أنت هنا

قراءة كتاب مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

كتاب " مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013) " ، تأليف رجا سعد الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مقـدمـة

تتحدَّد علاقة الملتزم الثوري بمجتمعه إلى حد كبير بطبيعة المجتمع. ففي المجتمع الرأسمالي مثلاً تتميز هذه العلاقة بكثير من التوتر والتناقض والصراع. والمجتمع اللبناني الرأسمالي المأخوذ من قبلنا كنموذج، تتحكم في بنيته عناصر الرفض الطبقي والطائفي، والمذهبي لرؤى الملتزمين بمسيرة التغيير والتقدم. وفي كل الأحوال: نجد أن متطلبات الالتزام الوطني والديمقراطي والثوري بقضايا الناس والوطن، وكذلك المتطلبات الشخصية للإنسان الملتزم، تختلف وتتناقض على نحو جوهري مع متطلبات الطبقة الاجتماعية المستغِلّة ومع ممثليها في السلطة ومؤسساتها المتنوعة وأجهزتها المختلفة... فالملتزم الثوري يهدف أكثر ما يهدف، إلى تحقيق رؤاه الفكرية والسياسية. وإن طبيعة إنجازاته تقوم على تجاوز الواقع، وتخطي المعايير السائدة، سواء كانت فكرية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو فنية، أو ثقافية وذلك من خلال مواجهته لهذه المعايير، بالنقد أو بالتحدي العملي، أو بالاثنين معاً؛ وهذان الأمران يشكلان مكوِّنين أساسيين في مسار وحياة الملتزم الثوري «الحر»، أي غير الملتزم بأطر حزبية أو حركات يسارية محدَّدة، أو في مسار وحياة الملتزم ببرنامج حزب «ثوري» يعبِّر في ما يعبِّر عن مصالح الفئات المستغَلَّة، على صعيد مجتمعه في مواجهة الفئات المستغِلّة، التي تجعل من الدولة وأجهزتها الأيديولوجية، والأمنية المختلفة، أداة قهر وسيطرة في عملية الصراع المستمرة ضد الكادحين على مختلف فئاتهم من عمال وفلاحين وموظفين وفنانين ومثقفين، وأفراد مهن حرة (أطباء ومهندسين وصيادلة ومحامين...) وسواهم من الفئات الاجتماعية المتضرِّرة.

إن الفكر الثوري الملتزم، يهدِّد، بصورة أكيدة، استقرار المجتمع البورجوازي، هذا الاستقرار السلبي الذي يرتكز في استمراره على عملية الاستغلال المتوحشة من قبل تحالف الرأسمال مع الإقطاع، برعاية طوائفية منظَّمة، بهدف تثبيت المحاصصة الطائفية- الطبقية للسلطة كما يحصل في لبنان.

إن الفكر الثوري الملتزم (بمفكريه ومناضليه)، يهدِّد أيضاً أعمال بعض جماعات التخصُّص في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، والاقتصادية والإعلامية... التي اعتادت بيع قوة عملها الذهني والمعرفي والإعلامي، لقاء وظائف مدفوعة الأجر، أو لقاء «رشوات» من المال؛ أو تلك التي يعمل بعضها انطلاقاً من موقعه الطبقي وأحياناً من انتمائه الطائفي، من أجل تأبيد سيطرة قوى الاستغلال من الرأسماليين والإقطاع السياسي، القديم والمتجدِّد، والتي تتقاطع مصالحها الطبقية مع مصالح ممثلي الحركات الدينية والمذهبية، التي نمت وتصاعد نفوذها في لبنان وفي المنطقة، بسبب أزمة البورجوازية العربية المتمادية، وعجز أنظمتها عن إنجاز مهام التحرر الوطني، وضعف اليسار على الصعيدين العربي واللبناني، وعجزه عن أن يكون البديل المطلوب. وبسبب اختلال موازين القوى على الصعيد العالمي بعد انهيار منظومة البلدان الاشتراكية، وهيمنة مشاريع الامبريالية وبخاصة الإمبريالية الأميركية، صاحبة مشروع «الشرق الأوسط الكبير» التي تُشكِّل الصراعات المذهبية أحد أبرز مكوِّناته الحقيقية.

إن الأنظمة التي تقوم على أساس الاستغلال الطبقي، ومنها النظام اللبناني تميلُ عادة إلى المحافظة، كي تبقى صيغة النظام في وضعية الثبات والهيمنة، خدمة للطبقة المسيطرة اقتصادياً. لذا فالصراع بين الملتزمين بقضايا التقدم والثورة (أفراداً وأحزاباً)، وبين نقيضهم الطبقي والسياسي هو أمر حتمي. ولأنه كذلك قرَّرنا أن نقدم للرفاق والأصدقاء، ولمن يهمه الأمر كتاب «مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثـورة» للاطلاع على آراءٍ يختلف البعض معـها أو يتفق؛ علّنا بذلك نساهم في تطوير الحراك الفكري والسياسي والاجتماعي، في مجتمع هو في أمسِّ الحاجة إلى تبادل الأفكار المختلفة بين مثقفيه ومناضليه كي يشكّل هذا الحوار الديمقراطي المفترض، أساساً فكرياً يتحول بالممارسة السياسية إلى قوة مادية للقوى صاحبة المصلحة في التغيير الديمقراطي للنظام الطائفي الطبقي اللبناني، وقيام الحكم الوطني الديمقراطي بديلاً عنه...

وقبل طي صفحات المقدِّمة، أودُّ الإشارة إلى أنني اعتمدت مبدأ التسلسل التاريخي للمقالات التي تتداخل فيها الرؤى والقضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية، والتي تعبِّر، حتماً، عن واقع اللحظة التاريخية التي كتبت فيها، مع محاولات متواضعة لاستشراف المستقبل، مسجِّلاً أسمى تحياتي « للنداء» التي استضافت هذه المقالات كجريدة يومية، أو كمجلة أسبوعية، أو نصف شهرية، على امتداد سبعة وعشرين عاماً، وللرفيقات والرفاق العاملين فيها، وفي نشرة «حياة الحزب»((1)) كل الحب والتقدير.

الصفحات