قراءة كتاب الوجه الآخر للثورات العربية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوجه الآخر للثورات العربية

الوجه الآخر للثورات العربية

هذا كتابي الثاني بعد كتاب «صناعة شهود الزور»؛ وللمفارقة فإنَّ ما احتواه الكتاب الأول شرح مسبقاً الأحداث التي اهتم بها هذا الكتاب، خصوصاً في مسألة الصراع على سوريا وفي سوريا.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

الملف الأول

الحرب على ليبيا

زعيم.. زعيم...

زعيم ... زعيم.. لقد وفيت بوعدي وها قد أتيت. يجب أن تشتري طائراتي الميراج، وأنا سوف أشتري منك مخزونك من اليورانيوم الذي لا تحتاجه... خاطب الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي العقيد معمر القذافي الذي أجاب ضيفه قائلاً: لقد كانت سفرة متعبة، ألا تريد أن تنام، ونبحث الموضوع غداً، فأجاب ساركوزي: أنا بأحسن حال، ولست متعباً، ويجب أن ننهي الأمر حالاً من دون تأخير (1).
حصل هذا الاجتماع السري ذات يوم من أيام تموز عام 2007 في خيمة العقيد معمر القذافي في باب العزيزية في طرابلس الغرب؛ لم تتم الصفقة ولم يشترِ القذافي طائرات الميراج الفرنسية، وهذا ما سبب غضب نيكولاي ساركوزي عليه، هذا الغضب الذي ازداد بعدها بأيام قليلة حين استضافت باريس مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط، وكان من بين الضيوف العقيد معمر القذافي الذي أثار حفيظة الفرنسيين، وخلق لدى ساركوزي شعوراً بالإهانة الشخصية كونه نصب خيمته في وسط ساحة الكونكورد على مقربة من قصر الإليزيه والسفارة الأميركية. شكلت زيارة القذافي هذه واستفزازاته نقطة البداية في تراجع شعبية ساركوزي بحسب استطلاعات الرأي العام، والتي لم تعد إلى الارتفاع قطّ.
بعدها بخمس سنوات كانت طائرة (رافال) فرنسية تقصف موكب القذافي أثناء فراره من مدينة سرت، قبل أن يقتل الرجل على يد الثوار الذين تلقوا أمراً بتصفيته بناء على قرار أميركي فرنسي.
برنارد هنري ليفي: الرئيس يريد ضربات جوية

نهار الجمعة 4 آذار عام 2011 بدأ (برنار هنري ليفي) رحلة حوّلته من منظِّر يدّعي الفلسفة (كما يقول باسكال بونيفاس في كتابه: المزيفون) إلى فاعل مقرر في الدبلوماسية العالمية. فبعد أن أمضى وقتاً طويلاً أمام مبنى المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي يبحث عن الناطق الرسمي باسم المجلس (مصطفى عبد الجليل) تمكن من الوصول إلى فيلا هذا الأخير الذي كان وزيراً للعدل في نظام القذافي، وأصبح الزعيم السياسي للثوار الليبيين، فخلع ليفي سترة الصحافي، وانتقل مباشرة إلى العمل الدبلوماسي الموازي والسري، عندما استقبله عبد الجليل محاطاً بأعضاء حكومته(2). وبعد مدحه الثورة الليبية، قدم ليفي دعوة إلى المجلس لزيارة فرنسا واعداً إياهم بإيصالهم إلى قصر الإليزيه. وقد تمكّن، مساء ذلك اليوم، عبر جهاز هاتفه الموصول بالأقمار الصناعية من التواصل مع الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وسأله: هل يمكنك استقبال (مسعوديي) ليبيا في إشارة إلى أحمد شاه مسعود، فوافق هذا الأخير فوراً. وفي السابع من آذار استقبل ساركوزي في قصر الإليزيه برنار هنري ليفي العائد تواً من بنغازي، واتفق الرجلان على القيام بحملة قصف مركزة على المطارات الليبية ترافقها عملية تشويش على الاتصالات التابعة لنظام القذافي(3). وبعد ثلاثة أيام، أي في العاشر من آذار عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً استقبل الرئيس الفرنسي، برنار ليفي يرافقه ثلاثة من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي، وإلى جانبه، مستشاره جان دافيد ليفيت (عرّاب القرار 1559)، فأخبرهم أنَّ فرنسا تعترف بالمجلس كممثل شرعي لليبيا. ليفي الذي حضر الاجتماع غادر القصر من باب خلفي، وبعد عشر دقائق تلقى اتصالاً من ساركوزي قوّما خلاله الاجتماع، ومن ثم طلب إليه الكلام عن كل ما سمع وشاهد، ولم يتأخر ليفي في المهمة، فتحدث عند الساعة السابعة من اليوم ذاته على إذاعة «أوروبا 1» معلناً أن الرئيس ساركوزي يريد ضربات جوية استباقية ضد قوات القذافي(4).
أما قصة ذهاب برنارد هنري ليفي إلى بنغازي، فترويها مصادر ليبية معارضة في باريس إضافة إلى مصادر موثوق بها من جمعيات عربية وفرنسية تابعت الحرب في ليبيا. وقد أخبرتنا هذه المصادر تفاصيل لم تقم الصحافة الفرنسية بنشرها عن كيفية وصول ليفي إلى ليبيا، لكن المعلومات تفيد أنَّ محمود جبريل هو الذي اصطحب ليفي إلى بنغازي، وجمعه مع (مصطفى عبد الجليل). وجبريل هذا هو مسؤول سابق في جهاز الأمن الليبي أوكله العقيد معمر القذافي مهمة الاتصال بإسرائيل، وقد قام بالمهمة لسنوات طويلة لمصلحة القذافي قبل أن ينضم إلى صفوف الثوار، ويقدم خدماته لهم في المجال ذاته. فالمصادر تصف محمود جبريل بأنه رجل من الصف الأول، يتمتع بعلاقات واسعة مع جهات قوية في إسرائيل سخرها في التواصل بين القذافي والصهاينة، وها هو يوظفها من أجل بناء تواصل مريب وغير مفهوم بين المجلس الانتقالي في بنغازي والصهاينة، وقد أصبح جبريل فيما بعد نائب رئيس المجلس الانتقالي في بنغازي.
بعض المصادر الفرنسية المقربة من اللوبي الكاثوليكي قالت لنا أيضاًإنَّ لإسرائيل رجالاً يطلق عليهم (الإلكترونات الحرة)، وبرنارد ليفي أحد هذه الإلكترونات التي تحركها إسرائيل في أوقات الأزمات التي لا تريد أن تظهر فيها بشكل مباشر. من جهته علّق موقع (الدفاع ـ اورغ) العسكري، والقريب من اليمين المسيحي على زيارة برنارد ليفي إلى بنغازي بالقول: لقد نسي برنارد هنري ليفي رقم هاتف السفارة الإسرائيلية موقتاً، وانخرط في ليبيا على أن يعود لتذكر هذا الرقم في وقت لاحق(5).
إنها إحدى مفارقات التحالف الفرنسي القطري (برنارد هنري ليفي) في فرنسا و(عزمي بشارة) في قطر؛ واجهتان تجمعهما قضية الانتساب إلى اليسار، وإطلاق صفة المفكر على كليهما إضافة إلى علاقتهما بإمارة قطر، التي قدّمت لهما عشرات الملايين من الدولارات، أما الوظيفة فهي سمسار دولي لتشريع استخدام الأطلسي قوته العسكرية، والتدخل في العالم العربي بحجة الديمقراطية وحقوق الإنسان وربيع العرب.

الصفحات