كتاب " محطة أخيرة خارج المكان " ، تأليف ساطع نور الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب محطة أخيرة خارج المكان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
محطة أخيرة خارج المكان
خيبة انتخابية
معركة مسلية فعلا. ولعلها الاكثر متعة منذ العام 1972، او حتى منذ الاستقلال حتى اليوم، فقط لانها الاولى من نوعها ربما في تاريخ لبنان الحديث التي ينأى فيها الاخرون، عربا واجانب، عن وقائعها وتفاصيلها، ويتنصلون حتى من نتائجها، ويقررون فجأة ان يتركوا اللبنانيين ينظمون فيها انتخاباتهم النيابية، تحت شعارات محلية جدا، وفي دوائر انتخابية ضيقة جدا، وبهدف الوصول الى غالبية محدودة جدا، لن يكون لها اي اثر سياسي لا في الداخل ولا في الخارج.
هي المرة الاولى التي يصعب فيها العثور على دليل جدي على تدخل خارجي في تقديم المرشحين او في تشكيل اللوائح او في صياغة التحالفات... ما عدا بعض الاسماء التي يعرف اللبنانيون جميعا ان استبعادها هو من المحرمات، وما عدا بعض المبالغ العربية والايرانية التي صرفت ولا تزال تصرف بشكل مخيب لآمال الكثيرين من الناخبين، الذين قدروا ان المعركة الحالية ستجلب الى البلد ارقاما مالية خيالية تصل الى نحو ملياري دولار.
التمويل ذاتي. وهو ليس بقليل طبعا، لكنه لا يعبر عن قرار عربي او ايراني او دولي بالانفاق المجزي على الانتخابات، او بالتعاطي معها باعتبارها معركة فاصلة بين الخير والشر، ستغير وجهة لبنان السياسية في السنوات الاربع المقبلة، وتحدث خللا في موازين القوى العربية والاقليمية والدولية. التقديرات الخارجية الدقيقة في العادة التي تشير الى ان التعادل الحالي بين فريقي الازمة المحلية، ساهمت في احجام الخارج عن التدخل، كما ان المصالحات العربية والدولية الاخيرة دفعت في هذا الاتجاه، وارست معادلة بسيطة تفيد ان الافضل البقاء على مسافة واحدة من جميع المتنافسين.
هذا الالتزام الخارجي المتبادل بالبقاء على الحياد كان وما زال مشروطا بان يحترمه الجميع من دون استثناء. اما اذا تم خرقه من هذه الدولة او تلك، بهدف إحداث انقلاب داخلي ، فان العودة الى الاساليب التقليدية القديمة في ادارة الخلافات والمعارك السياسية اللبنانية لن تنتظر حتى وصول المرشحين والناخبين الى مراكز الاقتراع في السابع من حزيران المقبل... بل يمكن ان تحسم المنافسة في بعض الدوائر الحرجة قبل ذلك الموعد بكثير.
حتى الان، لم يلتقط احد في الداخل اي اشارة الى ان احدا في الخارج يريد حرف المعركة عن مسارها «الديموقراطي» السلمي، لا بواسطة التحويلات المالية الضخمة ولا بواسطة الخيارات الامنية الخطرة. الجميع يكتفون بالمراقبة من بعيد نسبيا، ويرغبون فعلا بان تظل الحملة الانتخابية هادئة، ومسلية، ومعبرة عن الحاجة المشتركة بان يخرج لبنان من دائرة المواجهة، الى حلقة المصالحة.
العالم كله يتفرج على اول انتخابات تجري على الطريقة اللبنانية، فتنظم العصبيات الطائفية والمذهبية، وتؤدي الى قيام برلمان يعبر بصدق عن ذلك التواطؤ الضمني بين المرشحين والناخبين على تمديد عمر الازمة التي يتوارثها البلد جيلا بعد جيل، وتلقَى مسؤوليتها دائما على الخارج... برغم انه هذه المرة ليس حاضرا كما كان الكثيرون يتوقعون، او يتمنون.
(06/04/2009)