هذا كتابي الثاني بعد كتاب «صناعة شهود الزور»؛ وللمفارقة فإنَّ ما احتواه الكتاب الأول شرح مسبقاً الأحداث التي اهتم بها هذا الكتاب، خصوصاً في مسألة الصراع على سوريا وفي سوريا.
قراءة كتاب الوجه الآخر للثورات العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أوباما: «سيدي الرئيس، أحتفظ لنفسي بحق الاتصال بك قبل ذلك إذا لم تتطور الأوضاع نحو الأحسن».
هنا بدأ أوباما بالضغط المباشر على مبارك بالقول:
«سيدي الرئيس، أنا دائماً أحترم الأكبر مني سناً. أنتم تعملون بالسياسة منذ وقت طويل جداً ولكن هناك أوقات في التاريخ ليس لأن الأمور سارت بطريقة ما في السابق سوف تسير بالمسار نفسه في المستقبل. لقد خدمتم بلادكم 30 عاماً وانا أريد أن تغتنموا هذه الفرصة التاريخية»(20).
كان هذا الاتصال بمثابة التحول الكبير في موقف أوباما الذي جمع مستشاريه على الفور وأبلغهم ضرورة العمل بسرعة على إجبار مبارك على التنحي، وطلب إلى كل واحد منهم الاتصال بمعارفه في مصر والعالم العربي وتشغيل اللوبي التابع له في سبيل تحقيق هذا الهدف.اتصل (روبيرت غيتس) بطنطاوي وأقنعه بالتخلي عن مبارك، فيما كان جو بايدن وهيلاري كلينتون يمارسان الضغط على (عمر سليمان) الذي بدأ يلين من موقفه وقبل بتنحي مبارك.
في الوقت ذاته بدأ ضباط الجيش المصري يتلقون رسائل عبر البريد الإلكتروني من ضباط أميركيين تدربوا وإياهم، وأجروا معاً دورات في الولايات المتحدة. وكانت الرسائل تحذرهم من إطلاق النار على المتظاهرين، وعدم الدفاع عن رئيس مريض سوف يكون ابنه خليفة له مع أنَّ هذا الابن لا يحظى بثقة الجيش. حافظوا على علاقتكم مع شعبكم في هذا الوقت العصيب. كانت تلك رسالة واحدة أرسلها ضباط الجيش الأميركي إلى معارفهم من ضباط الجيش المصري.
أخذ الجيش المصري بتحذيرات الجيش الأميركي وأثمرت الضغوط عن وعد من طنطاوي وعمر سليمان باستقالة الرئيس. صبيحة اليوم التالي للاتصال بين أوباما ومبارك جرت معركة الجمال في ساحة التحرير، التزم الجيش المصري جانب المتظاهرين ولم يطلق النار عليهم.
استكمل أوباما عملية الضغط على مبارك، وأرسل أسطورة الدبلوماسية الأميركية (فرانك ولستر) إلى القاهرة حاملاً رسالة واضحة إلى حسني مبارك بضرورة التخلي عن السلطة. حمل (ولستر) الرسالة، وفور وصوله إلى القاهرة تم نقله الى القصر الرئاسي؛ أبلغ الرسالة إلى حسني مبارك مدعوماً بموقف الجيش المصري..
بالنسبة إلى أميركا سقط مبارك وبقي النظام(21).
هي الحرب السهلة التي عرف ساركوزي خوضها في ليبيا، فليس للعقيد جيش قوي ولا حتى بنية جيش؛ فالزعيم كما ناداه ساركوزي في أحد أيام تموز عام 2007 حطم الجيش الليبي لمصلحة ميليشيات أنشأها لأبنائه كان يطلق عليها كتائب القذافي..
يقول كريستيان شينو الصحافي في إذاعة فرنسا الدولية إنَّ أحد أسباب التسرع الفرنسي في التدخل العسكري ضد ليبيا هو إثبات قدرة طائرة (الرافال) الكبيرة. ويضيف إنَّ سقوط طائرة واحدة من هذا الطراز في ليبيا يعني الكارثة لصناعة الطائرات الفرنسية ولساركوزي شخصياً لأنَّ عروض بيع هذه الطائرة العسكرية الفرنسية كانت السمة المشتركة لكل زياراته الخارجية(22).
هذا الحسم والتسرع في قرار الحرب على ليبيا لم يتوافرا في سوريا، ما اقتضى طريقة أخرى في التعاطي مع الأحداث هناك تعتمد على تشجيع الحراك المسلح حتى تصل الأمور إلى العفن المحلي والانهيار من الداخل، كما تحدث السفير الفرنسي في دمشق في إحدى جلساته الباريسية(23).