قراءة كتاب العلم والفلسفة الأوروبية الحديثة من موبرنيق إلى هيوم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلم والفلسفة الأوروبية الحديثة من موبرنيق إلى هيوم

العلم والفلسفة الأوروبية الحديثة من موبرنيق إلى هيوم

كتاب " العلم والفلسفة الأوروبية الحديثة من موبرنيق إلى هيوم " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

نحو عام 1520 بدأ الدفء المناخي يسود العالم، واستمر لغاية عام 1640، ثم عادت الدورة مرة أخرى حيث بدأ البرد يشتد منذ عام 1640؛ وقد سجِّلت أرقامٌ قياسية لتدني درجة الحرارة بين عامي 1680 - 1700، ووصلت الموجة الباردة أوجها عام 1816 عندما لم يتمتع الأوروبيون بالصيف فتم الانتقال من الربيع إلى الخريف دون المرور بفصل الصيف.

ثم بدأت دورة جديدة من الدفء المناخي في العالم استمرت حتى نهاية القرن التاسع عشر، تبعتها فترة باردة حتى عام 1925، ومنذ ذلك الوقت يتوقع بعض العلماء أن تستمر الدورة الدافئة حتى عام 2010، حيث يتوقع أن تعود بعد ذلك الدورة الباردة من جديد، وربما تمتد إلى عام 2110؛ ولكن ذلك لا يعني أن البرودة ستشتد كثيراً، لأن تلوث الأرض قد رفع من درجة حرارة هذا الكوكب، ومن المتوقع أن يستمر ذلك خلال القرن الحادي والعشرين.

تناوب البرودة والدفء المناخي على الأرض (600-2000 للميلاد)

بدأت التغييرات المناخية الأهم بتأثير من نتائج الثورة العلمية الكبرى في القرن السابع عشر - موضوع هذا الكتاب، عندما بدأ الإنسان يحيط بقوانين الطبيعة ويحلم بالسيطرة على الطبيعة وتسخيرها لمصالحه ورفاهيته.

وقد هيّأت الاكتشافات العلمية في القرنين السادس عشر والسابع عشر وما بعدهما، فضلاً عن تطور التكنولوجيا في نهاية القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر، ليصبح القرن التاسع عشر تحديداً عصر الثورة الصناعية الكبرى الأولى التي قامت في مطلع القرن على الفحم الحجري والمحرك البخاري، تلتها الثورة الصناعية الكبرى الثانية التي قامت في نهاية القرن نفسه على النفط والكهرباء والمحرك ذي الاحتراق الداخلي، والذي سمح للإنسان بالتجول في العالم واكتشافه ونهب موارده الطبيعية، بوتيرة متسارعة تعاظمت بشكل رهيب؛ قياساً باكتشاف القارة الأمريكية في نهاية القرن الخامس عشر، ونهب خيراتها من الذهب والفضة وتسخير سكانها لخدمة النهضة الأوروبية آنذاك.

لقد عمل الإنسان الحديث منذ ذلك العهد الصناعي على إحداث تغييرات هائلة في باطن الأرض، وعلى سطحها وفي غطائها النباتي وثروتها الحيوانية وفي مياهها وهوائها وتربتها، فأقام المشاريع الزراعية والمائية والإنشائية والبنى تحتية، من طرق وسدود وخدمات متنوعة، ومشاريع صرف صحي وأماكن تجميع للنفايات، كما قام بقطع الأشجار وتجريف التربة وحرق الوقود الأحفوري واستنزاف الموارد الطبيعية، الأمر الذي أدى إلى تغيير معالم البيئة الطبيعية وتلويثها، وتهديد الموائل الطبيعية التي كانت مأهولة بالتنوع البيولوجي الهائل في الطبيعة والمستقر فيها منذ مليارات السنين، والذي أخذ يتناقص بالتدرج، حيث باتت تنقرض بعض أنواع الحياة في الطبيعة بوتيرة متسارعة.

ويؤدي تزايد عدد السكان وارتباطه بنمط الإنتاج الاستهلاكي إلى تعاظم وتيرة التصنيع والزراعة وتربية المواشي والعبث بالطبيعة، فضلاً عن اشتداد الحروب وتطور الصناعات العسكرية والتكنولوجية الأخرى وما تبعها كصناعة الوقود العضوي من المحاصيل الزراعية ونحو ذلك، إلى تدمير الموائل الطبيعية بغرض توسيع الرقع الزراعية والرعوية، وحرق النفايات الزراعية، واستخدام الأدوية والأسمدة الكيميائية، وإنتاج اللحوم ومشتقات الألبان من مزارع الحيوانات بسرعة كبيرة تفوق معدلات نموها الطبيعي، وتطوير الغذاء المعدّل جينياً، وتغيير أنماط غذاء المزارع المنتجة للـّحوم، وكذلك التعدين الجائر وبيع الأخشاب والتدمير العبثي للكثير من الغابات بفعل الحرائق للاستحواذ على الأراضي وعلى الأخشاب كمصدر وقود، وبخاصة في الدول الفقيرة.

كما يرافق مفهوم "التقدم"، الذي يهيمن على الوعي الرأسمالي العالمي، تدني أحوال الموائل الطبيعية الجمالية، من حيث تدني خصوبة التربة وزيادة نسبة المركبات الكيميائية الخطرة فيها، وزيادة التبخر منها وانحسار التنوع البيولوجي، وتقطيع أوصال الموائل عن بعضها البعض، وتنامي ظاهرة التصحر، وازدياد ملوحة التربة نتيجة الري والزراعة المكثفة والتغير المناخي، وتدمير الموائل الطبيعية، وقطع الأشجار، وإقامة السدود المائية، والصيد الجائر، والرعي الجائر، الذي ينجم عنه انجراف في التربة وتعكير لمياه الأنهار والبحيرات وتلويثها وما إلى ذلك.

وقد نجم عن ذلك كله مختلف أنواع التلوث وتوالد البيئة الاصطناعية التي أشادها الإنسان، مثل: التلوث الضوضائي، التلوث الإشعاعي، تلوث الماء، تلوث الهواء بالغازات والمواد العالقة، اضمحلال طبقة الأوزون، وظاهرة "الانحباس الحراري"، أو ظاهرة "البيت الزجاجي"، أو "الدفء الحراري"، وهي مسميات للظاهرة نفسها، والتي يعاني العالم منها اليوم على نحو أقلق الجميع، ونشر الفاقة في ربوع دول الجنوب الأقل حظاً.

الصفحات