كتاب حصاد الخريف العربي للكاتب الدكتور رجب شعلان يتناول الأحداث التي شهدتها عدة ساحات عربية وما اطلق عليه إسم الربيع العربي . في مقدمة كتابه ، يتحدث عن مشروع برنارد لويس لتفتيت المنطقة العربية في عملية اعادة نظر لاتفاقية سايكس ـ بيكو .
أنت هنا
قراءة كتاب حصاد الخريف العربي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إن عام 2003 تمثل بوضع مشروع برنارد لويس موضع التنفيذ على الساحتين اللبنانية والعراقية . ففي لبنان صدار القرار 1559 الذي يقضي بانسحاب الجيش السوري منه وبتجريد المقاومة من سلاحها في سابقة دولية تمثلت في تدخل مجلس الأمن الدولي بالشؤون الداخلية للبنان . أما في العراق فاتهامه بامتلاك أسلحة دمار شامل حيث كانت الإدارة الأميركية تعد أراضي الدولتين كمسرحا للأعمال العسكرية كانت بدايتها بالحرب على العراق واجتياحه وإسقاط نظم الحكم فيه وإدخاله في فوضى مدمرة تمهيدا للاستيلاء على نفطه وإقامة القواعد العسكرية على أراضه . وكانت ثانيها العدوان على لبنان عام 2006 الذي رفض تطبيق القرار 1559 والغاية منه كانت توليد الشرق الأوسط الجديد وفق ما أعلنته وزيرة خارجية الولايات المتحة وقتها كوندليزا رايس من بيروت في السادس عشر من تموز عام 2006 ، وقد أرادت الولايات المتحدة إدخال الكيان الصهيوني لإنفاذ هذه المهمة ظنا منهم أن النتائج التي يمكن أن تحصل عليها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل من الحرب على لبنان بعدما احتلت العراق وحاصرت إيران تماما ، هي فرض اتفاق جديد على لبنان شبيه باتفاقية 17 أيار بعد تجريد المقاومة من سلاحها والتخلص من مشروعها التحرري المقاوم وإطباق الحصار على سوريا تمهيدا لإسقاط النظام .
سوريا زاد من ممانعتها وصمودها وتكريس ثوابتها الوطنية والقومية كل يوم بدعمها للمقاومة وبوقوفها بوجه الاعتداءات الأميركية أينما كانت وعلى من كانت وهي ترفض التدخل في شؤونها الداخلية معتبرة أن سيادتها هي قدس الأقداس .
أمام هذا الفشل الكبير في محاصرة إيران وإعداد العدة للانسحاب من أفغانستان وبدء العد التنازلي للانسحاب من العراق وفشل المشروع الأميركي ـ الغربي ـ الصهيوني بالهجوم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي وحتى العسكري على سـوريا . ومع إدراك هذه القوى أن ما أسمته الربيع العربي بدءً من العراق ولبنان عام 2003 مرورا بما أطلقوا عليه إسم الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا . وبالرغم من تخليها عن أنظمة حكم دكتاتورية حكمت شعوبها بالقهر والحديد والنار وفتحت أبوابها للمخابرات الأميركية والصهيونية والفرنسية والبريطانية وقدمت كل ما لديها من معلومات وتعاونت إلى أقصى الحدود مع تلك الأجهزة في فرض الحصار على قطاع غزة وفي محاولة لزعزعة استقرار سوريا تمهيدا لإضعافها فالإنقضاض عليها تحت مسميات أن هناك حراك أطلقت عليه إسم الربيع العربي مدرجة إياه في خانة الانتصار للحرية والديمقراطية على طغمة من النظم الاستبدادية كانت من صنعها على أياديها .
إن الربيع العربي يتجلى بانتصار الشعوب بوقوفها على ثوابتها القومية وحماية سيادتها وحريتها واستقلالها وثروتها الوطنية ويتجلى بانتصار هذه الشعوب للقضية الفلسطينية بوجه عمليات التهويد التي تتم بموافقة أميركية ـ أوروبية وللأسف عربيـة .
وأختم لأقول أن الأميركيين الذين أتخموا عقولنا بشعارات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان ، فإنهم هم أنفسهم من وضعوا نظرية النفط مقابل الغذاء للشعب العراقي . وهم أنفسهم من اقتطع من السودان ربعه الجنوبي لتحويله إلى دويلة إسرائيلية في قلب أفريقيا وهم من جوّع شعب الصومال وهم من أفسد الحكم في الجزائر . وهم من دعموا العدوان على لبنان وفرضوا قانون محاسبة ومعاقبة وحصار سوريا . وهم انفسهم من سرقت شركاتهم البترول الليبي كما سرقوا النفط العراقي لعشرات السنين مقدما . وهم من أشعل الفتنة الطائفية في مصر وتراهم يعملون على إذكاء نار نار الفتنة الطائفية في سوريا وتفعيل المؤامرة عليها كما يعملون على تأجيج الفتنة القبلية في اليمن ، فإنهم يؤسسون لفتنة طائفية ومذهبية في لبنان .
وعليه فإن ما أطلق عليه الربيع العربي في وقت قصير ومحدود جدا تحول إلى خريف عربي لا أحد يعلم إلى متى يستمر خصوصا وأن الساحات العربية بمرتها ستشهد حفلات الدم التي أرادتها الولايات المتحدة الأميركية لتوليد كيانات على مقياس الأديان والطوائف والمذاهب والأعراف والقبائل ، فتتحول الدول الأربعة والعشرون العربية إلى مئة وخمسون دويلة وكانتون وإمارة ومزرعة وربما مخــــيم .