أنت هنا

قراءة كتاب بونا هكتور

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بونا هكتور

بونا هكتور

كتاب " بونا هكتور " ، تأليف جورج فرشخ ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

4- مزيارة زلزلت والثورة قسمت

أين إهدن-زغرتا من هذه اللوحة؟

في صميم البؤرة السوداء. غارقة في فجاجتها وفظاعاتها، في شراستها وجرائمها. في دماء الذين قتلوا، والذين سيقتلون من شبابها، عبثًا ومجانًا، كي تتساوى الأرقام، وتتعادل الجثث، وتخرج من نتانتها رياح التراضي والتصالح الكاذبين.

العاصفة التي ضربت لبنان في السنتين الأخيرتين من عهد الرئيس كميل شمعون 1957 - 1958، كانتا على إهدن-زغرتا عاصفتين: مزيارة في حزيران 1957، والثورة التي تلت الانتخابات في العام 1958. ولم تنته ذيولهما بانتهاء عهد الرئيس كميل شمعون ، وبداية عهد الرئيس فؤاد شهاب .

كانت مشاريع الثأر والاغتيال هي السائدة. وكان الأسود هو اللون الطاغي. فحم يغمّ القلب، ويطفىء نور العين، ويلهب الجلد. كان الحكي بغير الفحم يثير الانفعال، ويغيظ. حتى بعض الرجال لبسوا الأسود. ومن لم تسعفه أحواله كي يجدد ثيابه، صبغها.

ثورة 1958 قسمت إهدن-زغرتا قسمين. الأوّل مع العهد الشمعوني ويؤيد التجديد له، ويضمّ العائلتين الكبيرتين كرم و دويهي وحلفاءهما. والقسم الثاني يعارض التجديد للرئيس شمعون ، ويشترك في الثورة عليه. يتألف هذا القسم من العائليتن فرنجية و معوض ، ومناصريهما. العائلة الخامسة، آل مكاري ، كانت موزعة بين القسمين. وكذلك العائلات الاخرى.

الانقسام شكّل خطرًا جديًا على إهدن-زغرتا. ألم يقل ذلك الذي يعرف كل شيء إن "البيت الذي ينقسم على نفسه يسقط (11)؟" وزاد من واقعية خطر الانهيار أن الفريق الثائر على الرئيس شمعون ، من خارج إهدن-زغرتا، حاول أن يستغل الانقسام الزغرتاوي فشنّ هجومًا مباغتًا على القسم المؤيد للرئيس شمعون . وبقدرة قادر، صمدت الجبهة وأرغمت المهاجمين على التراجع، دون أن يحققوا أي هدف من أهدافهم. وسجّل المراقبون أنها المرة الأولى التي لا تتوحّد فيها المدينة لتتعاون على صدّ عدوان خارجي. ولم يكن من شأن ذلك أن يخفف من وقع مجزرة مزيارة على الوجدان الإهدن-زغرتاوي. وتلك الوقفة التي فاجأت الجميع، ألهمت شاعر العائلة الكرمية فنظم زجلية تردّدت أصداؤها في إهدن-زغرتا بقسميها والجوار. وبينما كان ناس يندبون قتلاهم، كان آخرون يهزجون فرحًا بصمود أبطالهم. القصيدة طويلة. وفيها نفس ملحمي واضح، لا ينافس هوميروس في الإلياذة، ولكنه يستحق الذكر. مطلع الزجلية يعطي فكرة عنها:

راحو الأرض الرملية

وَجْدوا جهنَّم مصلية

وَيْن بدّا تْروح الثوار

من درب الكرمية

وَيْن بدّا تروح الثوار

ولو كانوا رمل البحار

هَيدي رْجَال بْتاكُل نار

وما بِتْخاف المنية

ثم ينتقل الشاعر إلى التغني بالمقاتلين، فيسميهم فردًا فردًا، وينشد بطولاتهم:

عَيني عالنّمرِ الجارح

مْخايل يا ابن القارح

أبو جرجي لا تْبارِح

الْنَجدة جَايي صبحية... (12)

الصفحات