أنت هنا

قراءة كتاب خوف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خوف

خوف

 لست أندم على أنّ مجموعتي لم ترَ النور قبل الثورة ...لقد كتبتُ أولى فصول الخوف حتى جاءت تباشير النصر وأنفاس الحرية ... 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
أنظر حولي فأرى كُتـَّابا كثرا فمنهم الشعراء ومنهم القصاصون ومنهم الروائيون .. وأرى منهم من تمرس بالكتابة وخبرها وجرّب اللغة فاستلانت له ولم تبخل عنه الفكرة العميقة والرأي والرؤية ..لكنهم يُعدّون على أصابع المحارب الذي افقدته الحرب سبّابته وإبهامه والخنصر ..
 
أنظر حولي فأرى كتابا كثرا صادقوا صُنّاعَ الكلام على الكلام ففتحوا لهم أراضي يسيل فيها الحبر مدرارا وآخرين أقعدهم عن تلك الأراضي الحياءُ من طرق الأبواب خشية أن لا تفتح لوجوههم المعفرة بتراب الأرض يعشقون أريجها ولأصواتهم الجافة التي ذهب بدفقها الصراخ المكتوم ولا تفتح لثيابهم الأخلاقِ المُزَقِ التي أبلتها أظافر من تعلقوا بأثوابهم حتى وصلوا على هاماتهم إلى حيث النجاة وتركوهم يصارعون متلاطم الأمواج..
 
أنظر حولي فأرى شبح المرحوم الجابري بأصواته المطمئنة المثبتة وأرى خيالات أخرى أصواتها مبهمة لا أفهمها ولا تفهمني لا هي مطمئنة ولا هي محبطة مثبطة ..أرى شبح المرحوم قد توالد وتكاثر فيقع في نفسي أني مطمئن فأسير ولكن في صفوف الخيالات المبهمة كأني لا أراها..
 
أنظر حولي فأرى أخي يمر بي ولا يكلمني لا يعرفني ولا يفهمني فأكتب له نصا عساه إن قرأه أن يخاطبني من خلاله.. وأنظر حولي فأراني أمدّ يد النجدة لصديقي فيعضّها وينكرني ..فأمدّ له نصّي عساه يكون أوثق لعروته .. أنظر حولي فأرى ولدي يسير في الدنيا على غير منهج وفي الظلمة تتربص به عيون خلف الأشجار الجافة ..أكتب له نصا كي ينير الليل ويطفئ عيون الاشرار ويسقي جذور تلكم الأشجار..
 
أنظر في داخلي فأرى خوفا يسكنني من المجهول لا ثقة لي بفكّ أسراره إن جاءتني حروفه ولا بنوع البُرد التي ستكتب عليه ولا بالركبان التي ستسير به إلي ولا بالزبانية ولا بالملائكة ولا بالشياطين ..
 
أنظر في داخلي فأرى خوفا يعشّش منذ آلاف السنين أ أنا أقـْدَمُ وجُودًا أم الخوف عمّر في وبنى .. هل يقدر أن يحفر البناء بأسسه وبجدرانه.. بسقفه وأسواره الأرضَ التي أقيم عليها ويدكها دكا؟أم هل يمكن له أن يُطيـِّب بكل عبق ندي ريحَ تلك الأرض التي كرهتها أنوفه..؟
 
أنظر في داخلي فأراني قد سكنت بالخوف من صيغ: افْعَلْ ولا تفعَل وأخاف أن لا يعاودني التعجب بعدما أقامت أساليبُ التقرير فيَّ وطاب لها المقام..وهاجسي أن لا أغضب حين أصوغ الاستفهام ..هل من حقي أن اصوغ في كل حين أشكالا متنوعة من الاستفهام؟ أخاف منْ النفي حين أصوغه كاذبا كي أنجي نفسي من عقاب أو من خوف عقاب.. أخاف من الخبر لأنه يقبل التصديق والتكذيب وأنا لا أستطيع أن أدافع عن نفسي يوم الكذب ولا أثق في أن يصدقني الآخرون .. أحب أفعال القلوب لأنها تشكك في كل شيء وتوهم وتبني أكوانا مختلفة ..غير أني أخشى أن يستعملها ضدي الآخرون في مقامات مختلفة وبألوان مختلفة..
 
لأنني أخاف وأخشى ولأني أرى ما لا أريد... أكتب ..وكفى بالمرء عذابا حين يكتب..
 
تونس في 23/7/2009

الصفحات