أنت هنا

قراءة كتاب خوف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خوف

خوف

 لست أندم على أنّ مجموعتي لم ترَ النور قبل الثورة ...لقد كتبتُ أولى فصول الخوف حتى جاءت تباشير النصر وأنفاس الحرية ... 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
خَــوْف
 
وقف يلهثُ والشارع فارغٌ قَفْرٌ؛ التفتَ في جميع الاتّجاهات كأنّما ينتظر أن يفاجئه شيء مفزع مخيفٌ، أعاد الالتفات مرّات ومرّات ؛عدا في الممرّ المجاور واختبأ؛ ثمّ أطلّ برأسه خرج من مكمنه وأسرع الخطو باتّجاه العمارة التي كنتُ فيها أرقبُهُ. قرّرت أن أدخل في هذا المشهد. غادرتُ الشّقّة ونزلتُ درجات السّلّم بسرعة. دخل العمارة يلهث لُهاثا متقطّعا.. كمنتُ له في بُقْعة مُظلمة حيثُ أراهُ ولا يراني. ظللتُ أرصدُهُ وظلّ يرصُدُ متعقّبا له يأتي من بعيد. عيناهُ على بوّابة العمارة تبرق كعيني ديك ينتظر انبلاج الفجر ليؤذّن. عيناي عليه كثعلب يخشى قدوم فجر يفضح كمونه للدّيك. تحرّك في جميع الاتّجاهات بخفّة وحذر تحرّكت له بالخفّة والحذر.. لم يفطن بي؛ إنّه يتوقّع الخطر من الخارج. لمّا قررت الخروج إليه لمفاجأته استولى عليّ الخوف وبدأت فرائصي ترتعدُ. ماذا أفعل لو كان هذا الماكثُ غير بعيد من أشرار المجرمين؟ ماذا لو قتلني دفاعا عن التستّر على جريمته؟ وقع الثعلب في شباك الدّيك .. وسوف يقتصّ منه القصاص التّاريخيّ. أردت أن أعود أدراجي فلاح لي خياله قادما باتّجاه السلّم؛ ابتعدت عن المكان وتركت له موقعي إلى دهليز كان هناك يذهب باتّجاه المبنى التّحتي المهجور. سرتُ بحذر باتّجاهه عسى أن يمرّ وقتٌ يفرّ فيه هذا المختبئ وأعود إلى بيتي. وإن هي إلاّ هنيهة حتّى تناهى إلى مسمعي خطوات اقتربت أكثر مني فأكثر ولكنّي سمعتُ في أعلى كالارتطام تتبعه صيحة خاطفة. امتلأتُ من الخوف حتّى كدتُ أسقط مغشيّا عليّ. ارتعدت يدي اليمنى وتوهّمتُ أنّ في يدي كأسا من البلّور إن ضاعفت الرعشة انكسر وانفضحتُ. أمسكتُ بيدي اليسرى يدي اليمنى خشية أن يسقط الكأس الموهوم. شعرتُ أنّ أسناني تصطكّ كالمحموم توهّمت أنّي من الحمّى سأسعلُ فأنكشفَ. وضعتُ الكأس الموهومة في مكان قريب وابتعدت حتّى لا ينكسر ثمّ وضعتُ يدي على فمي أغلقه كي لا أسعلَ.. كدتُ أختنق لكنني خشيتُ أن تُسمع حشرجتي فيأتي إليّ من يكمن لي هناك يترصّدني ليقتلني. تركتُ لفمي بعض الانفراج كي يخرج نفسي أكثر ممّا يدخل. ولكنّ كلّ شيء فيّ كان يرتجفُ. لم أعد أستمع إلى شيء إلاّ دقّات قلبي كانت كلّ واحدة منها تقع في أذني كنواقيس الكنائس تقرع بمكبّرات الصّوت.
 
استمعت إلى خطى متسارعة تنزل من السلّم، توهّمت أنني أنا من ينزل من جديد من على السلّم؛ ولكن كيف صعدت ثانية؟ لا أعلم! أيقنت أنّ الأصوات المنبعثة من السلالم ليست إلاّ خطى العساكر أو البوليس جاءت تطارده؛ لو قبضوا عليّ مكانه ماذا سأقول؟ من سيصدّق أنّي بريء من التهمة؟ ولكن أيّة تهمة؟ أهي لصوصيّة؟ وأيّ لصوص يتبعهم هذا العدد الهائل من العسكر والدّرك؟ التّهمة أعظم من اللّصوصيّة! ماذا لو كانت سياسيّة؟ يا ويلي ويا سواد يومي وليلي.. سأحاكم بجرم اقترفه غيري.. سأشرّد من دياري سأنفى في الصّحاري وأموت عطشا كجرو كلاب فقد أمّه... شعرت بالظّمأ وكثر لهاثي؛ مددت يدي أبحث عن الكأس التي وضعتها في مكان ما في العتمة.. ولكنّي تراجعت خوفا من أن تنكسر الكأس وأنبّه الجند الكامنين إلى وجودي..

الصفحات