قراءة كتاب الخطاب الديني في أهل الكتاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخطاب الديني في أهل الكتاب

الخطاب الديني في أهل الكتاب

كتاب " الخطاب الديني في أهل الكتاب " ، تأليف قاسم أحمد عقلان ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 7

- فيه تقرير لبعض مقاصد بعثة وإرسال عيسى عليه الصلاة والسلام، إلى بني إسرائيل أتباع أخيه موسى عليه الصلاة والسلام، وهو ما صرّح به في الآية, والبيان لبعض ما أشكل عليهم فهمه من خطاب الله الديني والشرعي النازل في التوراة, وقد قام عليه الصلاة والسلام ببيانه من حيث كونه ناسخاً ومنسوخاً, أو مجملاً ففسره, أو متشابها فأحكمه, أو عاماً فخصصه, أو مطلقاً فقيده، أو مجازاً لا حقيقة فأوضحه , وما أشبه ذلك, وكذلك كان من مقاصد بعثة ورسالة الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام قطعاً, قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ(23, بيان بما وقع لأتباع موسى عليه الصلاة والسلام من اختلاف في ماهية أصل المنزل عليه, وفي فهمه وبيان معانيه وأحكامه، كما وقع الإختلاف في السنة النبوية المنسوبة إلى الرسول الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام, ففيها الصحيح المتواتر، والصحيح الآحاد, والحسن, والضعيف, والموضوع المكذوب, كما وقع الإختلاف في فهمها ودلالتها على الأحكام, كما وقع الخلاف في فهم كثير من آي القرآن الكريم والإستدلال به على المعاني والأحكام, والصور والأمثال, فهي أمور وأحوال لابد أن يختلف الناس فيها عموماً, وذلك أن كلام الله وخطابه إلى عباده المنزل على رسله صلوات الله وسلامه عليهم, فيه الواضح البيّن، وفيه المجمل، والعام، والمطلق, والمجاز, والمثال, فيه الإنشاء والطلب، وفيه الخبر والقصص, فيه معاني يفهمها عامة جمهور المخاطبين، دون اجتهاد وبحث ومشقة, وفيه معاني لا يفهمها إلا خاصتهم العلماء الراسخون, وفيه معانٍ تخفى عن الكل، ليظل كلام الله فوق طاقة وقدرة الخلق أجمعين، فهو خطاب عام في جميع أتباع رسل الله عليهم الصلاة والسلام.

- بيان مفهوم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(24.

- تدل الآية على عموم النهي عن موالاة خصوص نوع وأفراد وقوم وطائفة من اليهود والنصارى, وهم من ليسوا مؤمنين بالله تعالى, ولا بكتابه, ولا برسله, أي أنهم قوم غير منتمين حقيقة إلى تلك الأمة الإسرائيلية، ذات الوراثة للنبوة، والكتاب، والحكم, بل هم مشركون وخارجون عن قومهم وملتهم، كما يفهم من قوله تعالى: (لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(, فالظلم هنا بمعنى الشرك, وليس الظلم العملي الغير عقدي المفسد لماهية ركن الإيمان بالله تعالى, فكل مشرك بربه سواءٌ كان من أهل الكتاب المذكورين في الآية أو كان من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وغيره, لا يصح موالاته على أساس الدين, أي متابعته ومناصرته لدينه الباطل, ولا يصح تعميم هذا الحكم في مطلق من يدخلون في مسمى اسم جنس اليهود, أو اسم جنس النصارى قطعاً, لأن مفهوم الاسم موضوع لجميع أفراد أتباع رسوله موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام, المؤمنين بالله تعالى في عموم الأزمنة، والبقاع, فعلياً أو حكمياً, فهو حكم شرعي تكليفي، يحمل في خصوص حال طائفة معلومة من بني إسرائيل, حكم الله عليها بالشرك والظلم, بعد أن أقام عليهم حجته, وهم على وجه التخصيص والتقييد أولئك القوم الذين بعث في زمانهم رسوله محمد عليه الصلاة والسلام, وبيّن لهم دين الله الحق, فأصروا على الشرك والكفر, مثل عامة قومه كفار مكة وقريش مطلقاً، ونحوهم.

- وهو حكم تعلق بسبب وعلة مخصوصة، هي وجود صفة الشرك, فإذا زالت وارتفعت تلك الصفة والعلة عن قوم مخصوصين ثبتت فيهم من قبل؛ فإن حكم النهي عن موالاتهم يرتفع ويسقط, ويكون في حكم المعدوم, لعدم وجود سببه وعلّته, وليس حكماً دينياً تعلق بوجود أعيان أشخاص قوم وأمة ما من الناس, بل هو حكم شرعي ديني تكليفي عام، يشمل كل أفراد اسم جنس المؤمنين الموحدين من كل ملّة وأمة وشعب وقرية ونحو ذلك ؛ يوجد الحكم بوجود سببه وعلّته مطلقاً, ويزول ويتغير الحكم بعدم وجود سببه وعلّته, فلا يصح أن يضاف مثلاً اسم وحكم الزنا إلى من لم يفعل ذلك الفعل قطعاً, فكذلك لا يصح إضافة اسم ولقب الشرك والظلم, إلى من لم يشرك بربه الواحد الأحد, أو إلى من فعل الشرك, ثم تاب وأصلح, فإنه يلزم موالاته ومحبته ومؤاخاته ونصرته, ونصحه وإرشاده وهدايته إلى مصالح دنياه، وآخرته, والتعامل معه على الأصل العام، وهو وجود ماهية الإيمان والتوحيد وجوداً فعلياً أو حكمياً, فهذه هي البراءة الأصلية الظاهرة في عموم أهل الكتاب قطعاً, لا خصوص أحوال أفراد منهم ومن غيرهم ثبت وتحقق فيهم صفة الشرك والكفر فيستثنوا من ذلك الأصل ويعاملوا معاملة تخصهم دون تعميم.

- فالنهي عن موالاة قوم مخصوصين من أهل الكتاب، يحمل على من كان خارجاً عن أصل الدين العام, وساع إلى إفساده, وإشاعة الشرك, والترويج له, وإدخال المؤمنين في أسباب الشرك والفتنة العامة في دينهم فقط, لأن من كان هذا حاله؛ فهو مفسد في الأرض محارب لله ورسله, ويحكم عليه بحكم المحاربين, كما هو مبين في موضعه.

- أن اسم النصارى أو اليهود اسم جنس علم، يدخل في مسماه كل فرد انتسب وانتمى إليهم في أي زمان ومكان, وإضافة حكم النهي عن موالاتهم عامة, بحسب تعلق مدلول الاسم العلم بكل أفراده, تعلق معرفة وبيان لماهية الشخص ذاته وعينه, كاسم أعيان الأشياء الدالة على الجموع, مثل مصر, ولندن, وباريس, وواشنطن, وإسرائيل, وفلسطين ، والسعودية, واليمن, ونحوها, وقد أطلق الشارع اسم الكل العام, وقصد به خصوص عين حال بعض منهم قطعاً, وهم غير المؤمنين بالله تعالى الذين خرجوا عن أصل جماعتهم, وقاموا بإفساد إيمان المؤمنين مطلقاً, فهؤلاء يتعين على كل مؤمن بغضهم ومعاداتهم، وليس موالاتهم ومحبتهم وعونهم ونصرتهم على إفساد الإيمان والمؤمنين، ثم إدخالهم في الشرك وظلم أنفسهم.

- ونصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة قاطعة الدلالة ومحكمة البيان في تقرير وإثبات وإيجاب عصمة كل مؤمن بالله تعالى, والحكم له بالجنة, ونجاته من النار مطلقاً, وقد بيّنا مفهوم بعض تلك النصوص في مواضع متفرقة من بحث التكفير، منها: الأحاديث العامة الواردة في حكم من قال: (لا إله إلا الله), وهي تكاد تكون متواترة المعنى عند الإستقراء لها, ومنها بيان الآيات القرآنية الواردة, في أهل الكتاب خاصة، وهي كثيرة تفوق الحصر، والتي تقرر فيها ماهية وحقيقة أهل الكتاب بأنهم مؤمنون مخاطبون مكلفون بما جاء في كتابهم مطلقاً, وبحسب أحكام الوضع الشرعية والدينية العامة ومتعلقاتها التي تخص كل فرد وقوم وأمة بحسبهم.

- وتدل الآية أيضاً على مفهوم خاص, وهو النهي عن الإنتقال من شريعة إلى أخرى, فمن كان على شريعة محمد عليه الصلاة والسلام بكلياتها وجزئيآتها, ينهى أن ينتقل إلى شرعة بني إسرائيل عموماً، فهم جميعاً لهم شريعة واحدة بنص الآية, وكل من كان عاملاً وتابعاً لشريعة رسوله قدر المستطاع، فهو مؤمن مسلم تجب محبته، وموالاته، ونصرته، وعصمة دمه، وعرضه وماله ووطنه، وقد بيّنا مفهوم قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(25, وبيّنا الأصول العامة والكليات الشرعية التي يشترك فيها كل أتباع الرسل وخصوصاً الأمم الثلاث الكبرى.

الصفحات