أنت هنا

قراءة كتاب امرأة من ظفار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
امرأة من ظفار

امرأة من ظفار

رواية "امرأة من ظفار"، تفتحت أكمام مشتل أزهار بامتداد السهول والربى والتلال، ومن قمم الجبال حتى الوديان السحيقة كان ثمة عبير فواح يأتيك مع النسيم العليل، فتنبعث حلقات الشعراء يتبارون بـ «المشعير» والـ«دبرارت» مرددين أشعار الحب الرقيقة، وحكايات المحارب الحمي

تقييمك:
3
Average: 3 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

(10)

رحل أبي وأمي وأخوتي إلى الريف، وقعدت وحدي في المدينة، حتى جارنا سعيد لم يعد أحد يراه، كان كما أخبرتني أمي عن أبي يختفي طويلاً، ربما في سفر طويل، وربما في الكهوف والغابات، كل شيء بدا غامضاً وعرضة للأقاويل والشائعات.
علوان أيضاً بدا متوجساً، كان يوصد الأبواب في الليل، ويحشو بندقيته بالطلقات.
سألته:
- لم كل هذا؟
فأجاب:
- نحن عسكر.
كنت سعيدة بأنني ربة هذا البيت، وبعلوان وبندقيته التي لا أظن أنها قابلة لأن تطلق طلقة واحدة، ومع ذلك كان مقنعاً حين قال لي:
- إن أثرها يكفي.
طلبت منه أن يستبدل السكين البائسة التي يربطها في وسطه بخنجر تليق بابن عقيد العسكر.
فأوضح لي:
- آه لو تعلمين، ها هو راتب السلطان لا يكفي حتى لإطعام دابة ومع ذلك فإن علينا نحن العسكر أن نتسلح حتى بالمدى للدفاع عن أنفسنا، فرجال الجبال شرسون، ولا يرحمون.
وأضاف:
- نحن أكثر بؤساً منهم، لديهم الحليب واللحم، نحن ماذا لدينا؟
كان صوته مختنقاً وبائساً، سألته:
- لم لا تشرح ذلك لأبي؟
تمتم:
- أبوك متورط.
لم أفهم، بيد أن ذلك كان يعني الكثير.
مرباط صيف هذا العام كانت رائعة ووديعة وذات طعم خاص، امتلأت شباك الصيادين بخيرات البحر، أجود أسماك المحيط الهندي بأرخص الأثمان، كان علوان يحمل حمولته من الأسماك، وأتكفل أنا بالشواء في تنور مشترك مع جارتنا السمينة كما البقرة «محبيت» زوجة جارنا سعيد.
كانت رائحة الشواء تفوح من كل حارة وبيت، أظهر علوان سعادة فائقة وكان مرحاً ولطيفاً وفاض مرحه وحبوره علينا جميعاً نحن والضيوف المتحلقين حول نار التنور المباركة.
في ليلة من ليالي الشواء فاجأنا سعيد بحضوره البهي.
سألته عن الأحوال فأجابني:
- في أحسن حال.
- وهل لديك أخبار عن أبي؟
- هو الآخر بأحسن حال.
- وأين تختفيان؟
- كيف؟
قال لي علوان:
- إن أبي متورط، ماذا يعني ذلك؟
لم أرَ في حياتي سعيداً بمثل هذا الهياج والارتباك:
- حاولي أن تستدرجيه.
- لماذا؟
- لابد أنه سمع ذلك في مجلس أبيه.
تقدم شابان نحونا فانقطع حبل حديثنا. في الصباح ذهبت أبحث عن سعيد فقيل لي إنه:
- رحل !!

الصفحات