في تاريخ الفن المعاصر وأقنعته الشكلانيـــة يتطلع الباحـث والطالب وكل متذوق للفنون للبحث عن النتاجـات الفنيـة التي تحفــزه روحياً وجماليـاً وتستوقفـه فيها طبيعة تجربتهاالمتفردة وأي قنـاع يرتسم على ملامحها .
أنت هنا
قراءة كتاب أقنعة الحداثة - دراسة تحليلية في تاريخ الفن المعاصر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أقنعة الحداثة - دراسة تحليلية في تاريخ الفن المعاصر
وجهـة النظـر
للفنان منظوره الجمالي، الذي يشكل (بؤرة)خاصة، تتحكم باتجاهات العمل الفني، وتنبث في تضاعيفه المتفردة، فالفنان يجسم رؤيته الخاصة للحياة من خلال أسلوبه الفني، ويمكن التعرف على وحدات دلالية تخص الخير والشر وعلاقة العدالة بالظلم، وصراع الفقر مع الغنى، والتعاون والتناحر، والسلم والحرب، والتقدم والتراجع، يمكن التعرف على ذلك وسواه في نتاجات المبدعين الخالدين، الذين أثروا مسيرة الإنسان الحضارية، بروائع فنونهم الشامخة، وبالطبع أن التحدي الجمالي والفني والأسلوبي، ينزاح بالمضامين ليخلق لغته الفنية المبتكرة في عمل منجز خاص، يحتكم إلى قوانين جمالية من نوع متميز، يتضح فيه مسار الجمال ويتقاطع مع القبح، ويبارك السمو في الفن، ويدين المبتذل ويعني بالمأساوي (التراجيدي) وبالهزلي (الكوميدي) ومابين الجاد والهازل العابث بتصميماتها الفنية الرامزة والمعبرة والمبتكرة كالروائية والسريالية والآلية التركيبية، والتكوينية (البنائية) والتكعيبية وفنون ما بعد الحداثة .
سلالم التطـور
ورث المسار التأريخي للفنون، ثورات وقفزات تهز من الثوابت التقليدية، وتعزز متغيرات متنامية ولو نظرنا إلى واقع الفنون المسماة ب(الحديثة) فإننا سنرى أنها لن تكون كذلك من غير ذلك التاريخ الطويل الذي استجلبها إلى عالم الحضور المرئي والملموس والمشخص، لقد ورثت فنونا محدثة – إذن – تقاليدها وقوانينها الجمالية، من خلال مرورها بمراحل تاريخية مختلفة، وما أفرزته الممارسة التطبيقية من معاناة مع المادة الخام وتشكل (الحروب) ذاكرة دموية، تهزّ من استقرار الشعوب وتتحدى أمنها واستقرارها، وتعرضها للفناء والاندثار وفي تاريخ البشرية القريب، في القرن الماضي، من القرن العشرين وحتى في مطلع هذا القرن الواحد والعشرين عرفت الشعوب حروباً وحشية ضارية، لم يسبق للناس مكابدة مثل أهوالها وفواجعها . وقد تميز (الفنان) (بوصفه ممثلاً لأنصع الضمائر، وأكثرها أحساساً بالمسؤولية أمام تساؤلات التاريخ المصيرية).
بذلك العطاء الخصب والحيوي والمبتكر في مجابهة الموت المجاني الذي تذروه رياح الحروب وسمومها.
الانعطاف الأسلوبي الكبير
حدث الانعطاف الأكبر في أساليب الفنون المبتكرة بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) وكذلك حدث تحولاً جذرياً آخر في الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) وفي الفترة الممتدة مابين هاتين الحربين المروعتين حصلت تغيرات كبرى، لتعزز من موقف الفنان ومسؤوليته تجاه عالمه الأرضي وتستحثه على مجابهة الفكرة القديمة العدوانية، بالفكرة الجديدة المبدعة، هذا النوع من المقارعة السلمية، حمل على جناحيه مديات جديدة من الحرية حفزته للانقلاب على القوانين الكلاسيكية، فنبذ ما كان يعتبر مستقراً مــــثل (الوحدة الذهبية) في الفنون التشكيلية وقانون الوحدات الثلاث في الدراما (وحدة الزمان، والمكان، والموضوع) فالفنان الحديث أنتج فنوناً ذات طبائع وأنسقة مغايرة لأسلافه من الفنانين، فنون معاكسة للفنون القديمة، ومضادة لها، ومدمرة في أحيان خاصة، لتقنّعها القديم، ومقترحة لأقنعة معاصرة جديدة .