يأتي كتاب (الإعلام والتحوّلات العربية) لمؤلفه د.
أنت هنا
قراءة كتاب الإعلام والتحولات العربية - الثورة والاصلاح والانتخابات والديمقراطية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الإعلام والتحولات العربية - الثورة والاصلاح والانتخابات والديمقراطية
كما سارت دعوات ومطالب للإصلاح في عدد من البلدان النامية، ومنها العربية، ضمن أشكال وبرامج وأساليب مختلفة، اشتركت في هدفها الرئيس المعلن، وهو توسيع الممارسات الديمقراطية للشعوب، وهي بموجب ذلك:
- مطالب جماهيرية ممثلة بالمجتمع المدني، ووسائل الاتصال الجماهيري، تكون، في الغالب، استجابة للاحتياجات الوطنية العامة، في تعزيز البنية السياسية والاقتصادية، عبر تحقيق مشاركة أوسع لفئات وشرائح المجتمع في الممارسات الديمقراطية، وعمليات اتخاذ القرار، وتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
- يطرح الحكام الإصلاح من أجل إعادة إنتاج النظام السياسي الحاكم نفسه، أو استجابة لضغوطات خارجية، أو ضمن إطار العولمة السياسية، التي تعد من أبرز معالم المتغيرات السياسية المعاصرة، إذ انه أصبح –لأول مرة– من الممكن الحديث عن إن السياسة في كل أرجاء العالم مرتبطة بالسياسة في كل أرجاء العالم... وان القرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم سرعان ما تنساب إلى كل العواصم العالمية (12) .
ثانياً.. المتغير التكنولوجي:
إن عصر ثورة الاتصالات التي شملت ميادين وسائل الاتصال الجماهيري جميعها، وسرعتها المستمرة، "فضلاً عن قدرتها على اختراق الآفاق واختزال الأبعاد والمسافات، بدأت تزيد من التشابك السريع للمعطيات يوما بعد يوم.. وهذا ما يؤدي بدوره إلى انتشار الثقافات بصورة لا مثيل لها من قبل... وبذلك أصبح من المتعذر فرض رقابة من قبل الدولة على الإعلام الوافد. واليوم ليس بمقدور أي بلد من العالم أن يعيش بمعزل عن العالم" (13) ، ويزيد من أهمية ذلك إن تقنيات الاتصال بذاتها قد بدأت بتحديث تقنياتنا الفكرية (14) .
وقد حمل المتغير التقني أبعاداً علمية، "وبات الإعلام علماً متخصصاً بنظرياته، ولا يمكن القيام بأي نشاط إعلامي فاعل بدون قواعد علمية، وبات من الخطأ والخطر ممارسته بشكل ارتجالي وعشوائي، وكثيراً ما تضررت قضايا وأهداف بسبب سوء التوجيه الإعلامي" (15) ، فالأساليب الإعلامية المستخدمة والمنتشرة بشكل واسع حالياً، لم تكن إلا نتاجاً للتقدم العلمي في مجال وسائل الإعلام، ونتيجة للأبحاث العلمية في مجال الإعلام، وغيره من علوم المعرفة الإنسانية، التي جرت في النصف الأول من القرن العشرين، ولم تزل مستمرة في التطور في العالم كله.
وما قامت الثورة الصناعية بتضخيمه في القرن التاسع عشر، قامت تكنولوجيا الاتصال بتحجيمه وتصغيره، إن التضخيم كان منتجاً للثورة الصناعية، في حين إن الحد من هذا التضخيم كان منتجاً لثورة الاتصالات والمعلومات... وان نظرة واحدة لما أحدثته صناعات وسائل الإعلام، والقائمة على أدوات مختلفة للاتصال تؤكد ذلك (16).. وبعد أن كان نشر المعلومات يتم بالطرق التقليدية عبر الكلمة المطبوعة والمسموعة والمرئية أحادية الجانب، من المرسل إلى المستقبل، دون أن تكون هناك إمكانية واضحة للتفاعل الإيجابي بين الطرفين.
إذ أدت الثورة التي تفجرت بشدة في الربع الأخير من القرن العشرين، في مجال تقنيات ووسائل الاتصال، وما يعرف بتكنولوجيا الوسائط المتعددة، إلى وضع البشرية أمام منعطف تاريخي حاسم، تسهم فيه كل عناصر التركيبة الاجتماعية القادرة على المشاركة في عملية التأثير والتفاعل المتبادل عن طريق عملية التبادل الإعلامي المستمرة داخل المجتمع المحلي والدولي، عبر وسائل الاتصال الحديثة التي أصبحت فيها تقنيات الحاسب الآلي الحديثة المتطورة تشكل العنصر المهم والفاعل في حسم القضية لصالح العولمة بأشكالها وأبعادها كلها، "حتى إن مقياس التقدم في المستقبل القريب سوف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمن يمتلك تلك الأجهزة، وبمن يطوّرها ويطوّر تطبيقاتها، بما يتناسب واحتياجاته وحاجات العصر المتداخلة" (17) .
وأصبح الحاسب الآلي الشخصي المرتبط اليوم بشبكات المعلومات المحلية والإقليمية والدولية، يخزن وينقل وينشر المعرفة بأشكالها كلها، المقروءة والمسموعة والمرئية، ليحدث بذلك ثورة حقيقية داخل الأنظمة الإعلامية التقليدية، وأنظمة تراكم المعلومات واستعادتها، وصار يُسهم في تطوير عملية نقل المعرفة التقليدية داخل المجتمعات، بعد أن انتقلت لاستعمال تقنيات الأنظمة المعلوماتية الإلكترونية الحديثة في مجالات العلوم والبحث العلمي والتعليم، إلى جانب فروع الأنشطة الإنسانية المختلفة.. مما وفر فرصة كبيرة لرفع مستوى الأداء العلمي والمعرفي، وأفسح المجال أمام عملية الحصول على المعارف المختلفة ودمجها وإعادة نشرها، وتسهيل استخدامها في عملية التفاعل.
كما إن الإعلام لم يبق في منأى عن التحولات التكنولوجية الشاملة التي خلفها ظهور الانترنت، الذي عمل على مواجهة الدولة، التي كانت تتصرف من منطلق إنها القوة الشرعية الوحيدة التي لها الحق في تنظيم وتحديد مضامين العملية الإعلامية من مرجعية سياسية أو إيديولوجية.