كتاب " مساهمات في التنشئة الإجتماعية " ، تأليف د. زكي حسين جمعة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب مساهمات في التنشئة الإجتماعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مساهمات في التنشئة الإجتماعية
تمهيد
هل الثقافة هي التي تساهم في عمليات تنشئة الفرد الذي ينمو في محيطه وهو ابن بيئته؟ وما المحيط؟ وما البيئة؟ الإجابة ربما تكون سهلة ، لكن ، هل المحيط هو الأسرة أم الجماعة الاجتماعية التي نعيش فيها؟ وهل البيئة هي بيئة المكان أم الناس؟ هذه أسئلة الإجابة أم أسئلة الأسئلة؟ هناك دائما ً حاجة الى المعرفة ، معرفة ماذا نريد أن نعرف . إذا كان الانسان يعيش في وسط اجتماعي وضمن جماعة ، فإنه يعيش في وسط معرفي وفهمي وثقافي ، وهو بذلك يتعلم طرق المعرفة والفهم وعمليات التبادل الثقافي والتناقل ، وهكذا .
ويبدو من الصعب جدا ً الحديث عن الثقافة بمعزل عن الناس الذين يصنعونها ويحملونها وينقلونها بوسائل شتى . ذلك أن مجموعة الأفكار والذكريات والصور والمخططات والتجارب الخ .. لن يكون الكثير منها معروفا ً ومعلنا ً أي أنه لا تواصل فيها قط وتبقى أفكارا ً خاصة وشخصية ، تتحول الى أفكار عامة عندما تصبح محل تداول عن طريق الكلام أو الإشارات أو الصور أو النصوص المكتوبة . وأن غالبية الأفكار المتناقلة هي في حقيقتها محلية ، يتم تداولها بين محليين أشقاء ، شركاء ، أصدقاء ، الخ ... بعضها سيتردد وسينتقل الى جانب العادات والتقاليد والقيم والأعراف .
تقوم ثقافة الناس على تقاسم هذه الامور وغيرها ، وما يستخدم لنقلها وتعميمها من ادوات حسية كلها نتاج معرفة تتمخض عن تصورات الناس وتجاربهم .
وقد جاء في معجم «مفاتيح العلوم الانسانية »، للدكتور خليل أحمد خليل (1) ما يأتي :
وجد علماء الاجتماع والأناسة والأنام ما يربو على 160 تعريفا ً لمفهوم الثقافة ، فصنفوها في سبعة أصناف هي : وصفية ، تاريخية ، معيارية ، نفسانية ، بنيوية ، توليدية ، ناقصة .
1 - عرف مفهوم الثقافة في تاريخ العلوم الإنسانية تطورات عديدة يمتنع حصرها في راتوب (*) زمني بسيط .
- جرى ربط الثقافة بتطور البشرية العام ، فبدت متطابقة مع مرحلة ٍ من مراحل التقدم الشامل .
- ثم جرى إلباس الثقافة لباس المدنية ( Cultur civilisation ) فبدت حينئذ ٍ كأنها حال اجتماعية متقدمة ، أو جملة الموروث الاجتماعي الذي تتناقله الاجيال المتعاقبة ، والذي يتضمن العلوم ، والمعتقدات ، والفنون ، والأخلاق ، والشرائع ، والعادات ومختلف التقاليد والملكات التي يكتسبها الفرد بوصفه عنصرا ً في المجتمع (2) .
2 - يتواصل البحث ، في عصرنا، عن مفهوم اجرائي ( op é ratoire ) للثقافات المتعددة بتعد ُّ د الشعوب واختلاف المدارات الثقافية : مثلما جرى التشديد على خصوصي ّ ة كل ثقافة بسماتها المميزة وتاريخها الخاص : إناسة ثقافية وإناسة اجتماعية ( Anthropologie Culturelle et Sociale ) .
3 - جرى إدخال مفاهيم الثقافة الشعبية والثقافة الجماهيرية (3) للدلالة على نماذج المسالك الاجتماعية والمعرفية وآداب الحياة والتفكير ، ولمقاربة الثقافة الجماهيرية وتقريبها من المجتمع الاستهلاكي وأدواته الاعلامية .
4 - تدل الثقافة على تكو ّ ن الفكر وعلى الشخصية برم ّ تها : ذوق و احساس و ذكاء ، الخ ... في مقابل العادي من المعارف وتكديس العلم النظري وغيرالشخصي .
في دراسة الثقافة ، انقسم العلماء إلى ( اجتماعيين وانتروبولوجيين ):
أ - الاجتماعيون : ويرون أن الثقافة هي دراسة كل ما في نطاق المجتمع من مؤسسات وتفاعل وعلاقات ونظم ويعد من أعلام هذا الاتجاه : دوركهايم و كونت و ليفي برول ورادكليف وبراون وغيرهم .
ب - الأنتروبولوجيون : ويركزون على الثقافة باعتبارها علم الانسان والحضارة والتراث ، ومن أبرز علماء هذا الاتجاه تايلور وبوواس و مرغريت ميد وايريك فروم .
وترى لوسي مير ، (1968 ، L . Mair) استاذة الأنتروبولوجيا في كلية الاقتصاد بجامعة لندن «أن هناك عددا ً من علماء الانتروبولوجيا في بريطانيا وأوستراليا وأمريكا يتركز اهتمامهم حاليا ً في ( الثقافة ) ويطلقون على أنفسهم «علماء الأنتروبولوجيا الثقافية» (4) .
ويع َ رف رالف لنتون (1956, R . Linton) الثقافة بأنها «الشكل العام للسلوك المتعلم ونتائج هذا السلوك الذي يشترك في العناصر المكونة له ، ويتناقله أعضاء مجتمع بعينه (5) .
فيما يركز هايجر وسلزنك على اللغة واستخدام الرموز والخبرة بقولهم : إن الثقافة هي كل شيء يتم إنتاجه عن طريق الخبرة الرمزية المشتركة ، وله القدرة على مساندتها .
ويمكن القول إنّ الثقافة هي نمط معيشة فئة من السكان ، وطريقة حياة وسلوك ولغة وافعال وذاكرة وعادات وتقاليد وأعراف . هي كل ما يعبر عنهم مجتمعاً وجماعة . وفي كل ثقافة توجد مجموعة من الثقافات الفرعية ، مثل : الريف ، والحضر ، والبدو ، وسكان السواحل ، وسكان الجبال . ولكل منها العديد من الأساليب السلوكية والعادات الخاصة بالزواج والولادة والموت والطقوس والمناسبات الدينية وغيرها، وطريقة في الاندماج وبناء العلاقات ، وكذلك النظرة الى الحياة والتي بها تختلف عن بقية الثقافات الفرعية الأخرى .