قراءة كتاب الخطاب الديني في أهل الكتاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخطاب الديني في أهل الكتاب

الخطاب الديني في أهل الكتاب

كتاب " الخطاب الديني في أهل الكتاب " ، تأليف قاسم أحمد عقلان ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 1

مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئآت أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، عليه وعلى جميع أنبياء الله ورسله أفضل الصلاة والسلام.

أما بعد:-

- فإن الخطاب الإلهي في أهل الكتاب ينبغي فهمه فهماً صحيحاً، وفي إطار القواعد والضوابط الأ صولية التي من خلالها يضبط مفهوم خطاب الشارع الحكيم في أهل الكتاب، وفي غيرهم، ولقد جرى في هذا البحث دراسة هذه القضية وتم التوصل إلى نتائج وحقائق ظهر من خلالها حقيقة هذا النوع من الخطاب، وأنه ليس خطاباً يخرج أهل الكتاب مطلقاً من دائرة الإ يمان، بل خطاب عام مخصوص ، أوعام أر يد به الخصوص، أومطلق يقيد، أوخاص يحمل على خصوصه،كما سنرى ذلك من خلال الأ مثلة التي أورد نا ها في البحث ، فأ هل الكتاب أمة مكلفة بما أنزل الله عليها في كتابها من الدين والشرعة العام أو الخاص، والقرآن الكريم جاء مصد قاً للكتاب المنزل قبله ومبيناً لما جاء فيه من الأحكام، بنص صريح آي القرآن الكريم.

• إن القول أن أهل الكتاب ليسوا على شيءٍ من الدين والشريعة مطلقاً في كل زمان ومكان؛ غير صحيح, فإننا نجدهم في هذا الزمان مثلاً: مؤمنون بالله تعالى, ويقيمون في حياتهم العامة كثيراً مما جاء في كتابهم المقدس, من أصول الدين وكليات الشريعة, فهم عموما في مجال الحدود والعقوبات, يقيمون بعضاً منها ولو كانت في قادتهم ورؤسائهم, حيث يؤدب ويعزر أو يستتاب أو يعزل, فقد وجدناهم يقيمون الحدود والعقوبات العامة أو الخاصة حين ثبوتها في فرد، أو جماعة، أو دولة وحكومة, وجدناهم يحاسبون قيادات في أعلى منصب وظيفي في الدولة، كرئيس الدولة، أو الحكومة, بل وصلت المعاقبة في أحيان كثيرة إلى عزل الرئيس واستبداله بغيره, كما وجدناهم أمناء على كثيرمن الحقوق الشخصية الخاصة والعامة, ومؤدون للودائع إلى أهلها, ووجدناهم يتصفون بالعدل في القول والمعاملة, وكثيراً من أحكام وتكاليف الشريعة العامة ثابتة في حياتهم العامة, وقائمون بها, عند النظر بتجرد وحيادية وإنصاف وعدل في قول الحق وأداء الشهادة, وحسبهم أن كثيراً من العلوم والمعارف النافعة المحققة لمصالح عامة الناس ظهرت من قبلهم، وانتفع بها العالم كله، حتى غدت بلدان أهل الكتاب هي الملاذ الآمن التي يفر إليها كثير من العلماء والمفكرين النابهين, بل حتى ملاذاً آمناً لكثير ممن يحدثون في بلدانهم الفساد والإفساد مطلقاً, والغلو والتطرف الديني, وجدناهم حقاً محترمون معظمون لحقوق الخلق, ساعون بعلم وفهم وقدرة أهلية تامة للقيام بجلب وحفظ ورعاية مصالحهم العامة, وجدناهم أهل نجدة وغيرة عندما تنتهك حرمة أسباب مصالحهم العامة أو الخاصة، ينتصرون للضعيف ويغيثون الملهوف ويرحمون العاجز والمحروم, ويأخذون بيد كل من طلب عونهم ونجدتهم, لا يغدرون إلا إن كان عقاباً لغادر بهم، أهل حلم وأناة وعفو وصفح وكرم وشهامة, وحفظ للأسرار العامة والخاصة, مسارعون إلى كل خير ومصلحة ومنفعة، جادون في حياتهم كلها لا يعرفون الهزل وتضييع الفرص والأوقات الثمينة, لجلب وحفظ المصالح والمنافع, يحترمون ويعظمون الأوقات وأداء الحقوق، والواجبات، والأعمال، والتكاليف، والوظائف المحددة فيها على الوجه الأتم, حياتهم العملية كلها منظمة, ليس فيها العبث، والسفه، والجهل, متمكنون من تسخير وإيجاد المنافع في كثير من أعيانهم وآنيتها وأوعيتها, يحترمون المهن وأسبابها، ولا يعيبون شيئاً من ذلك فيه مصلحة ومنفعة متحققة, يحبون النظافة والتجمل, والصحة العامة, ويتحققون بأصل التوقي وسد أسباب ذرائع الفساد عموماً، والتحرز من الوقوع في أسباب المهالك والأذية والفساد عامة وخاصة, وما أشبه ذلك، يتنافسون في كل علم جديد ومعرفة واكتشاف علمي نافع، ويبادرون إلى تكميل بعضهم بعضاً دون بخس، وإفساد، ومكر، وكيد، وحقد، وحسد, ونحو ذلك، يعملون بما يقولون, ويصدقون بما يعدون به.

• وخلاصة القول فيهم: أنهم قائمون بأسباب جلب وحفظ ورعاية مصالحهم, ومتحققون بخصائص وصفات العباد الصالحون لوراثة وعمارة الأرض, كما بينا مفهوم ذلك؛ ولذلك فإنهم الأمة الظاهرة, القوية والمتوحدة الكثيرة, الباقية حتى تقوم الساعة, وغيرهم في نقص مستمر في كل شيء.

• ونظراً لعدم أهليتنا حالياً لفهم ومعرفة أجزاء وجزئيآت القضية من جميع وجوهها؛ فحسبنا أن نبين ما هو بالإمكان بيانه فقط، وهو بيان القدر المشترك الذي يجمع بين جميع المؤمنين بالله تعالى ويوحد بينهم ويؤّلف بين قلوبهم, ويجلب لهم جميعاً المصالح العامة الضرورية العاجلة والآجلة, فهذا الأمر هو الذي نقصد من بحثنا في هذه القضية الوصول إليه قطعاً, لا الوصول إلى دمج عامة الناس في شرعة واحدة مخصوصة بكل أصولها، وأجزائها، وجزئيآتها, فذلك خارج قدرتنا وأهليتنا بيقين، وهو غير مراد لله رب العالمين، حتماً.

الصفحات