أنت هنا

قراءة كتاب الدعوات القومية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدعوات القومية

الدعوات القومية

كتاب "الدعوات القومية، نشأتها – تطورها - حكم الاسلام فيها"، هذا البحث المتواضع ذكر عن نشأة الدعوة القومية، ومناهج دعاتها، وموقف الغرب من نشرها، وحكم الإسلام فيها، ولماذا اختار الله العرب لحمل رسالة الإسلام، وما موقف المؤرخين من العرب في العصر الجاهلي، وأنهي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1

مقدمة

الحمد لله حمدا يُبلّغني رضاه! والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خير من اصطفاه، وعلى آله الطيبين، وصحبه المخلصين الصادقين، وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين!.
أمّا بعد:
فما كان بودّي أن أكتب في موضوع عفى عليه الزمن، ونُكست راياته، وأخفقت شعاراته، في البلاد العربية، بعد أن ظلّ مدّة ليست بالقصيرة من الزمن رافعا رأسه هنا وهناك، وصارت له شعبية جماهيرية كبرى، حتى صار النّاس يقيسون إخلاص المخلص لأمته بقدر تحمّسه للدعوة إلى هذه القومية أو تلك: فمن القومية الطورانية التي دعا إليها (حزب الإتحاد والترقّي) في تركيا، إلى القومية الفينيقية التي دعا إليها (أنطوان سعادة) في سوريا ولبنان، إلى القومية الفرعونية التي دعا إليها عدد من الأدباء الذين يُشار إليهم بالبنان في مصر، إلى القومية الآشورية التي دعا إليها غير المسلمين في العراق، إلى القومية الكردية التي دعا إليها القوميون من الأكراد-وما زالوا كذلك- إلى القومية البربرية في الجزائر، إلى غيرها من القوميات...! وقد اختطت كل قومية من هذه القوميات وغيرها منهجا لها: فبعضها نهج منهج الأخذ برابطة الطين والأرض، كما فعل دعاة القومية السورية، وبعضها أخذ بالرابطة العنصرية: كدعاة القومية الكردية والبربرية، وبعضها نهج منهج الأخذ برابطة اللغة والتاريخ كدعاة القومية العربية... وهذه الدعوات وإن كانت أُميتت وصارت في ذمة التاريخ، إلاّ أنّها تنتفض بين حين وآخر، ويقف دعاة لها هنا وهناك يرفعون راياتها من جديد، ويدعون إليها، سواء كان الدعاة لتلك القوميات من العرب أو الأكراد أو التركمان أو غيرهم.
ولا نريد أن نميط اللثام في هذه المقدمة عن الوجوه التي كان لها الأثر الكبير في إثارة تلك النعرات القومية التي فرّقت أمتنا، ومزّقت وحدتنا، وأضعفت كياننا، حتى استبدل دعاة القومية رابطتهم القومية بالرابطة الإسلامية، فكان الشتات والضياع، وكان الضعف والهوان.!
وفي مقابل الدعوات إلى القومية العربية رفعت عقيرتها (الشعوبية الحديثة): فقد وجدت مرتعا خصبا للنيل من العرب بعد دخول قوات الاحتلال إلى العراق، حتى صار الشعوبيون يرفضون القول بأنّ العراق بلد عربي، مع أنّ ما يقرب من 80% (ثمانين في المائة) من سكانه هم من العرب، بل إنّ العراق كان عربيا في العصور الإسلامية الأولى-وما زال كذلك- وإنّ أعدادا كثيرة من القبائل العربية سكنت العراق، حتى قبل بعثة النبي محمد، وإنّ هذا البلد الذي يتنكرون لعروبته هو من المؤسسين للجامعة العربية. ولو كان (طرفة بن العبد) الشاعر الجاهلي بيننا، ورأى الشعوبية تصول وتجول بعد احتلال العراق لأنشد:
يا لكِ من قبَّرةٍ بمَعمر
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقّـري ما شِـئت أن تنقِّــري
ولابد لي أن أسجل هنا أنّ قسما من دعاة الإسلام في العراق، كانوا يتحاشون من ذكر العروبة والعرب، مجاملة للأكراد والقوميات الأخرى أولا، وكردّ فعل على حركات القومية العربية العلمانية التي أساءت في نهجها؛ فنفَّرت القوميات الأخرى ثانيا.! ولكن لا يجوز أن يكون هذا مؤديا إلى غمط النّاس حقّها، فإنّ العرب هم الذين نشروا الإسلام في بقاع الدنيا؛ ولولاهم-بعد الله- لما دخلت هذه الأمم والشعوب في دين الله.
ولا يفوتني أن أذكر أنّ هذا البحث لا يُرضي المتعصبين للفكر القومي، سواء كانوا من العرب أو الأكراد أو التركمان أو غيرهم! وهذا امر طبيعي؛ لأنّ كثيرا من دعاة القومية لا يريدون أن ينسب إلى قوميتهم أي نقص كان، فيعمل كل واحد منهم على الدفاع عنها بأي أسلوب كان. وقلّما نجد من هؤلاء من يعترف بالأخطاء التي ارتكبوها، والإساءات التي وقعوا فيها. ولا يهمني سخط هؤلاء أو أولئك، فحسبي أنّي أرضيت ضميري، وكتبت ما اعتقده صوابا، فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمنّي ومن نفسي المقصرة.
وفي هذا البحث المتواضع ذكر عن نشأة الدعوة القومية، ومناهج دعاتها، وموقف الغرب من نشرها، وحكم الإسلام فيها، ولماذا اختار الله العرب لحمل رسالة الإسلام، وما موقف المؤرخين من العرب في العصر الجاهلي، وأنهيت البحث بخاتمة. والله أسأل أن يسدد خطانا، ويلهمنا الصواب فيما نقول ونعمل، ويجمع كلمتنا تحت لواء الإسلام، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل!.
إبراهيم النعمة
بغداد في الخامس عشر من شعبان سنة 1429هـ
الموافق للسادس عشر من آب سنة 2008م

الصفحات