رواية "امرأة من ظفار"، تفتحت أكمام مشتل أزهار بامتداد السهول والربى والتلال، ومن قمم الجبال حتى الوديان السحيقة كان ثمة عبير فواح يأتيك مع النسيم العليل، فتنبعث حلقات الشعراء يتبارون بـ «المشعير» والـ«دبرارت» مرددين أشعار الحب الرقيقة، وحكايات المحارب الحمي
أنت هنا
قراءة كتاب امرأة من ظفار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
(8)
مرّت أفراح العرس بسهولة ويسر، التفّت فتيات الحارة حول سريري يرقصن ويزغردن، نحر الرجال الذبائح، وجاء أفراد من قبيلة المعاميري في صفوف منتظمة يرقصون «الرزحة» ويطلقون الأعيرة النارية، وهم يرددون الأهازيج في مدح قبيلة أبي، كانت تلك مجاملة لطيفة سُرَّ أبي بها كثيراً، فأبي مهما كان متسامحاً ومتساهلاً فهو ينتمي إلى مجتمع القبائل.
في منتصف الليل أدخلوه إلى حجرتي، كنت مرهقة في غاية النعاس، وفجأة أغلق رتاج الباب، خلع إزاره، وجاءني عارياً مشوشاً ومضطرباً، خاطبته باللهجة الشحرية الظفارية فلم يفهم، وازدادت حيرته ومخاوفه، فطالبته بصيغة حاسمة أن يلبس إزاره، تحادثت معه قليلاً، وأبلغته أنني متعبة ومرهقة وأن عليه أن يصبر وأن لا يتصرف كوحش.
كان ذلك التصرف ثمرة نصائح صديقتي «فوطمت» الثمينة، ترويض الوحش من أجل السيطرة عليه.
بدا علوان يائساً ومحبطاً، وأخيراً خمدت نيرانه وخرَّ صريع النعاس على الوسادة. شعرتُ بالزهو فأنا التي تدير حلبة الصراع وتقرر المسائل.
أشفقت عليه فأيقظته من سباته ودعوته لإغفاءة على السرير، في السرير هاج وماج وأنَّ وبكى وفي الأخير انقضَّ عليَّ وأفرغ «ماءه» في فخذي.
عندما جاءت النسوة لإيقاظنا بدا وكأنه سيقع من التعب، ضحكت النسوة، بيد أنه همس في أذني وهو يهم بارتداء ثيابه:
- إن ريح الشمال تغلب ريح الجنوب.
ظل يردد ذلك دوماً
في محنته وأساه
في مسراته وأفراحه
في يقظته وسباته
بكلمات متقطعة
وبعبارات فصيحة
كان ذلك كلاماً خطيراً
وذلك ما سيتضح في مقبل الأيام.