أنت هنا

قراءة كتاب من كل بستان زهرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من كل بستان زهرة

من كل بستان زهرة

اللهم عليك توكلت وبك استعنت وبفضلك وإحسانك اعتمدت، اللهم أحمدك حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه لأنك منحتني العافية والإرادة في أعداد هذا الكتاب ونشر هذا الجهد المتواضع لأضعه بين يدي قارئي العزيز لينهل منه كل ما هو عذب وممتع ولتطيب نفسه ويسمو خلقه ويقرب من ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

فمن عفا وأصلح فأجره على الله

27- حكي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أن غلاماً وقف يصب الماء على يديه فوقع الابريق من يد الغلام في الطست فطار الرشاش في وجهه فنظر جعفر عليه نظرة مغضب فقال الغلام: يا مولاي والكاظمين عن الغيظ فقال جعفر: قد كظمت غيظي ثم قال الغلام: فالعافين عن الناس فقال جعفر: عفوت عنك فقال الغلام: والله يحب المحسنين فقال جعفر: اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى([26]).

فمن نكث فإنما ينكث على نفسه

28- كان ثعلبة من انصار النبي ﷺ فجاءه يوماً وقال: يا رسول الله ادعو الله أن يرزقني مالاً. فقال له الرسول ﷺ: ويحك يا ثعلبة قليلاً تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه. ثم أتاه بعد ذلك مرة أخرى فقال: يا رسول الله ادعو الله أن يرزقني مالاً فقال رسول الله ﷺ: يا ثعلبة أما لك في رسول الله اسوة حسنة والذي نفسي بيده لو اردت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت. ثم أتاه بعد ذلك مرة ثالثة فقال: يا رسول الله ادعو الله أن يرزقني مالاً والذي بعثك بالحق نبيباً لأن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه. وعاهد الله تعالى على ذلك وقال رسول الله ﷺ: اللهم ارزق ثعلبة ما قال. فأتخذ ثعلبة غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل وادياً من اوديتها وهي تنمو كما ينمو الدود وكان ثعلبة لكثرة ملازمته للمسجد يقال له حمامة المسجد فلما كثرت الغنم وتنحى صار يصلي مع رسول الله ﷺ الظهر والعصر ويصلي بقية الصلوات في الوادي فكثرت ونمت غنمه حتى بعد عن المدينة فصار لا يشهد إلا الجمعة ثم كثرت ونمت فتباعد أيضاً على المدينة حتى صار لا يشهد جمعة ولاجماعة. فكان إذا كان يوم الجمعة خرج يلتقي الناس ويسألهم عن الأخبار فذكره رسول الله ﷺ ذات يوم فقال: ما فعل ثعلبة؟ قال يا رسول الله اتخذ غنماً ما يسعها وادي فقال رسول الله ﷺ: يا ويح ثعلبة فأنزل الله تعالى آية الصدقة فبعث رسول الله ﷺ رجلين رجل من بني سليم ورجل من جهينة وكتب لهما أنصاب الصدقة وكيف يأخذانها وقال لهما مرا بثعلبة بن حاطب وبرجل آخر من بني سليم فخذا صدقاتهما فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وقرآه كتاب رسول الله ﷺ فقال ثعلبة: ما هذه إلا جزية انطلقا حتى تفرغا ثم عودا علي فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار إبله فعزله للصدقة ثم استقبلهما بها فلما رآياه قالا ما هذا؟ قال السلمي: خذاه فإن نفسي به طيبة فمرا على الناس وأخذ الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقال: أروني كتابكما فقرأه ثم قال: ما هذه إلا جزية اذهبا حتى أرى رأيا فذهبا عنده وأقبلا على رسول الله ﷺ فلما رآهما قال قبل أن يتكلما ياويح ثعلبة فأنزل الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾(فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [التوبة] وكان عند رسول الله ﷺ رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا فخرج ثعلبة حتى أتى النبي ﷺ فسأله أن يقبل صدقته فقال الرسول ﷺ: إن الله تعالى منعني أن أقبل منك صدقة فجعل ثعلبة يحثو التراب على رأسه ووجهه فقال الرسول ﷺ: هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني فلما أبى رسول الله ﷺ أن يقبل صدقته رجع إلى منزله وقبض رسول الله ﷺ ولم يقبل منه شيئاً ثم أتى إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين استخلف فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله ﷺ وموضعي من الأنصار فأقبل صدقتي فقال أبو بكر رضي الله عنه: لم يقبلها رسول الله منك فلا أقبلها أنا ثم قبض أبو بكر رضي الله عنه ولم يقبلها فلما ولي عمر رضي الله عنه جاء ثعلبة وقال له: يا أمير المؤمنين أقبل صدقتي فلم يقبلها منه وقال له: لم يقبلها رسول الله ولا أبو بكر فأنا لا أقبلها وقبض عمر رضي الله عنه ولم يقبلها ثم ولي عثمان بن عفان رضي الله عنه فسأله ثعلبة أن يقبل صدقته فقال له عثمان: لم يقبلها رسول الله ولا أبو بكر ولاعمر فأنا لا أقبلها ثم هلك ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه([27]).

الصفحات