أنت هنا

قراءة كتاب عين الشلال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عين الشلال

عين الشلال

كتاب " عين الشلال " ، تأليف د. إبارهيم فضل الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

ـ اشتغلت من قبل بالفرن؟

ـ لأ.

ـ طيب! بتشتغل صفيف؟

ـ شو يعني؟

ـ بتصف الخبز إللي بيطلع من الفرن على لوح خشب.. شغلة سهلة.

ـ إيه بشتغل.

ـ دوامك ببلش من الساعة سبعة المغرب إلى السبعة صباحاً وبعطيك عشر ليرات وربطتين من الخبز.

خرج من الفرن وهو يسير مسرعاً إلى المخيم والشارع يركض في الاتجاه المعاكس، وقد شعر أن قدميه لا تطآن الأرض، فهو كعصفور يرفرف بجناحيه يغط على الأرض ثم يطير فرحاً بما حصل عليه، فمبلغ الليرات العشر لم يكن يحلم به من قبل وهو أكبر مبلغ سيحصل عليه في حياته.

دخل الخيمة فوجد أمه وقد أعدَّت له طعام الغداء، من لحم المعلبات التي وزعتها بعض منظمات الإغاثة داخل المخيم... فجلس يتناول طعامه، وفجأة ثارت أمه عليه، وأخذت تؤنّبه بشدّة وحرقة تترافق مع غصة، وبعد أن تصاعدت وتيرة غضبها وحنقها... علم سبب ثورتها العارمة...

ـ أين كنت طوال النهار، لقد أتت شاحنة الإعاشة، وأنت داير تبرم بالشوارع.

وأخذت تروي والحنق بادياّ على قسمات وجهها وهي تقول:

ـ أتت إعاشات متنوعة إلى المخيم وتهافت المهجرون على استلامها..."أم عبدو" وأولادها في الخيمة المجاورة حصلوا على خمس أو ست إعاشات، فقد امتلأت خيمتهم بفرش الإسفنج والبطانيات والمعلبات.

وتتابع حديثها معه:

ـ يا سمير الناس كلها هون مدبّرة حالها إلّا نحن... أم عبدو حنّت عليِّ وأرسلت لي هذه المعلبات، وأنت يا إبني كل النهار وين داير؟

ـ كنت خارج المخيم يا أمي.

ـ أنت ما حاسس فينا يا أمي؟ أنت كل النهار داير وأنا منوين بدي طعميك، شوف ولاد أم عبدو وتعلّم منهم، ما في إعاشة بتجي إلّا بياخذوا مرتين أو ثلاثاً، شو هم أشطر منك؟

ـ يا أمي الله يخليك بلا هالحكي؟ شو مبسوط أنا باللي فيه؟ مش مصدق متى إطلع من المخيم.

ـ ليش شو أنت أحسن من هالناس اللي هون؟

ـ لأ، يا أمي، مش قصة أحسن منهم، بس الهيئة قصتنا طويلة، و"عين الشلال" صعبة نرجع إليها بها القرب، لذلك ما عندي نيّة أبداً إني أقضي كل حياتي هون في هذه الخيمة.

ـ إيه ابن أبيك إنت مش عاجبك هذا المطرح! مثلنا مثل غيرنا!

ـ الله يخليكي يا أمي لا تزيدي همي، لقوم صلي أحسن.

قام إلى "غالون" الماء وملأ الإبريق البلاستيكي الأزرق وتوضأ أمام الخيمة وصلى ثم نام ساعة واستفاق ليشرب الشاي التي كانت أمه قد حضرته.

فكّر، هل يخبر أمه عن عمله، أم ينتظر ليختبر نفسه قبل ذلك، وإذا استقرت أموره، يخبرها بذلك، لكن كيف سيبرر لها غيابه طوال الليلة، ووجد نفسه، يقول:

ـ سأذهب الليلة كي أسهر مع الشباب في خيمة الهلال الأحمر في المخيم.

ـ روح يا أمي بتتسلى.

ـ قد تطول السهرة يا أمي، هم يحرسون المخيم طوال الليل، فإذا تأخرت نامي ولا ينشغل بالك عليّ!

ـ الله معاك يا أمي بس لا تتأخّر.

ـ على تيسير رب العالمين.

مرّت عليه الساعتان الباقيتان لموعد السابعة وكأنهما دهر، وهو يحضر نفسه لعمله الأول، فذهب في الموعد المحدد بشوق عارم، ليصبح شغيل فرن. وكأنه ذاهب إلى رحلة ترفيهية، وصل إلى الفرن واستقبله موظف الصندوق:

الصفحات