قراءة كتاب مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

كتاب " مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013) " ، تأليف رجا سعد الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

الثقافة الوطنية والصراع الأيديولوجي

1- موقع الثقافة في الصراع الأيديولوجي

إن صياغة الوعي الاجتماعي هي عملية اجتماعية، يلعب المثقفون فيها دوراً ريادياً على جبهة النضال الفكري والأيديولوجي، في المراحل التي تحتدمُ فيها التناقضات وتتعمَّق، وتزيدها الأحداث بخصائصها التاريخية والمحلية مزيداً من التعقيد كما هو الوضع القائم حالياً في لبنان.

إن الوعي المشكل بفضل مساهمة إنتاج المثقفين الوطنيين، يساعد في تعميق القناعات والقيم الوطنية والثورية لدى أوسع الفئات الاجتماعية، ويتحول بالتالي إلى قوة مادية، تساهم حتماً في تحقيق التقدم بوجوهه السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، على خط المواجهة والصراع مع النقيض الطبقي.

2- في أبرز المفاهيم الأيديولوجية المناهضة للثقافة الوطنية

برزت الساحة اللبنانية منذ بداية الحرب الأهلية وحتى الآن، على أنها الساحة الأساسية للمواجهـة في المنطقة العربية، بين قـوى حـركة التحرر الوطني العربية من جهة، وبين قوى التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي من جهة أخرى. وفي إطار تصدي التحالف الوطني اللبناني الفلسطيني السوري للتحالف الأميركي الصهيوني الفاشي، وعلى قاعدة تفاقم أزمة النظام الرأسمالي اللبناني في شتى مجالاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية، تحدد المضمون الرئيسي للصراع الأيديولوجي من موقع القوى الوطنية والتقدمية والثورية اللبنانية، على أنه صراع أيديولوجي ضد الامبريالية والصهيونية وأيديولوجيتهما، وكذلك ضد الفاشية وأيديولوجيا البورجوازية الانعزالية اللبنانية، التي صعّدت هجماتها في الميدان الفكري من خلال مفاهيم أيديولوجية متعدِّدة، نذكر الآن منها اثنين على سبيل المثال لا الحصر، دون التطرق إلى التفاصيل وهما:

أولاً: المفهوم الطائفي: هذا المفهوم استخدمته البورجوازية الانعزالية، سلاحاً فكرياً لمواجهة الطبقات والفئات الاجتماعية الكادحة من جميع الطوائف، لإبقائها تحت سيطرتها الاقتصادية ونفوذها السياسي، واعتمدته الانعزالية الفاشية دليلاً فكرياً لممارستها السياسية حتى توصلت إلى الزعم القائل بأن التناقض والصراع في لبنان هما تناقض وصراع طائفيان. وإن أي تفكير بإعادة بناء النظام السياسي اللبناني، لا بد أن يرتكز على القاعدة الطائفية في المجالات كافة. هذا المفهوم الانعزالي الفاشي المدمِّر في مجال الفكر، أدى في بعض الأحيان إلى حالات وردود فعل أيديولوجية طوائفية ومذهبية في حقل ممارسة الثقافة الوطنية، تركت ولا شك سلبيات كثيرة، لا نزال نعاني منها، ولا تزال تخترق من وقت إلى آخر جبهتنا الأيديولوجية الوطنية المعادية للمشروع النقيض.

ثانياً: مفهوم فرادة لبنان وتميُّزه عن غيره من بلدان العالم وعن محيطه العربي: أي إن منظِّري البورجوازية الانعزالية الفاشية، يزعمون انطلاقاً من هذا المفهوم، بأن القوانين التي تحكم تطور المجتمعات في هذه المرحلة بالذات، لا تنطبق على واقع لبنان. أي إنهم يردون ذلك إلى وضع لبنان خارج حركة التاريخ، وبالتالي فهم بمفهومهم الأيديولوجي هذا وبممارستهم السياسية له، يحاولون تأبيد نظامهم البورجوازي الذي أكدت أحداث السنة الماضية، أنه غير قادر على إنقاذ ذاته، من الأزمة المستعصية التي يواجهها، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقومية والأيديولوجية كافةً. كما أنهم يحاولون من خلال مفهومهم هذا، تمييز لبنان عن محيطه العربي، بهدف عزله عن حركة التحرر الوطني العربية وإعفائه من موجبات التصدي لأعداء الأمة العربية من إمبرياليين وصهاينة...

3- في سبيل مواجهة أيديولوجية ناجحة لأيديولوجيا البورجوازية الفاشية الانعزالية

إن أيديولوجيا البورجوازية الانعزالية الفاشية كما أشرنا باختصار، هي أيديولوجيا تعمل على إنجاح مشروعها الفاشي الانعزالي، الذي يستهدف وحدة لبنان واستقلاله الوطني وعروبته وتطوره الديمقراطي. وانطلاقاً من رؤيتنا لمخاطر هذا المشروع، ولمخاطر الهجمة الأيديولوجية المعادية، نرى أن أي مواجهة ناجحة له، تتطلب بالضرورة نهجاً ثقافياً وطنياً يتحقق النضال الأيديولوجي من خلاله على أساس المبادئ الآتية:

أ - مبدأ النضال من أجل وحدة لبنان وصيانة عروبته وتطوره الديمقراطي...

ب - مبدأ النضال من أجل تحقيق المساواة بين المواطنين، بخاصةً في مجال الحقوق المدنية المتنوعة، ومن أجل تكريس الحريات الديمقراطية والعامة وتطويرها، ومن أجل تعزيز خيار التطور الديمقراطي للبلاد...

ج - مبدأ النضال من أجل إلغاء الامتيازات الطبقية للطغمة المالية، والتي تتداخل وتتشابك مع الامتيازات الطائفية لزعماء الطوائف...

د - مبدأ النضال من أجل وحدة الصف الوطني بمكوناته الحزبية والسياسية والنقابية والثقافية كافة، على أساس برنامج وطني مرحلي يؤسس لمرحلة متقدمة للعمل الجبهوي...

هـ - مبدأ التضامن مع المثقفين الوطنيين والتقدميين عربيّاً ودولياً، في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية والرجعية، التي تتحكم في مصائر أوطانهم وشعوبهم وإقامة أفضل العلاقات مع المؤسسات الثقافية في البلدان المؤيدة لقضيتنا الوطنية.

وحتى تحقيق المزيد من النجاحات، في مجال النضال الأيديولوجي ضد المشروع الانعزالي الفاشي، وضد من يرعاه إقليمياً ودولياً، وحتى نطبق ما أعلنَّاه من مبادئ أساسية في عملنا الثقافي الوطني نرى: ضرورة قيام جبهة ثقافية وطنية واسعة، تضم جميع مثقفي الأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية، الذين يناضلون كل من موقعه، ضد المشروع الانعزالي الفاشي وتجلِّياته، وضد الاحتلال الإسرائيلي وإفرازاته. كما نرى ضرورة إشراك المثقفين في وضع برامج عملهم في هذا المجال. بذلك نكون قد أنجزنا مرحلة أساسية على طريق إنضاج الظروف المناسبة، كي تلعب الثقافة الوطنية دورها المنشود في عملية النضال من أجل التحرير والتغيير.

النداء، 12/6/ 1985

الصفحات