أنت هنا

قراءة كتاب الدعوات القومية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدعوات القومية

الدعوات القومية

كتاب "الدعوات القومية، نشأتها – تطورها - حكم الاسلام فيها"، هذا البحث المتواضع ذكر عن نشأة الدعوة القومية، ومناهج دعاتها، وموقف الغرب من نشرها، وحكم الإسلام فيها، ولماذا اختار الله العرب لحمل رسالة الإسلام، وما موقف المؤرخين من العرب في العصر الجاهلي، وأنهي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5

حكم الإسلام في العصبية

إذا اردنا معرفة الحكم الشرعي في اية قضية كانت من القضايا، فلا بد لنا ان نرجع إلى مصادر تشريعنا، وأولها القرآن، وثانيها السنة النبوية، فماذا يقول القرآن في أمر العصبية القومية؟
يقول الله :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )الحجرات/13
والاية صريحة في مبدأ المساواة بين البشر؛ فان الله -سبحانه وتعالى- خلق الناس من أب واحد وأم واحدة: فهم متساوون في أصل الخلقة؛ فلا وجه للتفاخر بين الناس بالنسب أو اللون أو الجنس.
ويقول تعالى:
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )(سورة النساء /1)
وحين نقرأ اسباب نزول بعض ايات القران، نرى أن الله-سبحانه- يؤكد على هذا الجانب، فقد روى ابن جرير بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:
(مر الملأ من قريش بالنبي، وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين؛ فقالوا: يا محمد، رضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء الذين منَّ الله عليهم من بيننا؟! أنحن نكون تبعا لهؤلاء؟! اطردهم عنك؛ فلعلك إن طردتهم ان نتبعك؛ فنزلت هذه الاية:
( وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ )
أما النبي ، استهداءا بمنهج القرآن الكريم، فقد طفر بالامة طفرة في محاربته للتعصب القومي لم يسبقه اليها سابق ولم يلحقه لاحق، وذلك في جانبين اثنين :
أولهما: التطبيق العملي لحقيقة المساواة بين العناصر والاجناس والالوان، فساوى بين العربي والأعجمي، والأسود والأبيض، والقوي والضعيف... فآخى بين المهاجرين والانصار، والضعفاء من غير العرب وكبار الصحابة من العرب: فآخى بين مولاه زيد بن حارثة وعمه حمزة بن عبد المطلب، وآخى بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، وآخى بين خارجة بن زيد وأبي بكر الصديق، وآخى بين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان، وآخى بين بلال الحبشي وأبي رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي. ولم يكتف النبي الكريم بهذا، بل ساوى بين الناس كلهم في الوظائف، فجعل بلالا والياً على المدينة في وقت كان فيها كبار الصحابة، وجعل أسامة بن زيد قائدا على جيش فيه ابو بكر وعمر...هذه المساواة التي طبقها النبي هي التي جعلت الموالي من غير العرب يتسنمون -فيما بعد- أعلى المكانة في الفقه والعلم والسياسة...
ثانيهما: أحاديثه الشريفة التي وضعت حدا لأي تعصب قومي كان، من ذلك:
1- عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله :
(من قتل تحت راية عميَّة، يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلة جاهلية).
2- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله:
(...ومن قاتل تحت راية عُميَّة، يغضب لعصبةٍ، او يدعو إلى عصبة، فقتل، فقتلة جاهلية...).
3- عن جبير بن مطعم أنّ رسول الله قال:
(ليس منّا من دعا إلى عصبية، وليس منّا من قاتل على عصبية، وليس منّا من مات على عصبية).
4- عن ابن مسعود قال: قال رسول الله:
(من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردّي، فهو يُنزع بذنبه).
5- (لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنّما هم فحم جهنّم، أو ليكوننّ أهون على الله من الجُعل الذي يدهده الخراء بأنفه. إنّ الله قد أذهب عنكم عِّبيّة الجاهلية، إنّما هو مؤمن تقي وفاجر شقي. النّاس كلهم بنو آدم، وآدم خُلق من تراب).
6- عن ابيّ بن كعب قال: قال رسول الله:
(إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا).
7- روى الحافظ ابن عساكر بسنده إلى الإمام مالك قال:
جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، فقال: هذا الاوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل، فما بال هذا، فقام إليه معاذ بن جبل بتلبيبه، ثم أتى النبي فأخبره بمقالته فقام النبي مغضبا يجر رداءه حتى أتى المسجد ثم نودي أن الصلاة جامعة، وقال النبي: (يا أيها النّاس إنّ الرب واحد، والأب واحد وإنّ الدين واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم وإنّما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي).

الصفحات