أنت هنا

قراءة كتاب صدى الحرب العاصفة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صدى الحرب العاصفة

صدى الحرب العاصفة

"صدى الحرب العاصفة" هذا الكتاب إنه مراجعة عامة لآثار الحرب العراقية وتداعياتها عراقياً وأمريكياً وتقويم عام للحرب العاصفة..نقدمه للقارئ الحصيف خدمة لعراقنا الجريح الذي تم تدميره وتهديم بنيته التحتية باسم الحرية والتحرير ونصرة الجيران الذين جار عليهم النظام

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5

2. إن إجمالي الخسائر البشرية التي حددها الكتاب كانت عشرين ألف قتيل أمريكي تقريباً وثلاثين ألف جريح، مقابل مائة ألف شهيد عراقي، ورغم أن تثبيت تلك الأرقام جاء بناءاً على تقديرات شهود العيان من العسكريين والمدنيين العراقيين، ورغم أن البعض قد قدّر خسائر قوات التحالف بأكثر من تلك الأرقام، إلا أن هذه الأرقام قد بدت غريبة وغير مؤكدة ولا يمكن إثباتها عملياً لأن الإعلام الأمريكي لم يعترف إلا برقم ضئيل منها لم يكن يزد على 1% من الخسائر التي قدّرها الكتاب بناءاً على رأي شهود العيان وما تناقل في الشارع العراقي في تلك الأثناء، حيث لم تزد خسائر الأمريكان على 150 قتيل خلال مدة الحرب البالغة 43 يوماً حسب ما صرّحت به وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ورغم أن هناك بعض النقاد والإعلاميين من اتهمني بعدم التثبت في تقدير الخسائر الأمريكية والجري وراء مشاعر الانفعال أو الكره اللاشعوري للقوات الغازية وتصديق الشائعات التي انتشرت بين العراقيين المذهولين أثناء سقوط بغداد، كما ذكرت جريدة (سومر) التي كان يصدرها حسن العلوي في عددها الثامن في 19/6/2003 في مقالها الذي حمل عنوان (الإشاعة والأسطورة في أول كتاب عراقي حول الحرب) وما شابهها من الأصوات التي كانت تعيش (عقدة الخواجة) والتي كانت أسيرة الثقة العمياء بالإعلام الغربي وتصورها المستكين بأنه لا بد أن يكون الغرب أدق وأصدق منّا في نقله للأخبار والروايات، إلا أن تداعيات ما بعد الحرب كانت كفيلة بالرد على هؤلاء الذين أسلموا عقولهم وأرواحهم ومشاعرهم للإعلام الأمريكي الذي كان مهيمناً على الساحة، والذي حاول جاهداً إسكات الإعلام العراقي والعربي والأوربي المحايد خلال أيام الحرب. ورغم التأكيد في أكثر من موقع في الكتاب على النظرة الأحادية المنحازة –بل والمتعسفة- في الإعلام الأمريكي وطغيانه وغطرسته في التعامل مع قنوات الإعلام الأخرى، وتأكيد الكتاب على وجود مرتزقة وبأعداد كبيرة في قوات التحالف، ووجود فرق متطورة كبيرة وعديدة للإنقاذ وسحب الخسائر بسرعة كبيرة ومقصودة، والتي باتت معروفة فيما بعد ومن مظاهر الجيش الأمريكي المعروفة، ورغم تأكيدنا على استخدام قوات التحالف لأسلحة محرمة بعد أن فشلت خطة الصدمة والترويع الأولى -التي خطط لها الأمريكان بأن تنهي الحرب خلال ثلاثة أيام فقط- بفضل صمود الشعب العراقي، ورغم وجود الكثير من المؤشرات التي تدعم الأرقام التي أوردها شهود العيان العراقيون في الكتاب، إلا أن موقفي في الدفاع عن وجهة النظر هذه كان ضعيفاً لعدم توفر الأدلة لدي لإثبات ما أقول وأروي، حتى كانت الأشهر التسعة التي تلت الحرب لتثبت وتعزز ما ذهبنا إليه في الكتاب من أن الخسائر الأمريكية كانت كبيرة حقاً ، سواء أثناء الحرب أو فيما تلا ذلك بعد تبلور وتزايد المقاومة العراقية التي امتدت الآن من شمال العراق إلى جنوبه وتعددت ألوانها وأطيافها حتى أصبحت لغزاً محيراً وفخاً قاتلاً للجيش الأمريكي وهو يخوض في أوحال المستنقع العراقي الذي بات أكثر تعقيداً وخطورةً من المستنقع الفيتنامي، لاسيما بعد اعتقال صدام حسين واستمرار تلك المقاومة التي لا يعرف رأسها من أساسها ولا قاعدتها من قيادتها، حتى بات العراقيون وهم يتفرجون عما يجري يقولون أن الذي يقاتل أناس عراقيون لكنهم ليسوا بيننا، فالكل يسأل عن تلك المقاومة ومن يقف وراءها، ولقد أكدت الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام العالمية وعلى شبكة الانترنيت والقنوات الفضائية أن هناك أكثر من عشرة آلاف جريح أمريكي وجروحهم بالغة ومعوقة قد دخلوا المستشفيات الألمانية، كما تؤكد الأخبار والتقارير -كما أخبرني شاهد عيان مطّلع- أن قتلى الأمريكان منذ نهاية الحرب حتى كتابة هذه السطور (آذار 2004) قد وصل إلى أحد عشر ألف قتيل، معظمهم قد دفنوا في أرض العراق أو رميت جثثهم في نهر دجلة أو الفرات لاسيما الزنوج وذوي البشرة السمراء من أصحاب الجنسيات الأخرى خارج الولايات المتحدة، في حين لم يعترف الأمريكان إلا بخمس مائة قتيل فقط في مدة ما بعد الحرب وحتى نهاية كانون ثاني 2004م. ولقد حاولت قوات الاحتلال معالجة أمر المقاومة المتصاعدة باتجاهين أحدهما سياسي والآخر أمني فقرر الرئيس الأمريكي من الناحية السياسية تحديد موعد أقرب لنقل السلطة إلى العراقيين مما كان مخططاً له، وأما الأمني فقد وسّع الأمريكان سياسة المداهمات والاعتقالات في سياق العملية العسكرية التي أطلقوا عليها اسم المطرقة الحديدية لاسيما بعد سقوط العديد من الطائرات السمتية وازدياد الخسائر البشرية والهجمات الفدائية ضد قوات الاحتلال، فقد وصل عدد المعتقلين والأسرى العراقيين لدى الأمريكان إلى أكثر من مائة ألف معتقل حسب ما يرويه العراقيون (بينما يدعي الأمريكان أن المعتقلين العراقيين بحدود اثنا عشر معتقلاً فقط)معظمهم أبرياء وقد سجنوا واعتقلوا لأسباب كيدية، ربما تكون بسبب وشاية شخصية أو كتابة تقرير من بعض العملاء والجواسيس والموالين لقوات الاحتلال، فإنه من المعتاد أن يسجن أي مواطن عراقي تحت اسم أي جناية يختارها الواشي الذي يمكن أن يكون دافعه الكيدي عداوة شخصية أو طائفية أو عرقية أو مصلحية طمعاً في المكافئات والرشاوى التي تخصصها قوات الاحتلال لمثل هذه الأدوار، وربما يسجن البعض الآخر لقرب سكنهم أو محلات عملهم من المناطق التي تحدث فيها الهجمات الفدائية وأعمال المقاومة، وغالباً ما يكون سبب الاعتقال بدوافع نفاقية وعداوات لا علاقة لها بالمقاومة، ولقد أكد العديد من المعتقلين الذين مكثوا في السجن أشهر عديدة بدون أن يتم إثبات أي تهمة بحقهم، أن الكثير من المعتقلين قد تم إيداعهم السجن وبقائهم فيه مدداً غير محددة رغم تيقن الأمريكان من براءتهم من أي تهمة أو علاقة بالمقاومة، وإنما يتم الاستمرار بحبسهم لغرض التحقيق العام والشامل معهم بهدف إنشاء قاعدة معلومات ضخمة حول الواقع العراقي في كافة محاوره دون الالتفات إلى انتهاك حقوق الإنسان والتجاوز على حرية الإنسان العراقي وحقه في الحصانة القانونية وتوفير الأمن والأمان له في حده الأدنى، وقد يُنسى السجين البريء في سجنه شهوراً طويلة أو قد يموت في خضم الكثرة الهائلة للسجناء وصعوبة توفير المستلزمات والحاجات الإنسانية الضرورية لهم من الجوانب الصحية والأمنية والنفسية والقانونية وغيرها، كما إنه قد يموت من جراء التعذيب والعنف أثناء التحقيق في بعض المعتقلات التي يشرف عليها بعض الحاقدين على العراقيين كالموساد وغيرهم. وقد ثبّتت حالات عديدة من الوفيات في السجون منها وفاة أحمد عبد الله بعد تعذيبه حتى الموت ووفاة الشيخ عبد الرحيم في حي الصليخ وغيرهما، وبسبب تلك السياسة الغبية التي يمارسها الأمريكان والتي أصبحت شائعة في أحاديث العراقيين، متجاوزين فيها حقوق الإنسان وعدم ثبوت أي تهمة بحقهم وبراءة الكثير منهم، ازداد معدل الكره والحقد والازدراء للوجود الأمريكي في العراق من كافة الأطياف والفصائل دون استثناء، مع تفاقم باقي الأزمات الخانقة التي يعاني منها الشعب العراقي والفوضى والاضطراب الذي حل بالبلد بعد احتلاله، وعدم قدرة الأمريكان على إدارة البلد في إطار الحد الأدنى الذي يضمن الأمن والحق والعدل، وتفشي الفساد والبطالة والمشاكل التي ليس لها آخر، ولقد قدّر البعض عدد المعتقلين في العراق بخمسة أضعاف الرقم الذي تم اعتماده أعلاه، في حين أن الأمريكان لم يعترفوا إلا باثني عشر ألف سجين من المتهمين بالإرهاب (أي المقاومة) أو التعاون معه، وهو أمر لا يختلف كثيراً عن اعترافهم بمائة وخمسين قتيلاً خلال الحرب وخمسمائة قتيل خلال أشهر المقاومة التسعة!!..
إن التاريخ سيثبت أن خسائر الأمريكان كانت أكثر بكثير مما يتخيل بعض المتابعين للإعلام الأمريكي ذي الرواية الفريدة والوحيدة دائماً، كما سيثبت للعالم كذب الإدارة الأمريكية والبريطانية في مبرر ذهابهم سوية للحرب باختراع كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية، كما أكدته أحداث وتداعيات مقتل خبير الأسلحة البريطاني في منتصف شهر أيلول الماضي وفضيحة تورط مدير المخابرات الأمريكية في معلومة شراء العراق اليورانيوم من النيجر الكاذبة في آب الماضي وتصريحات رئيس فريق البحث عن الأسلحة العراقية الأمريكي واستقالته في أواخر شهر كانون الثاني المنصرم والتي اضطرت الرئيس الأمريكي لفتح تحقيق في صحة المعلومات الاستخباراتية المقدّمة لإدارته بشأن الأسلحة العراقية المحظـورة في 6/ شباط/ 2004م، وجعل تلك اللجنة القانونية عاملة لمدة سنة على أن تقدّم تقريرها النهائي في آذار/ 2005، لتخفيف تأثير هذه الأزمة على موقفه في الانتخابات القادمة في أواخر هذا العام.

الصفحات