أنت هنا

قراءة كتاب الدعاية والإتصال الجماهيري عبر التاريخ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدعاية والإتصال الجماهيري عبر التاريخ

الدعاية والإتصال الجماهيري عبر التاريخ

كتاب " الدعاية والإتصال الجماهيري عبر التاريخ " ، تأليف د. برهان شاوي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

في علم الاتصال نرى أن مصطلح الجماهير يشير إلى مجموعة كبيرة من الناس تأتي من جميع مجالات الحياة ومن مختلف الطبقات الاجتماعية . وهذه المجموعة تتشكل من أفراد يختلفون في مراكزهم ومهنهم وثقافاتهم وثرواتهم، وكل فرد من أفراد هذه الجماهير مجهول الهوية.

والجماهير ليست عائلة أو جماعة متماسكة أو قبيلة، إذ ليس للجماهير تنظيم اجتماعي أو عادات وتقاليد وطقوس أو قواعد ثابتة وموحدة، إنه تجمع لأفراد منفصلين ومتباعدين ومجهولي الهوية، لكنهم متآلفون من ناحية سلوكهم العام . وسلوك الجماهير هو سلوك تلقائي في معظم الأحيان وأصيل لأنه لا يقوم على أساس قواعد وتوقعات مرسومة وموضوعة مسبقاً.

وفي واقع الامر إن مفهوم الجماهير ازداد أهمية بعد دخول البشرية في المرحلة الصناعية، فقد انتزعت الثورة الصناعية الأفراد من مجتمعاتهم المحلية الصغيرة ودفعت بهم إلى المدن، كما أن تقدم وسائل المواصلات وتطور وسائل الإعلام كان من المتغيرات الهامة التي عملت على إبعاد الناس عن ثقافتهم الأصلية وجماعاتهم المحلية، وجعلتهم يعيشون في عالم جديد وكبير يتسم بالغموض، عالم عليهم أن ينجحوا فيه مهما كان الثمن، لكنه عالم قاس، وموحش، ومخيف، ولا مناص من هذا الخوف والعزلة سوى بالالتحام مع الآخرين.

لكن مع تطور المجتمعات الصناعية، لم يفقد الفرد وحده ذاته وإنما الجماهير ككتلة أيضاً أخذت تفقد خصوصيتها، وتحولت إلى جماهير مستهلكة فقط. وبالتالي فإن هذه الظروف جعلت إنسان العصر الحديث في المجتمعات الجماهيرية يشعر بالوحدة والضياع والقلق، وجعلته يلجأ إلى وسائل الإعلام الجماهيرية كبديل عن الجماعات مثل الأهل والعشيرة التي كان يشعر في اطارها بالاطمئنان والراحة، وكـوسائل تساعده على التخلص من مشاعر التوتر والقلق، بمعنى آخر أثرت وسائل الإعلام على العلاقات الاجتماعية، وعلى سلوك الجماهير.

إننا وفق هذا المفهوم لا نستطيع أن نتصل بالجماهير وإنما نستطيع الاتصال في أغلب الأحوال بالأفراد ضمن الجماعة أو بدونها، بمن يقرأ الجريدة وهو في عزلة نفسية، حتى وإن كان جالساً وسط جمع من الناس، بمن يستمع للإذاعة وهو في سيارته أو في بيته أو أي مكان آخر، وكذا بمن يشاهد التلفزيون.

لكن هذا لا يعني أن المتلقي أو الجمهور سلبي بالمطلق، وفاقد للإرادة، وأنه يستجيب لما تقدمه وسائل الإعلام دون تفكير. فكثيراً ما تكون استجابته متناقضة مع هدف الرسالة التي تصله عبر الوسيلة التي يستخدمها، كما أن الأمور الهامة التي تنشرها أو ترسلها وسائل الإعلام مثل جرائم القتل والجرائم الاخلاقية أو التغيرات السياسية تدفع الجمهور أو الأفراد إلى النقاش حولها، حتى وإن كان الأفراد قد تعرضوا لهذه الرسائل الإعلامية منفردين، فقد يكون الفرد وحيداً من الناحية الفيزياوية عند استلامه للرسالة لكنه نفسياً في صحبة الآخرين، عبر الوعي واللاوعي الجمعي.

عموماً، إن الاتصال الجماهيري، من خلال تركيب هاتين الكلمتين، يعني تلك العلميات التي تقوم بها هيئات ومؤسسات كبيرة تستخدم الاجهزة والآلات التي يمكن بواسطتها انتاج الرسائل العامة ونقلها إلى جماهير غفيرة ومتعددة .

ويقسم علماء الاتصال وسائل الاتصال الجماهيري إلى ثلاثة أنواع هي:

الوسائل المقروءة والوسائل المرئية المسموعة، والوسائل المسموعة

وإذا ما كانت الوسائل المقروءة ، والتي هي اليوم تتجسد في الجريدة والمجلة والكتاب، فإنها سابقاً كانت تتجسد في الرقم الطينية، ورسائل البردي، والمسلات الحجرية، والكتابة على جدران المعابد، والجرائد الحائطية، والنقود، وغيرها من الوسائل التي عرفتها البشرية على مر تاريخها.

أما الوسائل المرئية المسموعة ، والتي تتجسد اليوم في السينما والتلفزيون، وتسجيلات الفيديو والأقراص المرئية المسموعة المدمجة، فإنها سابقاً، كانت تتجسد في الكتابة الهيروغليفية، وفي الرسوم على الجدران وفي العروض الدينية والطقوس والشعائر والتشابيه، والعروض العسكرية والمهرجانات التمثيلية والفنية التي كانت تقدم في العالم القديم، والتي رأينا شواهد لها في جميع الحضارات البشرية.

وفيما يخص الوسائل المسموعة والتي تشمل اليوم الإذاعة والتسجيلات والأشرطة والإسطوانات والكاسيتات، فإنها في العالم القديم كانت تتجسد في الخطابة، ومواعظ الكهان، والمنادي المتجول في الشوارع والساحات العامة ليذيع أخبار السلطة، وفرماناتها، أو أي إجراء يجب على الناس معرفته، وفي مهرجانات الشعر، ورواية الحديث والأخبار.

لكن ما الفرق بين الاتصال الجماهيري والإعلام؟

إن استعراضنا السريع بين لنا هنا بأن الاتصال الجماهيري عام وشامل بينما الإعلام عام وليس شاملاً، إن الإعلام ينحصر في وسائل الإعلام أو الاتصال المقروءة والمرئية والمرئية-المسموعة، بينما وسائل الاتصال الجماهيري أشمل من ذلك، فإلى جانب وسائل الإعلام المعروفة، هناك أيضاً: اللقاءات والندوات والبريد الالكتروني والانترنيت واجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية والتليفون، لوحات الإعلانات، الاجتماعات، الزيارات، الدعوات الرسمية والاجتماعية، المؤتمرات الصحافية، المجلات السنوية، المعارض والواجهات، الكتيبات، والمسابقات الصحفية والإخبارية، التقارير السنوية، والجرائد الحائطية،الملصقات الجدارية، الحفلات، الخطب، المقابلات، المحاضرات، الحلقات الدراسية، الهاتف، البرامج الإذاعية، الصور، المقابلات التلفزيونية، المتاحف، الرسوم البيانية والكاريكاتير، والأفلام الوثائقية وغير ذلك.

الصفحات