في الأقوال المتباينة والمختلفة للعلماء في بيان وتعريف معنى الكبيرة يكاد يكون القول بان معنى الكبيرة هو ( ما يترتب عليه حد أو توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب ، هو امثل الأقوال وأقواها و أرجحها , وهذا ما رجحه كذلك صاحب شرح العقيدة الطحاوية حيث يقول :
( وترجيح هذا القول من وجوه : أحدها:- انه المأثور عن السلف كابن عباس وابن عينية وابن حنبل رضي الله عنهم وغيرهم .
الثاني :- أن الله تعالى قال :- ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ). فلا يستحق هذا الوعد الكريم من أوعد بغضب الله ولعنته وناره : كذلك من استحق أن يقام عليه الحد لم تكن سيئاته مكفرة عنه باجتناب الكبائر الثالث :- : ان هذا الضابط مرجعه إلى ما ذكر الله ورسوله من الذنوب فهو حد متلق بين خطاب الشارع ، الرابع : أن هذا الفرق يمكن الفرق بين الكبائر والصغائر بخلاف تلك الأقوال.


