أنت هنا

قراءة كتاب محطة أخيرة خارج المكان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
محطة أخيرة خارج المكان

محطة أخيرة خارج المكان

كتاب " محطة أخيرة خارج المكان " ، تأليف ساطع نور الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

حفيدة التنين

بيجين...

الانبهار امام المعجزة يثير حشرية البحث عن سرها الوحيد الذي لم يعد يشغل احدا، حتى تلك المرأة الخمسينية التي تتردد قبل ان تفشيه همسا، فقط بدافع الرغبة في اكتساب صديق يطرح اسئلة باتت غريبة بعض الشيء حتى على الصينيين انفسهم، الذين لا تنتمي اجيالهم الجديدة الى ذلك النوع من الحوار ولا تلك اللغة البائدة .

لكن السيدة جو يونيشا التي اطلقت على نفسها اسم صباح منذ ان اتقنت العربية في جامعة بيجين، تسهيلا للتخاطب مع الزوار العرب، لا توحي بأنها تكشف احد اهم اسرار الدولة. هي فقط تعبر بعينيها الصغيرتين وابتسامتها الخجولة عن اندهاشها لمثل هذا الاهتمام الخارج عن المألوف بالعثور على «الشيوعية» ومعالمها او بالاحرى بقاياها في اكبر بلد شيوعي في العالم، وفي اهم اقتصاد ليبرالي في آن معا، ما انتج مجتمعا شديد الانفتاح والخصوصية ايضا.

بدا السؤال استفزازيا، لان جيلها لا ينكر ان الصين ما زالت تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني الذي قاد مسيرة التحديث والتطوير بعدما كاد هو نفسه يغرق احفاد التنين الآسيوي في المجاعة والفوضى. لكنها استعدت منذ اللحظة الاولى لمرافعة تستعيد فيها مفردات الحقبة الماوية من دون ان تكسبها اي شكل من اشكال القداسة. وفجأة ترن عبارات ماتت منذ زمن بعيد او هكذا كان يبدو حتى الآن، مثل حزبنا وقيادتنا وايديولوجيتنا وخطتنا العشرية الاولى ثم الثانية فالثالثة، التي يعتقد انها المسؤولة عن خروج ذلك المارد من القمقم، ليحقق اعلى معدلات النمو في العالم ( 9 في المئة) ، ويراكم اضخم احتياطي من العملات الاجنبية يقدر بنحو 1,9 تريليون دولار اميركي، ويتحول الى مفتاح لاستقرار الاقتصاد العالمي، يضخ الاموال والاستثمارات حاليا في اسواق اميركا وألمانيا وبريطانيا وغيرها لكي يمنع انهيار تلك الدول، ويحول دون التسبب بكارثة انسانية كبرى،

« لكن الحزب موجود»، تقول السيدة صباح، ولا يزال يحكم بواسطة 74 مليون شيوعي، و76 مليونا آخرين ينتمون الى منظمة الشبيبة الشيوعية. وهؤلاء لا يتمتعون بامتيازات خاصة، سوى انهم يقدمون المثال على ان الصين يمكن ان تنتج «تجربة اشتراكية ذات خصائص صينية»، لان الفقر ليس رديف الشيوعية، ولا الكثير من الافكارالماركسية التي ولدت قبل قرن مضى، فشوهها الروس ولم يدركوا الحاجة الى تطويرها لتلائم روح العصر ومتطلباته فسقطوا معها.

النقاش مسل لانه يعيد الى الاذهان تلك الايام والليالي الطويلة التي صرفتها اجيال كاملة في تفسير وتبرير تلك الايديولوجيا التي لا يمكن لاي زائر للصين ان يراها بأم العين ولا ان يلمس ايا من مظاهرها الخادعة التي طالما كانت اول ما يفاجئ ويحبط كل من يعبر البوابة بحثا عما هو خلف الستار الحديدي ، من مشروع كان حلما فأصبح سرابا.

الحزب موجود لكنه ليس مرئيا في اي مكان شهد ولادة تلك المعجزة، ولا في اي زاوية من ذاكرة تلك المرأة التي تأبى ان تعترف ان الصين هي السر، قبل ان تكون الشيوعية هي اللغز.

(22/05/2009)

الصفحات