كتاب " الأوديسة " ، تأليف هوميروس ترجمه إلى العربية دريني خشبة ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الأوديسة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأوديسة
مقدمة
وهذه هي قصة الأوديسة، وبطلها أوديسيوس، أو أوليسيس، أو عولس كما يسميه الشرقيون.
وقصة الأوديسة ملحمة متفرعة من قصة حروب طروادة، تلك الحروب الطويلة القديمة التي نشبت بين جيوش دول المدن اليونانية وبين جيوش طروادة(1) وحلفائها من آسيا الصغرى في ذلك الوقت، وسببها هو ما ذكرناه في قصة الإلياذة، إذ نزل باريس بن الملك بريام ملك طروادة ضيفًا على الملك منلوس ملك أسبارطة فلم يلبث أن سرق زوجته وكنوزه وفر إلى طروادة، فنشبت الحرب التي دامت عشر سنوات حتى استطاعت الجيوش اليونانية اقتحام المدينة بفضل الحيلة التي أشار بها أوديسيوس بطل قصة الأوديسة، وهي حيلة الحصان الخشبي الضخم الذي اختبأت فيه نخبة من أشجع فرسان الجيش اليوناني.. مما هو مذكور في قصة حروب طروادة.
وقصة الأوديسة هي إحدى الملاحم التي نظمها الشاعر الأعمى هوميروس في تاريخ تلك الحروب الطويلة المريرة.. ولم يبق من تلك الملاحم إلا قصة الإلياذة، وهي تاريخ السنة العاشرة من تلك الحروب أما قصة الأوديسة فتروى ما حدث لبطلها أوديسيوس بعد انتهاء حرب طروادة، وذلك في طريق عودته بحرًا من طروادة إلى مملكته إيثاكا.. لقد لقى أوديسيوس من المتاعب، وخاصة من المغامرات، شيئًا كثيرًا وقاسى من الأهوال ما نقرأ تفصيلاته في تلك الملحمة.. أي القصة التي يتحدث فيها الشاعر عن ألوان البطولة والقوة والحب والحرب ومواجهة الظروف القاسية التي لا يصبر عليها إلا أشجع الشجعان.
والقصة تروي أن بنلوب ملكة إيثاكا وزوجة البطل أوديسيوس كانت امرأة عظيمة نبيلة وعلى قسط كبير من الجمال، وكان لها ابن واحد اسمه تليماك ـ أو تليماخوس ـ كان لا يزال صبيا صغيرًا في أول القصة، وأن ملوك اليونان الأقوياء الظالمين لما رأوا أن أوديسيوس قد تأخر عن العودة إلى بلاده، وطالت السنون والأيام ولم يعد إليها ظنوا أنه قد مات أو غرق، فطمع كل منهم في الزواج من بنلوب الجميلة، وأقدموا يخطبونها، لكن بنلوب الوفية الطاهرة كانت تردهم ردًا جميلا، وتعدهم أنها حينما تفرغ من نسج ثوب تظاهرت بالعمل فيه على منسجها فسوف تنظر في خطبتهم لتختار من بينهم زوجًا لها بدلا من أوديسيوس، وهي إنما كانت تحتال بتلك الحيلة عسى أن يكون زوجها لا يزال حيًا وعسى أن يعود ليحارب هؤلاء الملوك السمجاء الذين أقبلوا من بلادهم وحاصروا قصر بنلوب ولم يشاءوا الانصراف عنه حتى تختار لها زوجا منهم.
ويحسن هنا أن نتذكر أن معظم الأمم القديمة كانت أممًا وثنية، ولم يكونوا يعبدون إلهًا واحدًا، بل كانوا يعبدون آلهة متعددة، وكان اليونانيون بالمثل يعبدون مئات من تلك الآلهة التي كان كبيرها زيوس، رب السماء والأرض والصواعق في نظر اليونانيين، ثم أخوه نبتيون، أو بوسيدون، رب البحار، ثم أخوه بلوتو أو هيدز أو حادس رب الموتى والدار الآخرة؛ وكان لزيوس زوجات كثيرات أنجب منهن ابنه أبوللو رب الشمس وديانا ربة القمر، مينرفا ربة الريح والحكمة والعدالة وأربابًا كثيرين غير هؤلاء سوف نلقاهم في هذه القصة كما لقيناهم في قصة الإلياذة وسوف نضحك كثيرًا على سخافاتهم.
ومن العجب أن هؤلاء الأرباب الأغبياء قد انقسموا على أنفسهم في تلك الحروب المهلكة، فبعضهم كان يؤيد أهل طروادة ضد اليونانيين، وبعضهم كان يؤيد اليونانيين ضد أهل طروادة.
وقد كانت مينرفا ربة الحكمة والعدالة تؤيد أوديسيوس وتعطف على ابنه تليماك، ولذلك تنكرت في صورة بطل من الأبطال ثم زارته لتطلب إليه أن يذهب للبحث عن والده لأنه لم يمت، بل لا يزال حيًا يكافح في سبيل الوصول إلى دياره.
فلماذا إذن تأخر أوديسيوس عن الوصول إلى إيثاكا؟ وماذا عانى من الأهوال في طريقه إليها؟ وماذا صنع حينما عاد؟ وماذا كان من أمر زوجته بنلوب وأمر ولده تليماك، وأمر أعدائه الملوك اليونانيين؟
هذا هو موضوع الأوديسة، تلك القصة الرائعة التي لم نشأ أن نترجمها ترجمة تطابق أصلها اليوناني، بل فضلنا روايتها رواية تيسر فهمها وتعطي خلاصتها لكثرة ما ورد فيها من أسماء الآلهة وأنصاف الآلهة وما أثقلها به هوميروس من أسماء الأبطال الخرافيين والحوادث العارضة التي قد يثقل على ذهن القارئ الملول متابعتها.
وننصح للقارئ بالرجوع إلى قصة الإلياذة ليجمع بين الصورتين، كما ننصحه بقراءة كتاب الأساطير اليونانية حتى يحصل على صورة متكاملة لهذا القصص اليوناني الرائع الذي يقرأه اليوم جميع الشباب في مكتباتهم المدرسية ومكتبات بيوتهم في جميع أرجاء العالم، لما فيه من شحذ للفكر وتنبيه للخيال، وما يشتمل عليه من صور البطولة والشجاعة وتعويد القراء على التفكير إزاء كل مشكلة أو صعوبة يواجهها.
هذا، وقد قمنا بكثير من التعديلات في القصة وفي الأسلوب تيسيرًا على شباب القراء ومما لا يخفى على إخواننا القراء القدامى.
دريني خشبة