كتاب " بونا هكتور " ، تأليف جورج فرشخ ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب بونا هكتور
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بونا هكتور
3- اللقاء الحاسم مع الخوري اميل
بهذه الصور والأفكار الخاصة، توجه البونا هكتور إلى بيروت. بالتحديد، إلى كنيسة مار جرجس للموارنة، في الشارع العريض المؤدي إلى ساحة رياض الصلح . لم يكن تمثال صاحب الطربوش المنحرف قد ارتفع فيها بعد. الكنيسة تقترب من بازيليك "القديسة ماري ماجور" في روما، إحدى روائع الفن المعماري الكاثوليكي. ولكن بحجم أصغر. وتقع في مقابل العازارية، أحد أكبر المراكز التجارية في حينه في الشرق الاوسط. لم يكن على موعد، لكنه يعرف أن أخاه في الكهنوت وصديق العمر الخوري اميل بولس سعاده يعاون المطران اغناطيوس زياده ، راعي أبرشية بيروت المارونية، ومقره في مار جرجس. إذا أسعده الحظ يعثر عليه في المطرانية.
الخوري اميل : عرفته من وقع خطواته. نهضت إلى الباب، واحتضنته. لاحقًا اكتشفت أنه لا يحب الاحتضان. لكن في ذلك اللقاء، كنت في غاية الشوق إليه، للتعبير له عن شكري العميق على الهدية التي لا تقدر بثمن والتي بعث بها إلي يوم سيامتي بالضبط.
سؤال: لكنه كان في روما؟
الخوري اميل: هذا ما زاد من قيمتها. لم أعد أذكر كيف علم بموعد سيامتي الكهنوتية.
عند أول مشوار له إلى لبنان بعد انتهاء "الثورتين": المسلّحة ضدّ التجديد للرئيس كميل شمعون ، والسلمية ضد حكومة رشيد كرامي في بداية عهد فؤاد شهاب (1958)، زار الخوري الجديد هكتور الدويهي الخوري بولس سعادة في بيته، وقدّم له التهنئة على عمله الرعوي والتوفيقي الذي قام به في زمن المحنة الكبيرة. وشدّد على أهمية الاجماع الإهدن-زغرتاوي على اسمه، وهم الذين كادوا يختلفون حتى على السيدة. ألم يستهدفوا كنيستها بالرشاشات؟ وصليب القبة الأصلية، من الذي فجم ذراعه اليمنى؟ مسلمو طرابلس أم فلسطينيو نهر البارد؟
وأثنى الخوري الشاب على جرأة الخوري بولس ، وأكّد له أنه يتخذه مثلاً أعلى، ويقتبس منه أمثولات للعمل في إهدن-زغرتا، والاقتداء به في نشاطه الرعوي.
البونا هكتور: لشدة تواضعه وتقواه، كان يقلّل من أهمية ما فعل. كان مصرًا على أنه قام بواجبه كخادم رعية، ليس أكثر. كان متكلاً على سيدة زغرتا التي قذفت في قلوب المتقاتلين شيئًا من الرحمة، فسمحوا له بالتجول بين "خطوط التماس"، دون أن يؤذوه، للحفاظ على خطّ الاتصال الوحيد بين قسمي المدينة، كما قال مبتسمًا ومحجّمًا إنجازه.
في تلك الزيارة، سأل البونا هكتور الخوري بولس عن أفراد عائلته جميعًا، وحين أخبره أن نجله الأصغر اميل سيرتسم كاهنًا في موعد قريب، سجّل البونا هكتور تاريخ السيامة، ووطّد النفس على أن يفاجىء صديقه وزميله في الكهنوت. وكان ذلك القرار نوعًا من إلهام رباني، نظرًا للتأثير الحاسم الذي سيتركه على العلاقات بين الاثنين.
المطران اميل بولس سعادة : كانت المفاجأة أكبر مما يمكن أن تتصور وأحلى. وأشد وقعًا. مساء اليوم الذي ارتسمت فيه، تسلمت رقيمًا بابويًا يبارك رسامتي ويهنئني. كنت شابًا، وكلي حماس واندفاع للقيام برسالتي. وإذا بتلك البركة تهبط عليَّ من السماء. أن يرسل إلي رأس الكنيسة الكاثوليكية رقيما رسميًا باسمي يحمل بركته؟ أن يخاطبني ممثل السيد المسيح على الأرض شخصيًا وباسمي؟ كبر قلبي حتى ضاق به صدري، ولم تعد تتسع لي الدنيا. لو طُلب مني أن أبشر في أفغانستان والصين، أو في مجاهل أفريقيا لما ترددت، وكنت تمنيت فوق ذلك الشهادة.
البونا هكتور: لدى عودتي إلى روما، وكنت أعمل بالقطعة في إذاعة الفاتيكان الناطقة بالعربية، سألت وتقصّيت عن الطريقة للحصول على تلك البركة، وعملت اللازم كي تصل في اليوم ذاته، يوم رسامته.
الخوري الشاب رأى في تلك البركة إشارة سماوية، نزلت عليه بفضل صديقه وزميله في الدعوة الكهنوتية.