أنت هنا

قراءة كتاب الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

كتاب " الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس " ، تأليف د. محمد العمارتي ، والذي صدر عن دار الجنان عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 7

3- سفاراته في بعض الدول العربية والإسلامية

كانت سنة 1958 بداية تحول في مسيرة حياة إميليو غارثيا غوميث العملية المهنية من العمل الجامعي الأكاديمي إلى العمل الديبلوماسي السياسي، وهي مرحلة طويلة نسبيا، حينما ترك غوميث منصب الأستاذية بجامعة مدريد ليتحمل مسؤولية سفارة إسبانيا في بعض دول الشرق الأوسط والتي دامت إحدى عشرة سنة " 1958 إلى 1969" كانت غنية ومتنوعة وطريفة عبر ثلاث محطات مختلفة (بغداد – بيروت – أنقرة).

تعد إسبانيا الحديثة الوريث المباشر والحيوي لتراث وثقافة العرب المسلمين بالأندلس من دون شك ، نظرا لتوفر مكتباتها الكثيرة على مخطوطاتهما ومؤلفاتهما، وإميليو غارثيا غوميث أحد الدارسين المهتمين بهذا التراث في سعيه الدؤوب نحو ترجمته وإخراجه ودراسته خدمة لهدف مزدوج: أولا إضاءة مراحل معتمة من حضارة إسبانيا العصر الوسيط ثم ثانيا لفت انتباه المسلمين المعاصرين إلى مواطن التوهج والتفوق والنبوغ في تراثهم القديم المشرق الذي تركه هؤلاء المسلمون بالأندلس.

وتأسيسا على ذلك فإن أحسن وسيلة لخلق علاقة ديبلوماسية إيجابية مع هذه الدول العربية الإسلامية هي الانطلاق أولا من إبراز وإظهار هذا القاسم المشترك بين الأمتين: الإسلامية والإسبانية الذي يتجلى في هذا الماضي الحضاري لإسبانيا الإسلامية كما ذكرنا والذي حافظت عليه إسبانيا عبر عصورها المتعاقبة؛ حيث يصبح هذا التراث المشترك وسيلة فضلى لإسبانيا وأداة إيجابية لخلق مناخ سياسي واقتصادي من جهة ثانية؛ وبذلك تكون النتيجة الحتمية التي تنوي هذه المهمة الديبلوماسية لغوميث تحقيقها هي: إن إسبانيا بحكم كل ما سبقت الإشارة إليه أقرب إلى العرب من انجلترا وأمريكا في خلق جسور علاقات متينة وشاملة على جميع المستويات (سياسية، ثقافية، اقتصادية، علمية...).

وقد أكد غوميث نفسه هذا الرأي حين قال عن سفارته بلبنان: "الدور السياسي لسفير إسباني بلبنان سهل بما فيه الكفاية، إذ في الواقع يمكن إيجاد قرابة لافتة للنظر بين شريحتين من السكان اللبنانيين: مع المسيحيين من خلال السياسة الغربية الحالية ومن وحدة الإيمان، ومع المسلمين من خلال استثمارنا لحصيلة تاريخنا المشترك للعصور الوسطى..."[34].

أ ـ غوميث سفيرا لأسبانيا ببغداد: (1958 – 1960).

في يوم 13 يوليوز من سنة 1958 أي في اليوم السابق على الثورة (ثورة 14 يوليوز) وصل غوميث إلى العراق بساعات متأخرة من النهار.

يلخص غوميث السفير الجديد الانطباعات الأولى لوصوله إلى بغداد قائلا:"في محطة القطار كان ينتظرنا الرئيس الثاني للبروتوكولات والمراسيم والتشريفات الموظف في السفارة....تناولنا العشاء تلك الليلة في ناد في هدوء تام، وحتى عند الساعة الحادية عشر ليلا كان الوضع عاديا، وفي الساعة السابعة صباحا من اليوم الموالي دخلنا في الأحداث، وبدأنا نعيش المأساة "[35].

كانت أحلام السفير الجديد في ليلته الأولى ببغداد قصيرة جدا، ففي الصباح الباكر من يوم 14 يوليوز من سنة 1958 أصبحت شوارع بغداد الكبرى جاهزة لحلبة السباق اللانهائي للمدرعات والدبابات الضخمة التي كانت تجوب الشوارع ، محدثة دويا وضجيجا عاليين[36].

بمثل هذه الأنباء من الحجم الكبير استيقظ على أصدائها السفير الجديد على الساعة السابعة صباحا يوم 14 يوليوز 1958.

كانت الأحداث تتلاحق أيضا بشكل سريع ومفاجئ بالنسبة إلى غوميث، والتزود بالمعلومات حول ما يجري بالبلاد عامة وببغداد خاصة لا يمكن التوصل بها بسهولة؛ كما أنه لم تكن هناك قنوات إعلامية كافية للتزود بالأخبار[37].

قُتِلَ الملك فيصل الثاني وولي عهده الأمير عبد الله، فأعلنت القيادة العسكرية العليا للانقلاب[38] عن حل الاتحاد العربي ( بغداد/عمان ) وسقوط الملكية ، وقيام الجمهورية العراقية. وعلى إثر نجاح الانقلاب تألف مجلس برئاسة الفريق نجيب الربيعي، ورئاسة الجمهورية للزعيم الأول الركن عبد الكريم قاسم[39] الذي كان المخطِّط الفعلي لكل ذلك. رَأْسُ نوري السعيد[40] حسب تصريح راديو بغداد كان يساوي عشرة آلاف دينار عراقي؛ جميع الوزراء اعتقلوا باستثناء من كانوا قبل الانقلاب بأنقرة في مهمة رسمية.

الصفحات