أنت هنا

قراءة كتاب صدى الحرب العاصفة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صدى الحرب العاصفة

صدى الحرب العاصفة

"صدى الحرب العاصفة" هذا الكتاب إنه مراجعة عامة لآثار الحرب العراقية وتداعياتها عراقياً وأمريكياً وتقويم عام للحرب العاصفة..نقدمه للقارئ الحصيف خدمة لعراقنا الجريح الذي تم تدميره وتهديم بنيته التحتية باسم الحرية والتحرير ونصرة الجيران الذين جار عليهم النظام

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 4

آراء وقناعات في إحصائيات وروايات الشهود

الكلّ يعلم قصة جحا وابنه والحمار، وكيف اختلف الناس في الطريقة التي تعامل بها جحا مع حماره وهو ماضٍ في طريقه من الحقل إلى البيت.. حتى اضطر أخيراً بعد أن جرّب كل الاحتمالات المتاحة أمامه لاستخدام الحمار في أن يحمله مفرداً أو يحمل أبنه أو كليهما، ولم ينجُ من كلام الناس ونقدهم وهو يجهد نفسه لإرضائهم، فاضطر إلى ترك حماره يمشي بدون حمل وهو وابنه يسيران بجواره.. فقال الناس انظروا إلى هذا الرجل الذي فقد عقله وهو يسير بجوار حماره ولم يركب الحمار ولم يرُكب ابنه. أنها قصة رمزية طريفة في تراثنا قد تتكرر في أي وقت وحين سواء في الفعل أو القول أو الكتابة أو التعامل مع الناس فضلاً عن الحيوانات. لقد وجدت الناس قد اختلفوا في رأيهم حول الكتاب إلى حد التضاد والتناقض أحياناً، فرغم أن القبول والرواج كان من أهم سمات نشر هذا الكتاب مقارنة مع باقي كتبي أو حتى مع ما نشر في العراق من كتب خلال أكثر من عشر سنوات، ورغم أن معظم القرّاء كانوا مع منهج الكتاب وأطروحاته ورواياته وأسلوبه في تصوير التصدي الشجاع للشعب العراقي وجيشه المحتسب، رغم وقوعه بين حدّي الاستبداد والحصار والظلم والفساد الذي شهده خلال عقود طويلة وبين القوة الغاشمة المتغطرسة التي جاءت لغزو العراق واحتلاله ظلماً وعدواناً.. ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والشرائع، وفي مقدمتها قرارات ومواثيق مجلس الأمن والموقف الدولي المعارض لهذا الغزو، فإن البعض الآخر كان لا يخفي اختلافه مع منهج الكتاب وطرحه. ولقد وصلتني أكثر من مائة رسالة من القراء.. معظمها كانت مؤيدة للكتاب وتوجهه مدحاً وإطراءً وتفاعلاً وتعاطفاً مع مجريات الأحداث والروايات التي صورها الكتاب، والبعض القليل كان لديه نصائح وتصويبات لغوية وطباعية تقليدية..ومن القرّاء من زارني في المكتب أو البيت لغرض إيصال رأيه، والبعض الآخر كان يرى ضرورة نشره خارج العراق وترجمته إلى لغات أخرى لكي يعيش العالم مع العراق في محنته العصيبة، وقد ترجم فعلاً مرتين إلى اللغة الإنكليزية كانت إحداها ضمن دراسة لرسالة ماجستير في قسم الترجمة في كلية الآداب/جـامعة بغداد. وقـد أفرط البـعض في المدح والإطراء كـما أفرط البعض الآخر في النقد والذم والتجريح من بعض العسكريين المتألمين مما جرى للبلد من أهوال والذين رأوا في الكتاب فرصة للانتقام لكرامتهم التي جرحت خلال سقوط بغداد واحتلال البلد وهم حرّاسه، فلم يستطيعوا أن يواجهوا هذا الإحباط والانكسار المعنوي الذي سببته لهم قوات الاحتلال فوجدوا في الكتاب ونقده بطريقة انفعالية غير مبررة فرصة للتنفيس عن ذلك الإحباط والألم، وجعله البعض كالشماعة لتعليق التقصير الذي يشعرون به، بحجة أن الكتاب يفتقد إلى الطرح العسكري المتخصص أو أنه لم ينصف الجيش العراقي، على الرغم من أني قد أعلنت منذ نشر الكتاب وللعديد من هؤلاء، أن الكتاب ليس كتاباً متخصصاً في المجال العسكري ولم أدعِ دقّة كل المعلومات والروايات التي وردت فيه، وإنما هو وجهة نظر ورؤية ميدانية لشريحة من العراقيين وانعكاس لما جرى من تداعيات وذاع بين الناس في تلك الأيام الرهيبة, ورغم مراجعته من بعض العسكريين من أصحاب الثقافة العالية، وان أكثر من نصف شهود العيان الذين اعتمد الكتاب على شهاداتهم هم من العسكريين، فان الكتاب كان- في جوهره -كتاباً إعلامياً تعبوياً وتوثيقياً يعتمد أساساً على شهود العيان وإرهاصات الشارع العراقي أثناء الحرب-كما ورد في مقدمة الكتاب- ولم يلتزم الاعتماد على الوثائق والكتب والمصادر التي كانت متوفرة رغم قلتها في ذلك الوقت العصيب، وذلك خشية الوقوع في فخ الإعلام المعادي والحرب النفسية الأمريكية التي كانت مسيطرة على الساحة الإعلامية في ذلك الوقت. كما تعرّضت للكتاب فئة أخرى قليلة من المنهزمين والسائرين في ركب التبعية للأجنبي وتيار موالاة القوات الغازية، وهؤلاء (المستغربين) كان موقفهم طبيعي ومتوقع لا يحتاج إلى رد أو تفسير فهم كحال المستغربين القدماء الذين ظهروا في مصر ولبنان في مطلع القرن الماضي أبان حقبة الاستعمار والاحتلال الأولى للعالم العربي من السائرين في ركاب الغرب وحضارته، المتنكرين لحضارتهم وتراثهم الشرقي الأصيل، وهؤلاء لم يكونوا يؤمنون بضرورة التصدي والوقوف في وجه الغزو المغولي الجديد.. بل كانوا ينظرون إليه نظرة العبد إلى الفاتح والمحرر لهم والذي سيفك وثاقهم من ظلم الحاكم المستبد والنظام الجائر الذي تسلّط عليهم، ولم يفطنوا إلى من أوجده آنفاً، ولم يتعظوا بلدغة الجحر وظنوا خطأً أن للثعلب ديناً وعهداً، وهم لا يدركون أن هذا السيد لم يكن إلا أحد عبيدهم، وحين ضعف أمره معهم جاءوا بأنفسهم ليزيدوا الوثاق والخناق حول رقاب الشعوب المغلوبة على أمرها ويثقلوا البلد بالذل والتبعية من جديد.
أما عموم النقاد المنصفين الذين تفاعلوا مع الكتاب بفصوله وتفاصيله جميعها، فقد استوقف بعضهم ملاحظات عامة محددة منها:-
1. تسليط الضوء على ما جرى في الأعظمية من أحداث وأخبار أكثر من أي حدث آخر خلال أسابيع الحرب الثلاثة.. متناسين أنني من سكنة الأعظمية، ومن الطبيعي أن أكثر من ذكر الروايات والأحداث التي جرت أمامي والتي كنت أنقلها عن شهود العيان القريبين مني، هذا فضلاً عمّا جرى بعد الحرب من أحداث وتطورات واشتعال فتيل المقاومة وتصاعد وتيرتها كان في وسط العراق وضمن دائرة ومساحة كان مركزها مدينة الأعظمية وبقية المدن الشبيهة بها كالفلوجة وبعقوبة وسامراء.

الصفحات