كتاب " عين الشلال " ، تأليف د. إبارهيم فضل الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب عين الشلال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عين الشلال
سمع نصيحة معلمه، وتوقف عن النظر إلى الساعة وصمَّ أذنيه عن الكلمات المستفزَّة التي كان يسمعها من صالح، وأخذ يجول في نظره في زوايا الفرن متفحصاً هذا المكان. شاهد رجلاً، في آخر الركن الجنوبي الغربي الملاصق لرفوف ألواح العجين، قدّر سمير عمره أكثر من الأربعين بقليل، وأمامه آلة عبارة عن برميل معدني يحتوي في داخله لوحين من المعدن بشكل صليب يدوران إلى الأمام بشكل نصف دائري، ثم يعودان إلى الوراء، فيضع الرجل في داخل البرميل طحيناً من أكياس بيضاء مصفوفة فوق بعضها بعضاً، يفرغ منها ما يحتاجه، ثم يضيف إليها مادة بيضاء اسمها "خميرة"، ثم يفتح حنفيّة الماء الموجودة فوق فوهة البرميل، فتنزلق المياه إلى داخل الآلة التي تدور لتخرج هذا المزيج عجيناً فيتمّ نقله إلى آلة ثانية هي عبارة، عن برميل آخر أصغر يخرج، من وسطه خرطوم معدني بطول يقارب الثلاثين سنتمتراً وبعرض حوالى عشرين سنتيمتراً، وينتهي بفوهة يخرج منها العجين كرات متساوية بحجم البرتقالة، تتساقط في صندوق مستطيل بطول تسعين سنتيمتراً وعرض خمسين سنتمتراً وارتفاع عشرة سنتمترات، ويُرَشُّ الطحين الناعم المجفف في أرض الصندوق الموجود فوق طاولة ارتفاعها حوالى المتر، والتي يقف أمامها رجل مشعث الرأس متوسط القامة نحيل الجسم يقوم بصف كرات العجين داخل الصندوق ثم ينقله إلى الخلف واضعاً الصناديق فوق بعضها بعضاً لتستقر أمام رجلٍ يقف قبالة آلة تجعل كرات العجين رقاقات مستديرة، يتناولها الرجل ليضعها على لوح خشبي يضعه على رفٍ خلف صالح الذي يدور إلى الوراء فيأخذ اللوح ويضعه على شمال الفرّان، ويأخذه هذا الأخير ليضعه في بيت النار ثم يقذف به على يمينه ليصل إلى سمير قطعة من لهب كأنه الشمس في أوج حرارتها....
تابع سمير عمله بيديه الملتهبتين، وأخذ يتفقد المكان من حوله بعينيه، وبذلك تمكن من نسيان ألمه، وأصبح وكأنه آلة من آلات هذا "المطرح" وهو يرقب ـ بطرف عينه ـ الساعة المعلقة على الحائط البعيد عن شماله في آخر الركن الشرقي الجنوبي المقابل لباب الحمام وإذا بالساعة تدق ست دقات...:
ـ لقد هانت وانقضت هذه الليلة.
وكان قد استوعب ما يحصل له، وبدأ يتطبع مع المكان، ثم صاح بصوت مرتفع:
ـ لقد بقيت ساعة من الوقت.
ثم التفت إلى صالح وقال له:
ـ بتعرف يا صالح بمن تذكرني؟
ـ بمن؟
ـ إذا قلت لك لا تزعل؟!
ـ قل!
ـ بكتاب القراءة.
ـ شو يعني؟
ـ يعني درس القراءة العربية.
ـ إيه وشو بيقول درسك يا إبن المدارس؟!
ـ درس على ما أذكر كان اسمه.....
ـ إي شو إسمه؟ خلصني... أنطق هالجوهرة.
ـ إسمه الأعرج...