قراءة كتاب مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013)

كتاب " مواقف وآفاق في قضايا الثقافة واليسار والثورة (1985 - 2013) " ، تأليف رجا سعد الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

أزمة الحكم والمعارضة في لبنان

في البدء نود أن نشير إلى أن الهدف من المساهمة في إثارة هذا الموضوع يتمحور حول أمر أساسي هو النقاش في مسألة هامة، يتحدد على أساس وعيها العلمي حاضر العملية السياسية في البلاد ومستقبلها، بما هي عملية صراعية بين كتل وقوى اجتماعية وسياسية ذات مصالح متباينة ومتناقضة، تدخل جميعها في حركة استقطابات سياسية، فتتشكل بحركيتها هذه كتل سياسية – اجتماعية تتوزع على جبهتي الحكم والمعارضات المختلفة، وفي سياق عملية الصراع، يبدأ نسيج العلاقات في ما بينهما في التكوُّن على قاعدة التناقض والتجاذب في المواقف والبرامج والأداء السياسي... وتتحدد الغلبة لمن يمتلك الحصة الأكبر في محصِّلة المعارك، وتجري عملية التناوب على السلطة، وتتبدل المواقع مع ما يرافق ذلك من عمليات خروج ودخول لقوى جديدة لدى الكتلتين المتنازعتين.

في ضوء هذا التحديد العام كيف تبدو صورة الحكم والمعارضة في لبنان؟؟

قبل الإجابة لا بد من الإشارة إلى جملة أمور علَّها تساهم، بتداخلها وتفاعلها، بتقديم جواب أدق لموضوع سؤال غاية في الأهمية.

الأمر الأول: إن واقع الحكم والمعارضة للقوى السياسية في فترة ما قبل الحرب الأهلية، يختلف إلى حد كبير عن واقع الحكم والمعارضة للقوى السياسية لفترة الحرب الأهلية ولفترة ما بعد الحرب.

الأمر الثاني: بروز السمة الطائفية في نهج أهل الحكم ومعظم قوى المعارضة.

الأمر الثالث: بروز سمة المعارضة المناطقية التي تتحكم في صيرورتها النزعة الطائفية.

الأمر الرابع: بروز سمة العدمية السياسية، لدى معظم الأطراف في الحكم والمعارضة.

الأمر الخامس: استسهال اللجوء إلى العنف، في عملية الصراع السياسي بخاصة من قبل أهل الحكم.

الأمر السادس: ضعف البنى التنظيمية للمعارضة (أحزاب وجبهات)، كذلك ضحالة وعجز الفكر السياسي لدى أهل الحكم افراداً ومؤسسات.

الأمر السابع: غياب الديمقراطية إلّا من بعض مظاهرها الشكلية في عملية الصراع، وكذلك انعدامها إلى حد كبير في الحياة الداخلية للأحزاب، والقوى السياسية التي تتشكل منها المعارضة والسلطة على السواء.

هذه الأمور وغيرها، ساهمت، وتساهم إلى حد معين، في تحديد طابع الحياة السياسية في لبنان، وتحدد أيضاً إلى حد كبير مسار الحركة السياسية في البلاد. وبذلك تكون جزءاً مكوناً للأزمة السياسية العامة وشكلاً من أشكال تجلياتها.

هكذا نرى أن الأزمة اللبنانية قد بلغت الذروة على صعيد الحكم في هذه الفترة، في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة، وهي مرشحة – أي الأزمة - إلى أن تصير أزمة دائمة. في المقابل، وعلى صعيد المعارضة، من المفترض وانسجاماً مع معرفة ووعي العلاقة ما بين الحكم والمعارضة نرى من الضروري وانطلاقاً من المبدأ العام الذي يتشكل نتيجة العلاقة ما بين المتناقضات، بأن حكماً مأزوماً يساهم بالضرورة في ولادة معارضة ناجحة. هل هذا هو واقع الحال في لبنان؟

بالطبع لا. فكما أن الحكم في أزمة، المعارضة أيضاً في أزمة!! أسباب ذلك طبعاً كثيرة. في مقدمة هذه الأسباب الحرب الأهلية وما خلفته من نتائج سلبية على الأوضاع السياسية في البلد. وكذلك الطائفية كوعي ومحور جذب واستقطاب بخاصة في لحظات العنف الأهلي، وضعف الديمقراطية كوعي ومنهج وممارسة في العلاقات السياسية لدى أطراف المعارضة المختلفة وفي حياتها الداخلية.

وممّا يزيد الأزمة عمقاً لدى الحكم والمعارضة في لبنان، هو ذاك التشتت الهائل لقوى مراكز الاستقطاب. فلا شيء يحد من حركة هذه القوى، ولا شيء يدخل تقريباً في تحديد الضوابط السياسية في الحياة الداخلية لدى الفريقين المتناقضين.

أمور كثيرة تجمع وأمور أخرى تفرق!! معارضة تشارك في الحكم وأخرى تعتكف...!! حكم يحكم بقوى السلطة ويعترض البعض منه على بعضه الآخر، فيتحول باعتراضه إلى معارضة تنسق مع بعض معارضة النقيض، وهكذا فحركة الحكم المأزومة تزداد تأزماً وكذلك المعارضة التي تعيش الأزمة لا تشكل البديل!!

إذن، ما العمل؟؟

ربما المزيد من النقاش المقرون بالعمل في هكذا موضوع يساهم في تقديم بعض الأجوبة.

النداء، العدد 11، 15/8/1992

الصفحات