أنت هنا

قراءة كتاب أنثاه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أنثاه

أنثاه

رواية "أنثاه"؛ مفترق طرق، حينما نتأمل الطرق ونعتمي درباً سلكناه، فسواء كنا فيه نوراً يضاهي شدة ظلام أو بعض رماد لفتات احتراق، فإننا نحتاج دوماً إلى وضوح صورة أن نكون أو لا نكون؛ فالتمسك بأوسط الصور قد لا يسمن ولا يغني من جوع، إما بداية وإما نهاية!

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
الصفحة رقم: 2

(1).. ورقة صفراء!

ومن بعد جفاء سنين قاسيتها بعده أصبحت في يوم أزفر ألذ ذكرياتي، انتشيت بكل ماضٍ يسكن أعماقي، غنيت لفيروز بصوت نحيب كما لو أنني أشرع بنسف كل أوجاعي على طرقات كسوتها ثوب سواد!
سمعتني كما لو كنت صدى يعم أرجاء عالم بأسره لا يضم إلّا أنا، سمعتني أغني بلا شعور أهدهد قلبي على وجع ألم به.
أهواك بلا أمل وعيونك تَبْسُم لي
وورودك تغريني بشهيِّ القُبل
أهواك ولي قلب بغرامك يلتهب
تدنيه فيقترب تقصيه فيغترب
في الظلمة يكتئب ويهدهده التعب
فيذوب وينسكب كالدمع في المقل
في السهرة أنتظر ويطول بي السهر
فيسائلني القمر يا حلوة ما الخبر
فأجيبه والقلب قد تيمه الحب
يا بدر أنا السبب أحببت بلا أمل
وآهٍ يا أنا ما الذي سأعيشه بعد!؟ مُت في الهوى وقلبي رهيف أهلكته بكل عناء، دام نبضي يرتعش في كل خلية تسكنني،آهٍ، لو أنّ القلب يقمع كل حيّ عاش فيه!
وهل يكون؟
وبين ما أنا فيه وحالي المُريب، سمعت أمي تصرخ تنادي عليَّ: بيلسان؛ يا صغيرتي؛ سُفانة اتصلت منذ قليل. قلت لها تعاود الاتصال خلال ساعة ونصف لأنني أنتظر خالتك تتصل من لندن.
هدأت من روعي قليلاً وكأنني أستكشف لتوي كيفية الزفير والشهيق، لم أتكلف في الرد، فقط همست لها: حسناً يا أمي.
وقفت أتأملني، أتحسس ملامحي، لا أدري كيف استنكرت شكلي، فعيناي بريقهما وكأنه سماء يشوبها دخان أسود، اصفرار وجهي بات لي كما الطفل حين ينازع مرضاً ألم به، لكن ذاك من أصابني بكل البؤس ألا يعلم أي حال تركني به؟
سحقاً لكل رجل يظن نفسه سيداً في الحب يجعل من أنثاه كما لو كانت تمثالاً!
تتحمل جنونه، كبرياءه، وغروره، وتكابد بعيش حبه كما لو أنها تعيش من وعلى أنفاسه. لست أفهم لمَ نضع لهم تصنيفاً كيميائياً خطيراً، فلا حياة قامت وجالت إلّا به، فأي أوكسجين نتنفسه بهم، وأي حياة نعيشها لأجلهم!؟
أظن رئتنا تعاني التهاباً حادّاً، فنحن لا نتنفس سوى سموم تفتك بنا ولا يبقى في أحشائنا سوى خلايا ترسم صورهم في أعيننا وتكتب كل حكايتنا على جبيننا، وبهم نحن مفضوحون!
فالظاهر لم يكن كما المخفي، لا، فهذا الأخير هو أعظم وأعظم، أذكر أنني صغت له رسالة بعد تزامن فراقنا ولا أدري كيف أبكيت الورق، اشتكاني القلم وبعثرني الألم، فكان كل نبض يبكي ويصرخ وكأنه يقول لي: كفى يا بيلسان كفى أرجوك!
في أول يوم شعرت أنه رحل ولم يعد لي حبيب؛ فحكايتي مع رجلي المستحيل انتهت، كتبت في ليل الأربعاء 22/12/2011م، في أول فصل الشتاء، وكانت المرة الأولى التي أشعر فيها بقسوة شهر ديسمبر كما لو كان يلسعني بشرار برودته، فلا حضن يضمني ولا دفء يحويني، فمن كان أصبح ماضياً، ماضياً لذيذاً!
وفي ورقة صفراء رسخت في أسطرها سيل حبر أسود كتبت فيه لحبيبي فَيّاض: بين نور قمر واختباء قدر، كنت أتغنى بصحبة ألمٍ، عناؤه غيابك، أداعب ليلي بلحظات عشتها معك، أبعثر نفسي بين حواجز البعاد، وأقمع نفسي بين حنايا ذكرياتك، قل لي أي ريح هذه التي لم تنتشلني إليك بعد!؟

الصفحات