أنت هنا

قراءة كتاب نظرية البطل وظاهرة الرأي العام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نظرية البطل وظاهرة الرأي العام

نظرية البطل وظاهرة الرأي العام

إنَّ من أصعب الكتابة في علم النفس وجاراته من المعارف هي الكتابة في موضوعين: موضوع المتخلفيّن عقليًا وموضوع المتفوقين عقليًا.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1
مقدمة الكتاب
 
إنَّ من أصعب الكتابة في علم النفس وجاراته من المعارف هي الكتابة في موضوعين: موضوع المتخلفيّن عقليًا وموضوع المتفوقين عقليًا. فالكتابة عن الدماغ ومعطياته في العقل والعواطف بين هذين الحدّين ممكنةٌ لأنها تتناول الأوسط الشائع وتتعامل مع المُعدّل المقبول حيث لا تسود الغرائبية في السلوك ولا اللبس في تفسير هذا السلوك.
 
وتكاد الكتابة عن المتميزين أو المتفوقين تفوقُ صعوبةً الكتابة عن متخلفي العقول. والبطل فردٌ حَقّق الإبداع، بمعنى هذا أنه تميّز بغض النظر عن طبيعة تميزّه واتجاه كتلتهِ حيث يمكن أن يكون تميزًّا في الخير (البطولة الإيجابية) أو تميزًّا في الشرّ (البطولة السلبية أو السالبة).
 
وإذا اختفى نبل القصد من البطولة كانت سالبة على أنها موُجبَةٌ معطاءةٌ مفيدة عند توفرِّه. انَّ دراستنا للبطل تتركّز في تميّزه وتحقيقه الاختلاف الذي جعله فردًا يواجه جمهورًا كما تتركزّ عليه موضوعًا لا ناتجًا للموضوع.
 
فهُناكَ أفرادٌ قَدّموا للناس الخير بحكم أنهم أبطال، وهناك أفرادٌ أساءوا إلى غيرهم جماهيرَ وشعوبًا بحكم أنهم أبطالٌ في القدرة وأشرارٌ في العطاء. معنى هذا أننّا نناقش في البطولة ما لها وما عليها... ما لها عندما تخدم الناس،... وما عليها حينما تُدان.
 
لقد ظهر الكثيرون من الباحثين الذين لا يعتبرون البطل بطلًا إذا كان مجرمًا أو شريرًا لأنهم كانوا يُعرِّفون بالبطولة عطاءً. ولكننا هنا نشير إلى القدرة الفردية التي يختلفُ بها صاحبها عن الناس ليكون مبدعًا في أفكاره ومسيرته على الرغم من اتجاهها.
 
ولو أخذنا المبدعين بما فعلوهُ من إبداع لاعتبرنا كلَّ من صنّعَ الأسلحة وشاد معامل الأسلحة مجرمًا حيث يعرف الجميع انَّ الحروب مهما كانت غاياتها فإنّها تعبيرٌ عن الانغلاق الفكري وتعطّل أدوات الحوار وتخلفّ الإنسان عن الوصول إلى غاياته عبر الحل السلمي وليس عبر الحروب.
 
ولكننا واجدون انَّ للحروب رجالاً جعلتهم أبطالًا أفادوا من تسمية الحروب بتسميات مضللة منافقة كمُسمّى «الحروب الوطنية». وحرب الدفاع تعني انَّ هناك في الطرف المقابل حربًا للهجوم. ولا يوجد إنسانٌ على وجه الأرض يقول يومًا: إنني مُعتدٍ وآثم بحقِّ غيري، والعصرُ الحديث لم يُشهْدنا على وزارة في دولةٍ من الدول تتولّى شؤون الحرب واسمُها «وزارة الهجوم»، فكلُّ وزارات الحروب في كل الشعوب تُسمّى «وزارات الدفاع» تمويهًا ونفاقًا.
 
وعلى فرض ظهور البطل الحربي الذي «يدافع» عن وطنه، أفلا يعني هذا أنَّ هناك البطل الحربي الذي «يهجم» على الآخر من أجل وطنه. ان هذا يقودنا إلى ملاحقة الظاهرة التي شاعت وتظل شائعة بين شعوبٍ ترى في غُزاتها لشعوبٍ أُخرى أبطالًا مُحرريّن فيما هم رجالٌ غزاة ظالمون مخربّون في نظر أبناء الشعوب التي تمّ غزوُها أو احتلالها.
 
إننّا نتكلّم هكذا لأننا نتكلم عن علم نفس عالمي لا تحدِّهُ حدود ولا تؤثّر فيه نظرة إقليميةٌ ضيّقة. بهذا الاستدراج (وسمّه استدراجًا) نريد القول إنَّ البطولة تتمتّعُ بمعاييرها بغضِّ النظر عن موضوعاتها.
 
ولذلك سيجد القارئ قصدنا حينما ألحقنْا بمعايير البطل معيار (نبل القصد من البطولة) فقط لنُميِّزَ بين البطل الموجب في نظر بعض والبطل السلبي في نظر بعضٍ آخر.

الصفحات