كتاب " دليل الحركات الإسلامية المصرية " ، تأليف عبد المنعم منيب ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب دليل الحركات الإسلامية المصرية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
دليل الحركات الإسلامية المصرية
جماعة التبليغ والدعوة
تعتبر جماعة "التبليغ والدعوة" إحدى الفصائل الهامة في "الحركة الإسلامية التقليدية" في مصر تالية في المرتبة بعد السلفية التقليدية من حيث الأهمية والعدد، وقد دخلت جماعة التبليغ والدعوة إلى مصر في منتصف سبعينيات القرن الماضي تقريبا قادمة من الهند، ورغم أن جماعة "التبليغ والدعوة" أصولها هندية ولا تمت إلى الأزهر بصلة مباشرة إلا أن مؤسسها الهندي هو من مشايخ الصوفية هناك، ومعلوم أن التصوف رافد رئيسي من روافد الأزهر الشريف كما أن التصوف هو من المؤسسات الإسلامية التقليدية.
وعلى كل حال فإن جماعة "التبليغ والدعوة" عندما دخلت العالم العربي أخذت صبغة سلفية شكلية نتيجة لسيادة المنهج السلفي في معظم فصائل الحركة الإسلامية على اختلافها لالتزام جميع الفصائل بالعمل (ولو شكلياً) بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: وما تلك الفرقة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي" رواه أبو داود وأحمد والحاكم وغيرهم وهو حديث صحيح، كما أن أول من أدخل جماعة "التبليغ والدعوة" إلى مصر هو الشيخ إبراهيم عزت (رحمه الله) وهو كان ذا توجه سلفي فاصطبغت جماعة "التبليغ والدعوة" في مصر بطبيعة إبراهيم عزت السلفية.
وجماعة "التبليغ والدعوة" كانت وما زالت من أكبر الجماعات الإسلامية المصرية عددا إذ يقدر عدداً نشطائها في مصر بما يزيد عن 250 ألف شخص وذلك بسبب الطبيعة البسيطة والسهلة لمنهجها الفكري وأسلوبها البسيط والنشيط في العمل وفاعلية وحماس أعضائها، وعدم اصطدامها بالحكومة وعدم منع الأمن لها وإن ضيق عليها أحياناً بشكل محدود.
ويتلخص تصور جماعة "التبليغ والدعوة" للواقع الإسلامي المعاصر وسبل تغييره في مثل يضربه عادة نشطاء جماعة "التبليغ والدعوة" عند شرحهم لمنهج جماعتهم وهو أن الأمة الإسلامية مثل كوب ماء يركد في قاعه كمية كبيرة من السكر وكل ما تحتاجه الأمة هو تقليب هذا الماء بملعقة حتى يذوب السكر فيه ويصبح حلواً، فالأمة فيها الخير لكنها تحتاج إلى حركة تنشط هذا الخير الكامن في نفوس الناس، وهذا التقليب هو ما تقوم به جماعة "التبليغ والدعوة" في العالم كله، عبر دعوة الناس في الشوارع إلى الصلاة في المسجد وعند ذهابهم إلى المسجد يلقون عليهم دروساً في منهج الجماعة وكلاماً حماسياً كثيراً جداً في وجوب الصلاة والتحلي بالمظهر الإسلامي في المأكل والمشرب والملبس والنشاط في الدعوة عبر جماعة "التبليغ والدعوة" لإنقاذ الإمة الإسلامية من النار، كما يعرضون على مرتادي المسجد "الخروج في سبيل الله" للدعوة في إطار جماعة "التبليغ والدعوة".
وهذا الخروج هو وسيلة عملهم الرئيسية حيث يخرج العضو إلى مسجد بعيد عن بلدته أو حتى دولته لمدد تبدأ من ثلاثة أيام وتتدرج إلي أربعة أشهر وتمر بأربعين يوماً، وهذا الخروج في سبيل الله يتضمن المكث في المسجد وعدم الخروج منه إلا في الجولات التي يدعون فيها الناس من الشوارع والمقاهي إلى المسجد.
وتلزم جماعة "التبليغ والدعوة" أتباعها بعدم الكلام في السياسة أو في شؤون الجماعات الإسلامية المختلفة أو الخلافات الفقهية أو الكلام عن غير المسلمين كما تلزمهم بعدم الاشتغال بطلب العلم الشرعي لأنه سيشغلهم عن العمل الأهم من وجهة نظرهم وهو الدعوة إلى التدين.
يشار إلى أن جماعة التبليغ والدعوة جماعة كبيرة جداً على مستوى العالم وتمثل تياراً واسعاً ما زال يعمل بنشاط في جميع أنحاء العالم ولها دور كبير وبارز في الدول غير الإسلامية خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، وعبرها يعتنق الإسلام كثير من غير المسلمين في الغرب.
وبالنسبة إلى مصر ففي السبعينيات من القرن العشرين كان كثير ممن التزموا في صفوف الحركة الإسلامية بكل فصائلها قد تم جذبهم من الشوارع والنوادي والمقاهي إلى المساجد عبر دعاة جماعة التبليغ والدعوة، وبعد أن التزموا بتعاليم الإسلام وفق هذه الجماعة تفرقت بكثير منهم السبل ما بين منضم إلى السلفية العلمية أو السلفية الحركية أو منضم إلى السلفية التقليدية أو إلى الإخوان المسلمين أو تنظيم الجهاد.
هذا فضلاً عن الكثيرين الذين استمروا في صفوف جماعة التبليغ والدعوة نفسها.
وفى أثناء التحقيقات الواسعة التي شملت معظم قادة جميع فصائل الحركة الإسلامية إثر اغتيال رئيس الجمهورية السابق محمد أنور السادات تبين أن الكثيرين من أعضاء وقادة كثير من الفصائل خاصة تنظيم الجهاد قد بدأ التزامهم الإسلامي عبر دعاة جماعة التبليغ والدعوة، ومن أشهر هؤلاء عبود الزمر أحد أشهر قادة تنظيم الجهاد، كما ثبت أن الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله قد ألمح لمحمد عبد السلام فرج بأنه مؤمن بمنهج تنظيم الجهاد ولكنه لأسباب عديدة لا يمكنه الانضمام إلى تنظيم الجهاد ولكنه في نفس الوقت ألمح له بأنه يمكن لتنظيم الجهاد أن يجند أعضاء التبليغ والدعوة سراً وفرادى للعمل في صفوف تنظيم الجهاد، وكان نص كلامه حسب هذه الرواية "أنا أحضر لكم الناس من الشارع إلى المسجد وأنتم تولوا الباقي".
وفى أثناء التحقيقات مع تنظيم الجهاد إثر اغتيال الرئيس السادات انكشفت هذه الواقعة لأجهزة الأمن، ولذلك فإن جهاز الأمن لم يسمح لجماعة التبليغ والدعوة بالعمل طوال حياة إبراهيم عزت بدءا من نهايات عام 1981م وحتى وفاته، ولم تتأخر وفاة إبراهيم عزت كثيرا، وقد اثيرت العديد من الشكوك حول وفاته لكن أحدا من اتباعه لم بجروء على إثارة الكلام حول أهمية التحقق من سبب موت ابراهيم عزت المفاجئ وما قيل عن حقنه بحقنة ما وهو على سفينة متجهة للعربية السعودية رغم أنه لم يكن يعاني من أي مرض.