أنت هنا

قراءة كتاب التنافس الأمريكي - الصيني في القارة الإفريقية بعد الحرب الباردة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التنافس الأمريكي - الصيني في القارة الإفريقية بعد الحرب الباردة

التنافس الأمريكي - الصيني في القارة الإفريقية بعد الحرب الباردة

التنافس الدولي على إفريقيا يحتاج إلى مراجعة شاملة خصوصا أنها أخذت تكتسب بعدا استراتيجيا متزايدا في السنوات الماضية وخصوصا بعد الحرب الباردة، إنها ليست مجرد قارة تحتل موقع استراتيجي أو أنها تحتوي على مضائق مهمة (مضيق جبل طارق، مضيق باب المندب) ورئيسية في طرق

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 6

ثالثا: الواقعية الهيكلية والاقتصاد الدولي

" بنى والتز نظرية الواقعية الهيكلية (Structural Realism ) على أساس نظرية الاختيار العقلاني (Rational Chose) المستوحاة من علم الاقتصاد الجزئي. ووفقا ل والتز إن الأنظمة السياسية الدولية مثلها مثل الأسواق الاقتصادية، فردية في الأصل، وتخلق بشكل عفوي وغير مقصود، وتتكون الهياكل في كلا النظامين عن طريق تعاون وحداتها، ويعتمد عيش وازدهار أو موت تلك الوحدات على جهودها الخاصة. ويعتمد تكوين وبقاء كلا النظامين على أساس مبدأ الاعتماد على الذات الذي ينطبق على الوحدات، وان القول بتشابه هذين المجالين هيكليا، لا يعني إعلان تطابقهما التام.
من ناحية أخرى، إن معرفة عدد القوى العظمى في أي فترة أو حقبة زمنية مشابها لمعرفة الشركات الكبرى التي تكون قطاعا احتكاريا في أي اقتصاد. والاقتصاديون متفقون على أنه كلما كان مجموع أعداد الشركات في أي قطاع كبيرا، فانه يمكن فهم تفاعلاتها، ليس من خلال تنبؤ كامل، وإنما من خلال نظريات حول الاحتكار، ويمكن فهم السياسة الدولية بنفس الطريقة.
وفي تفسير هذه النقطة هو أن تأثير النظام الدولي على استراتيجيات الدول المؤسسة له بنفس قدر تأثير السوق على خطط الشركات، ففي ظل التنافس السوقي تختار بعض الشركات عدم التورط في استراتيجيات طويلة الأجل، لتولد قليلا من الأرباح قصيرة الأجل ولكنها أكثر ضمانا. وقد تتبنى الشركات تكتيكات وأساليب مختلفة، ولكن ينبغي على المرء ألا يلقي جانبا الافتراض النظري والحيوي للمنطق الاقتصادي للسوق، إذ أن الشركات تسعى إلى تحقيق الحد الأقصى للربح، وكذلك في البيئة الدولية الفوضوية التي تفتقر إلى تسلسل السلطة، تجد الدول نفسها مدفوعة – بالإلحاح التنافسي للنظام – إلى زيادة نفوذها إلى الحد الأقصى، ومنع الدول الأخرى من انتهاز هذه الفرصة بدلا عنها.
يرى والتز أن مؤثرات الاعتماد المتبادل تكون متساوية فقط في حالة المساواة بين كل الدول، وإلا فان آثاره ستكون ضعيفة، إذ أن الدول الغنية كالولايات المتحدة الأمريكية، تتيسر لها سبل كثيرة لحل مشكلة ما لكونها تملك المقدرة على مقابلة التكاليف مهما كانت، ولكن الدول الفقيرة لا يمكنها فعل ذلك. والنتيجة أن عدم المساواة يوجد فارقا بين الدول الغنية والفقيرة إزاء الأهداف الدولية، ومعنى ذلك: أن النظام العالمي يخضع لاعتماد متبادل وثيق أو اعتماد متبادل بسيط بحسب اعتماد الدول العظمى بدرجة عالية أو بدرجة متدنية على التوالي. الدول الكبرى أقل اعتمادا على الدول الأخرى مما كان عليه الحال قبل الحرب العالمية الثانية، وبالتالي تعد درجة الاعتماد المتبادل ضعيفة إلا في جوانب ظاهرة النمو في عمليات التجارة والاستثمار الدوليين، وقد تجاهل منظرو الاعتماد المتبادل حقيقة تأثير النظم العالمية على هذه الظاهرة ".
- كيفية توظيف المنهج:
من خلال الإطار النظري لكينث والتز سيتم الأخذ باعتبار أن الدول الكبرى تعمل على تحقيق مصالحها وأهدافها على أساس انه لايوجد هناك ما يمنعها من تحقيق ذلك وباستخدام الوسائل المتعددة لتحقيق أهدافها، وبحسب مفهوم الفوضى عند والتز.
يمكن تمثيل العلاقة التالية:
النظام يسود بين الدول المتكافئة في القوى:
دولة كبرى ? دولة كبرى
الفوضى تحدث بين دولة كبرى ودولة صغيره و لا يوجد تكافئ:
دولة كبرى ? دولة صغيره
وبناءا على هذه العلاقة يمكن تناول سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية الصين الشعبية في البناء الفوضوي، والأساليب المتبعة والتي تتعارض أحيانا مع المبادئ ألعامه للنظام بشكل عام. ووفق مقولة عدم التكافؤ في القوى وبالتالي تأثير يأتي من طرف واحد ومن ثم تحليل سلوك هذه الدول وفق تصور انه لا يوجد سلطة فوق سلطة الدولة، كأسلوب في تطبيقها لسياستهما (قطبي التنافس) الخارجية تجاه القارة الإفريقية وعلى أساس أن الدول الإفريقية دول صغرى.
وفي التطبيق العملي مثلا قياس مدى تأثير المساعدات الاقتصادية المرتبطة بشروط محددة في الدول الصغيرة، كوحدة تحليل وقياس، كما سيتم توظيف نظرية الاقتصاد الدولي من خلال الربط بين توجهات الدولة نحو قطاع محدد، فمثلا معرفة توجهات الولايات المتحدة الأمريكية في إقامة علاقات مع دولة تمتلك البترول يجعلنا ندرك توجه هذه الدولة في هذا القطاع كنمط مشابه للشركات في الأسواق الاقتصادية كل شركة تختص بقطاع معين وتكون محط اهتمامها.
الدول الكبرى في البناء الفوضوي تبحث على اكبر قدر من المنفعة والاندفاع نحو تحقيق اكبر قدر من السيطرة على الوحدات السياسية الصغيرة والأقل قدرة في الوقوف أمامها، وبالتي تستجيب الدول الصغيرة لرغبات هذه الدول الكبرى إما بالترغيب (المساعدات والمعونات) أو الترهيب (عقوبات وتهديد).
أما بالنسبة للشركات المتعددة الجنسية والمنظمات (الدولية والإقليمية) تلعب دور وسيط أو مساعد لرغبات وأهداف الدول الكبرى تجاه الدول الصغرى. فمثلا عقد اتفاقية بين الصين والاتحاد الإفريقي ككتلة يلبي مصلحة الصين بالدرجة الأولى. أيضا الشركات العالمية المرتبطة بالدولة الأم من مصلحتها أن تلعب هذه الدولة الكبرى في إقامة علاقات جيدة تجاه الدولة العاملة فيها، وعلى هذا الأساس سيتم تناول منهج الواقعية الجديدة في التحليل والقياس لهذه الدراسة.

الصفحات