أنت هنا

قراءة كتاب نافذة على الحداثة - دراسات في أدب جبرا إبراهيم جبرا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نافذة على الحداثة - دراسات في أدب جبرا إبراهيم جبرا

نافذة على الحداثة - دراسات في أدب جبرا إبراهيم جبرا

يتناول الدكتور عيسى بلاّطة، أستاذ الأدب العربي في جامعة ماكجيل بمونتريال / كندا، في هذا الكتاب مؤلفات صديقة الراحل جبرا إبراهيم جبرا بالتحليل والدراسة في خمس مقالات نقدية، ويبين دوره الفعّال في إرساء الحداثة في الأدب العربي المعاصر، بصفتها نابعة من أصالة ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

وفي قصيدة غريب على العين مزيد من هذا الأمل بالغد· فورقة العشب قد شقّت الحجر، وصيحة الديك جلجلت وشقّت الظلام، وجرّت الشمس من شعرها وأعلنت سطوة النهار· لقد انهمر الغيث على الأرض الموات أصابعَ غرزت أظفارها أشجارً وردٍ في دم الشاعر· وظهرت معالمُ طريق الخلاص: إنه يؤدّي من البيت إلى الجلجلة، من فرشة الأحلام إلى الصليب (ص 4 3 )· يجب أن نموت موت الفداء، يجب أن يكون جيلُنا الحاضر جيلُ التضحيات بل جيلَ الضحايا حتى يكون لنا الغد المشرق:
لا الليل يملك الآن خفّاشه
ولا الصبح يُنذر بالموت العتيد·
فعلى الجبل، حيث أقيمت خشبةُ الوعيد،
انفجرت صرخةُ الماء هلاهل
وخيول الليل البربريّة صهلت
على شفاء المنهل القرير·
وغريبٌ في وجهه غمّازتان، في
شَعره طعمُ البيادر،
وفي فمه صيفُ الكرم،
راح يغمس قدميه في السيل
ويصيح: لمن خيولُ الليل هذه ؟
لمن إلا لغريبِ حوّل الوقت دوائر
وقبّل إكليلَ الشوك حتى
جُنّتِ الخيلُ والليلُ وساعاتُ المدينة كلُّها ؟ (ص 5 3 ــ 6 3 )·
والغريب هنا هو الشاعر وكلّ من وقف موقفه بل فعل فِعله وعرف طريق الخلاص بموت الفداء الذي يتبعه البعث والخصب والحياة الفضلى· وإنما هو غريب لأنه يرفض مفاهيم الواقع المعاصر وقيمَه التي يقبلها مَنْ حوله في موتهم الروحيّ·
هذه الرمزية في شعر جبرا إبراهيم جبرا إذن نبعيدةٌ عن الغموض والتعمية· لكنّها تحتاج كما قلتُ سابقاً إلى درجة كبيرة من الإرهاف والوعي لدى القارئ، لكي يتجاوب مع مضامينها المتفجّرة، لأن جبرا يعبّر عن نفسه بالصور الموحية الدافقة من أعماق ذاته ويخاطب بها أغوار القارئ· فإذا كان القارئ مستعدّاً لهذه العملية خرج من المدار المغلق بثروة روحيّة تغذّي فيه ثورةً يحدوها الأمل·

الصفحات