كتاب "الدعوات القومية، نشأتها – تطورها - حكم الاسلام فيها"، هذا البحث المتواضع ذكر عن نشأة الدعوة القومية، ومناهج دعاتها، وموقف الغرب من نشرها، وحكم الإسلام فيها، ولماذا اختار الله العرب لحمل رسالة الإسلام، وما موقف المؤرخين من العرب في العصر الجاهلي، وأنهي
أنت هنا
قراءة كتاب الدعوات القومية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
حب الإنسان لقومه ووطنه فطرة
إنّ الله فطر الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم على حب كل واحد منهم لأهله وعشيرته وقومه وأمته ووطنه. ويظلُّ هذا الحب مغروسا في قلبه ونفسه، حتى ولو أصابه من أهله وعشيرته الظلم والغبن، وقد قال الشاعر:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة
وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام
وقال آخر:
نقّل فؤادك حيث شئتَ من الهوى
ما الحـبُّ إلا للحبيـب الأوّل
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى
وحنيـنه أبــدا لأوّل مـنزل
وقال آخر:
ذكرت بلادي فاستهلّت مدامعي
بشوق إلى عهد الصبـا المتقادم
حننت إلى أرض بها اخضرّ شاربي
وقطّـع عنّـي قبـل عقد التمائم
لذلك نجد النبي صلوات الله وسلامه عليه وقد أخرجه المشركون من موطنه -وهي أحبُّ بلاد الله إليه- يحنُّ إليها، وقد خاطب مكة يوما فقال:
(ما أطيبك من بلد، وأحبّك إليّ، ولولا أنّ قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك) .
وفي المدينة المنوّرة كان النبي يدعو الله أن يحبب إليهم المدينة كما حبب لهم مكة أو أشد فقال:
(اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد).
ويدلنا على هذا-ايضا- ما كان من امر النبي-وهو في المدينة- حين يأتيه آت من مكة، فقد كان يسأله عن آخر أحوالها. فلما جاءه (أُصيل بن عبد الله الهذلي) قادما من مكة سأله النبي الكريم:
(يا أُصيل، كيف عهدت مكة؟!)
وبدأ أُصيل يصف له دروبها وأشجارها وثمارها، فتملك النبي الحنين لها،حتى بلغ مبلغ الحزن؛ فطلب منه أن يقف عن الاسترسال في وصفها قائلا له:
(حسبك يا أُصيل.. دع القلوب تقر.. لا تحزنا).
وكذلك كان صحابته الكرام الذين هاجروا هجرتهم المباركة إلى المدينة، فكان سيدنا بلال بعد أن تقلع عنه الحمى التي أصابته يقول:
الا ليت شعري هل ابيتنّ ليلةً
بواد وحولي اذخـر وجليل
وهل أرِدَن يوماً مياه مجنةٍ
وهل يبدون لي شامة وطفيل؟!.
والذي كان يشعر به النبي وصحابته انما هو فطرة فطر الله الناس عليها، يستوي فيها الناس كلهم: عربهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم ...