كتاب حصاد الخريف العربي للكاتب الدكتور رجب شعلان يتناول الأحداث التي شهدتها عدة ساحات عربية وما اطلق عليه إسم الربيع العربي . في مقدمة كتابه ، يتحدث عن مشروع برنارد لويس لتفتيت المنطقة العربية في عملية اعادة نظر لاتفاقية سايكس ـ بيكو .
أنت هنا
قراءة كتاب حصاد الخريف العربي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لقد أدركت الإدارات الأميركية المتعاقبة فشلها على كل هذه المستويات ومع احتراق أوراق الحكام الذين جرى تعيينهم منذ أكثر من عشرين أو ثلاثين عاما حيث انتهى مفعول صلاحيتهم . وبعد الفشل الذي أصيبت به الولايات المتحدة الأميركية بما سمي بربيع براغ (تشيكوسلوفاكيا) وفشلت في إقامة حلف بغداد وفي أحلاف أخرى وبعد ركود شعبي وثبات وخنوع على مدى عشرات السنين جراء ممارسة الحكام العرب للقبضة الحديدية بحق هؤلاء الشعوب . ومع بدايات الحراك الشعبي في أكثر من ميدان تحرير من تونس إلى مصر إلى اليمن إلى البحرين إلى ليبيا إلى اليمن . وبعد تجربة ونجاح الثورة البرتقالية في دولة أوروبية مشرقية التي كانت هي إحدى أكبر صناعتها ، سارعت الولايات المتحدة الأميركية لاحتواء هذا الحراك الشعبي مستفيدة من النقمة العارمة التي يحملها هذا الشعب على نظامه الذي حكم طويلا حارما الشعب من أبسط قواعد حقوق الإنسان في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
الولايات المتحدة الأميركية بسفرائها ومخابراتها وأجهزتها الإعلامية تضامنت مع هذه الشعوب ضد حكام هم بالأساس صنيعتها وآداتها الطيّعة . ولكنها السياسة يا صديقي كما قال أحد الأميركيين الذي أكرهه جدا لأنه أميركي ، وتابع ألم تكن ثورة الأرز في لبنان كالثورة البرتقالية هدفها الوقوف بوجه سيطرة الشيعة على الشارع اللبناني والغاية منها منعها من السيطرة على مواقع القرار في الدولة . وأميركا من أجل ذلك عزلت رئيس الجمهورية إميل لحود وحاولت تهميش دور رئيس مجلس النواب ؟ أوليست اميركا هي وراء القرار 1559 الذي يستهدف المقاومة وسلاحها ؟ أوليست أميركا هي من كان وراء الحرب الإسرائيلية على لبنان لتطبيق الشق الثاني من القرار 1559 ؟ وأضاف ألم تقرأ ما نشرته ويكيليكس عن الدور الأميركي في لبنان من أجل توليد الشرق أوسط الجديد ولو بعملية جراحية إسرائيلية ؟ هذه هي السياسة الأميركية يا صديقي في منطقتكم العربية وعليكم أن تقبلوا بها .
الولايات المتحدة الأميركية سارعت لاحتواء ثورة الياسمين في تونس وحولتها إلى مواجهة مع شخص تم ترحيله وانتهى الأمر ولم يحقق الشعب التونسي الذي انتفض يوما فيما سمي بثورة الخبز أي من طموحاته في تغيير المناهج السياسية والاجتماعية والديمقراطية .
وكما في تونس ، هرولت الولايات المتحدة الأميركية في محاولة مكشوفة لاحتواء ثورة يناير في مصر وتقزيم طموحات أصحاب الثورة والحراك الشعبي وتحويلها إلى ثورة ضد شخص مبارك فأجبروه على التنحي وتخلوا عنه نهائيا عندما سمحوا بحكمته في مسرحية درامية غير مرضية ولا مقبوضة من أحد . ولعل الولايات المتحدة الأميركية التي عملت على احتواء ثورة مصر قد نجحت . فالنظام السياسي الذي كان سائدا أيام مبارك ، هو نفسه القائم اليوم ، فمعاهدة كامب دايفيد ممنوع المساس بها وإمداد إسرائيل بالغاز مطلوب الالتزام به والاقتراب من إيران ممنوع ، ولابأس من قيام علاقة استراتيجية مع تركيا لمحاصرة سوريا من الشمال والجنوب وإذا أرادت مصر أن تلعب دورا قياديا محوريا حسب الإدارة الأميركية ، فمن الضروري الالتزام بما هو مطلوب منها وأولها العمل على فكفكة تحالف الأحزاب والقوى المناهضة لمبارك وتحييد الإخوان المسلمين لمرحلة قادمة سيكون لهم دور كبير فيها . وحتى الآن أسأل وأطالب من عنده الإجابة على الإنجازات التي حققتها ثورة مصر لصالح الوضع الداخلي العربي عامة والفلسطيني خاصة . أجزم أن ثورة مصر العملاقة والمعارك التي خاضها الثوار في ميادين القاهرة والاسكندرية والسويس والمنصورة والاسماعيلية وغيرها ومعركة الجمل والتي دفع ثوار ثورة مصر مئات الشهداء وآلاف الجرحى ، احتوتها الولايات المتحدة وحولتها من ثورة ضد نهج ونظام إلى مواجهة مع شخص وأعوانه، ولطالما اعتقل الشخص وأعوانه وهم يحاكمون فلم يعد هناك من داع للعودة إلى الميادين ، لا بل عمدوا إلى إسقاط الثورة بإشعال الفتنة الطائفية بين الأقباط والمسلمين وحرق الكنائس وتهجير المسيحيين . وأخاف أن أقول أن شعلة ثورة مصر قد خمدت دون ان تحقق أهدافها الاستراتيجية . فمصالح إسرائيل مؤمنة ومحفوظة ومحمية بوجود مبارك أو غيابه وكفى الله المؤمنين شر القتال .
أما ما يجري في البحرين والمحرقة التي يرتكبها النظام الحاكم ضد شعب يطالب (بما تتغنى به الولايات المتحدة الأميركية من عدالة وحرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية) فإننا نجد أميركا ضد طروحاتها حيث أنها تقف ضد هذا الشعب ومع التدخل الخليجي عسكريا لحماية نظام الملك على حساب مطالب شعبه . فالساحة البحرينية كشفت بوضوح أن الإدارة الأميركية وكما عادتها ، تكيل بمكيالين وأن سطحها يحمل الصيف والشتاء في آن . فهي مع النظام الملكي في البحرين وضد إرادة الشعب الذي لا يطالب بإسقاط النظام وإنما بالحد الأدنى من الكرامة والعدالة الاجتماعية . إلا أن الممنوعات الأميركية قد وضعت وهي التالية ، ممنوع إسقاط النظام الملكي في البحرين ، ممنوع إعطاء الشعب البحريني حقوقه المشروعة وأنه على الأذرع العسكرية في مجلس التعاون الخليجي القيام بذلك .
الولايات المتحدة الأميركية رفعت صوتها بضرورة إعطاء الشعب السوري الحرية والعدالة الاجتماعية وطالبها كانت بأن تجري القيادة السورية إصلاحات سياسية واقتصادية وإطلاق سراح المعتقلين وإصدار التشريعات والقوانين التي تمنح الشعب السوري مزيدا من الحرية ، هذا المعلن اميركيا .