أنت هنا

قراءة كتاب محطة أخيرة خارج المكان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
محطة أخيرة خارج المكان

محطة أخيرة خارج المكان

كتاب " محطة أخيرة خارج المكان " ، تأليف ساطع نور الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

الظالم لنفسه

يكاد القارئ لمذكرات الوزير السابق فؤاد بطرس يسمع اصوات القذائف والرشقات النارية المتبادلة على خطوط التماس البعيدة ، ويشعر مرة اخرى بالحاجة الى الاختباء... من ذلك الكتاب الذي يعيده الى اسوأ ايام الحرب الاهلية، ويروي وقائع لا تزال الذاكرة اللبنانية تبذل جهودا جبارة لنسيانها، بلا جدوى.

ليست المذكرات الصادرة حديثا عن دار النهار تاريخا لتلك الحرب، ولا يدعي صاحبها انها كذلك. هي اقرب الى مدونات شخصية لرجل صنع جزءا من تاريخ لبنان الحديث، منذ ان شارك في الفريق اللبناني الذي تولى تسلم ادارة الدولة من الانتداب الفرنسي وتأسيس جهازها القضائي، الى ان ساهم في بلورة التجربة الشهابية وترسيخها، ثم محاولة احيائها او بالاحرى اسقاطها على عهد الرئيس الياس سركيس الذي جرفته الحرب الاهلية، قبل ان ينتهي بكارثة الغزو الاسرائيلي في العام 1982.

من هذا الموقع الشهابي الذي كانت فكرة الدولة ولا تزال همه الوحيد، يطل فؤاد بطرس على وقائع العقود الستة الماضية، كشاهد حينا وطرف احيانا في مختلف المعارك السياسية التي دارت منذ اواخر الخمسينيات على تشكيل الهوية الوطنية وتنظيم المؤسسات وتوزيع الحصص بين الطوائف... ليجري مراجعة مؤثرة، تستعين بين الحين والاخر بمفكرته الخاصة وما دونه فيها من خلاصات كانت اشبه بالاستقراءات البعيدة، التي اصابت كلها... لكنها قصرت عن تحمل جزء من المسؤولية عن الحروب الاهلية المتتالية التي اندلعت داخل دولة لم تستطع حماية حدودها الخارجية، ولا تمكنت من معالجة عيوبها الداخلية.

الكتاب ثروة سياسية، لا تبخس قيمتها تلك النرجسية التي تلوح في بعض صفحاته، وتوحي بان الوزير السابق كان مرشد الشهابية ومدبرها وعقلها السياسي المتقدم حتى على الرئيس الراحل فؤاد شهاب وبقية المحيطين به الذين كانوا يفتقرون الى الخبرة والرؤية، ولا يتمتعون الا بالنيات الحسنة... التي ليس عليها دليل ثابت في المذكرات، والتي لم تكن كافية لمنع الصراع في ما بينهم، ولا كانت كافية طبعا للحؤول دون انهيار المشروع برمته عند اول منعطف انتخابي. ويتكرر هذا الانطباع عندما تتوقف المذكرات مطولا عند عهد الرئيس سركيس، الذي كان فؤاد بطرس بالفعل ركيزته الاساسية، يحاول عبثا ان يقنع بقية الزعماء المسيحيين بأن خلاصهم بالشهابية، من دون ان يلاحظ حجم المشروع الاسرائيلي الذي كان اقوى من نداء الدولة التي ظل يحاول استردادها من الثورة الفلسطينية ومن احزاب اليسار اللبناني، ثم من الوصاية السورية، وإعادتها الى حقبة الستينيات... ودخل لذلك في صراع مع الرئيسين سليم الحص ثم شفيق الوزان، متهما اياهما بانهما كانا خاضعين لضغوط محيطهما الاسلامي، اكثر مما كانا مقتنعين بصوابية وجهات نظرهما!

الكتاب محاضرة سياسية شيقة، عن فكرة الدولة والوحدة الوطنية، يظلم فؤاد بطرس نفسه فيها عندما يبدو انه كان في كل العهود مثل وزير للداخلية بدلا من ان يعرض تجربته كوزير للخارجية مرت عليه احداث تاريخية، لا تعنى بها مذكراته، واحيانا لا تأتي على ذكرها، مثل معاهدة كامب ديفيد المصرية الاسرائيلية او الثورة الايرانية او حرب الخليج او غيرها من التحولات الكبرى التي عصفت بالوطن الصغير ولا تزال.

(28/3/2009)

الصفحات