هذا كتابي الثاني بعد كتاب «صناعة شهود الزور»؛ وللمفارقة فإنَّ ما احتواه الكتاب الأول شرح مسبقاً الأحداث التي اهتم بها هذا الكتاب، خصوصاً في مسألة الصراع على سوريا وفي سوريا.
قراءة كتاب الوجه الآخر للثورات العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مدخل
المكان: البيت الأبيض، الزمان 20 آب عام 2004. اجتماع فرنسي أميركي للانتهاء من مسودة مشروع القرار1559.
جلس (فيليب غوردو مونتانيه) مستشار الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى مائدة غداء مستشارة الأمن القومي الأميركي حينها (غونزاليسا رايس) لوضع اللمسات الأخيرة على مسوَّدة القرار 1559 التي تطالب سوريا بالانسحاب من لبنان ونزع سلاح حزب الله .
قال (غوردو مونتانيه): إنَّ سوريا تسعى بشكل جدي وحثيث للتمديد لحليفها الرئيس اللبناني حينها العماد إميل لحود، وإنَّ رفيق الحريري صديق جاك شيراك أبلغ الفرنسيين أنه استدعي إلى دمشق، ليكون أمام الأمر الواقع.
بدأ مونتانيه بشرح أهداف مشروع القرار، وخصوصاً نزع سلاح حزب الله والميليشيات الأخرى، وانسحاب القوات السورية من لبنان ونشر الجيش اللبناني على طول الخط الفاصل مع فلسطين، وطمأن الفرنسي مضيفته الأميركية أنَّ الروس سوف يوافقون على مشروع القرار، وذلك خلال اللقاء المرتقب عقده بين جاك شيراك وفلاديمير بوتين في سوتشي يومي 30 و 31 آب 2004.
وأضاف: إنَّ فرنسا حصلت على موافقة إسبانيا وباكستان ومصر الأعضاء في مجلس الأمن في تلك الفترة؛ ولم يبقَ أمامها سوى العقدة الصينية، حيث تتصلب بكين بكل شيء يمس سيادة الدول، مشدداً أنَّ علينا العمل بسرعة قبل أن تنجح دمشق في إعادة انتخاب إميل لحود، وتفرض على الغرب أمراً واقعاً.
أكدت كونزاليسا رايس أنَّ همَّ بلادها هو تأمين الحدود السورية العراقية، والتطبيع مع سوريا، بينما قال الفرنسي إنه علينا العمل لإنجاح عملية السلام في الشرق الأوسط، فتدخّل (ايليوت أبرامس) الذي كان حاضراً وقال: أين هي المصلحة الأميركية في عملية السلام في الشرق الأوسط؟ إنَّ الانتصار الأميركي في الحرب الباردة وفي حرب الخليج هو الذي رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط الحالي، وعلى أساس تجارب السياسة الأميركية هذه بات الآن يمكن تصور شرق أوسط تبتعد فيه سوريا المصابة بالوهن والضعف عن إيران، وتعقد اتفاق سلام مع إسرائيل يثبت الحدود الحالية، وتكون القوة الإستراتيجية الإقليمية مرتكزة على تحالف إسرائيلي – تركي..
بعد سبع سنوات من هذا الاجتماع في آب 2011، كان رئيس الوزراء التركي يطالب الرئيس الأسد بالتنحي، كما فعل شيراك وبوش عام 2004. وفي كانون أول من العام ذاته، سحبت الولايات المتحدة قواتها من العراق، لتبدأ قصة أخرى مع سوريا وإيران والمنطقة، هي قصة الربيع العربي التي سوف نتحدث عن وجهها الآخر في هذا الكتاب..