كتاب "الدعوات القومية، نشأتها – تطورها - حكم الاسلام فيها"، هذا البحث المتواضع ذكر عن نشأة الدعوة القومية، ومناهج دعاتها، وموقف الغرب من نشرها، وحكم الإسلام فيها، ولماذا اختار الله العرب لحمل رسالة الإسلام، وما موقف المؤرخين من العرب في العصر الجاهلي، وأنهي
أنت هنا
قراءة كتاب الدعوات القومية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
ولاء المسلم
لا يكون ولاء المسلم الا لله ولرسوله وللمؤمنين قال تعالى:
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (سورة المائدة 55).
فلا يكون الولاء للقوم ولا للأهل ولا للقبيلة ولا للجنس ولا للنسب ولا للمصاهرة إن استحبوا الكفر على الإيمان، فقد كان (أبو لهب) عماً للنبي، وهو في الذؤابة من قريش، ولما وقف موقفه ذاك من الإيمان بالله، وعدائه للنبي، نزلت (سورة اللهب) في تبيان خيبته وخسارته، وأنه سيصلى نارا ذات لهب، يقرأ هذه السورة المسلم العربي والفارسي والهندي وكل مسلم؛ فإذا كان الأمر هكذا بالنسبة لأبي لهب وهو عمُّ النبي فكيف بمن دونه؟!.
ونأتي إلى القرآن الحكيم، فنتلو قوله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( سورة التوبة 23).
وقوله:
( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) ( سورة التوبة/24).
فإن قول الله تعالى:( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ )فيه اشارة إلى رابطة الجنس والنسب.
وفي قوله:( وَأَزْوَاجُكُمْ )فيه إشارة إلى رابطة المصاهرة.
وفي قوله: (وَعَشِيرَتُكُمْ )اشارة إلى رابطة القومية او القبلية.
وفي قوله:( وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا)اشارة إلى المصالح الاقتصادية.
وفي قوله:( وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ) اشارة إلى رابطة الأرض والوطنية.
وفي قوله: ( أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ)اشارة إلى رابطة العقيدة.ورابطة العقيدة هذه، هي التي يجب على المسلم أن يكون ولاؤه لها. فإذا انساق وراء اية رابطة غيرها، فيصير قد نأى عن المنهج الذي يجب عليه أن يسير على وفقه.
وفي هذا المعنى ورد قول الله تعالى:
( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( سورة المجادلة/22).
وهكذا تحول المسلم في ولائه من تلك الولاءات إلى الولاء لله ورسوله؛ فصار الابن يقاتل أباه، والقريب يقاتل قريبه. ونجد النبي لم يهادن أقرباءه من قريش الذين كانوا وثنيين مشركين.
ولقد أدرك السياسيون الغربيون الذين عملوا في البلاد العربية والإسلامية، أن الإسلام له المكانة الأولى في قلوبهم، فلا يُقدّم شيء عليه، وانّ انتماء المسلم لا يكون إلا لهذا الدين على العكس من الرجل الغربي الذي يكون انتماؤه لوطنه. فهذا (ديلسبس) قنصل فرنسا العام في سوريا، كتب تقريرا إلى حكومته في 19/8/1965 جاء فيه:
(من أبرز الحقائق التي يلحظها من يريد درس هذه البلدان المكانة التي احتلها الدين في نفوس الناس، والسلطة التي له في حياة الناس. فالدين يظهر في كل مكان وفي كل أمر ففي المجتمع الشرقي يظهر أثر الدين في الأخلاق العامة، وفي اللغة وفي الأدب، وفي جميع المؤسسات الاجتماعية. والرجل الشرقي لا ينتمي إلى وطن ولد فيه -الشرقي ليس له وطن- بل إلى الدين الذي ولد فيه. وكما أنّ الرجل في الغرب ينتمي إلى وطن، فإنّه في الشرق ينتمي إلى دين، وأمة الرجل الشرقي: هي مجموعة الناس الذين يعتنقون الدين ذاته الذي يعتنقه هو، وكل فرد خارج عن حظيرة الدين هو بالنسبة إليه رجل أجنبي غريب).