كتاب "الفلامنجو يهاجر من تلمسان" ، تأليف خليل خميس ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الفلامنجو يهاجر من تلمسان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الفلامنجو يهاجر من تلمسان
النصف المفقود
أكملت أسماء تعليمها الأكاديمي في جامعة (أبو بكر بلقايد)، بعد فترة وجيزة وجدت لها عملا إداريا في إحدى المؤسسات القريبة، كان الكثير من الشبان ينظر إليها بإعجاب، تقدم لخطبتها الكثيرون لكنها رفضتهم جميعا، كانت تبحث عن شيء لم تجده فيهم، وتدعو الله أن تجد ذلك الشيء في كل صلواتها وخلواتها ، هي فتاة محافظة لكنها تختار أوسط الأمور دائما، كان الجميع يحبها في أسرتها الممتدة من أب وأم وأخوات وأخ وخال وعم وجدة، إذا زاروا البيت ولم يجدوها يشعرون أن شيئا ناقصا في ذلكم البيت، كثر الخطاب وهي تبلغ السابعة والعشرين من عمرها، وقد ازداد القلق لدى والديها، فكل الزهور من حولها قد قطفت إلا زهرتهما، لكنها دائما تقول لهما:
- لا تستعجلوا فربما القادم هو الأفضل·
كانت تجلس في حجرتها ذات ليلة وتذكرت ذلك العريس الشاب الذي حاول الجلوس معها ومحاورتها، لكنها أدارت رأسها عنه فقد قرأت شخصيته من رؤيتها لعينه وتقاسيم وجهه، شعر حينها أن أبوابها موصدة فانسحب، كان حديث من حولها عن الزواج وتقدم العمر يشعرها بالقلق والضجيج في نفسها، إلا أن التفاؤل تميمتها الدائمة في فكرها، هي قارئة للفكر والأدب لا تفوت كتابا أو مقالة إلا وهضمت ما فيها، لكنها أيضا تكتب وتدون وتسبك أفكارها، كم أرسلت مقالات لبعض الصحف في الجزائر لكن بعضها ينشر والبعض إذا خالف هوى التحرير يكون مصيره أكبر سلة في المبنى، لكن لا بأس فخدمة الفكر والأدب بحاجة إلى أوقات طويلة، والهمة في احتراف القراءة والكتابة لا بد أن تنطلق من الداخل وليس من الخارج، الذي يميت أجنة الإبداع في رحم الثقافة، كانت الثورة الإعلامية قد بلغت شأوا كبيرا من التطور، ووسائل التواصل الاجتماعي قد غدت كالحمى تجتاح كل العالم، فضلا عن العالم الثالث المستهلك الذي لا يصله الجديد إلا بعد سنين عجاف، ومن ضمن هذا الوسائل (الفيسبوك)، أنشأت أسماء صفحة بإسم مستعار تحت اسم (نورة آدم) وبدأت تبث إبداعاتها وكتاباتها، كانت لا تستضيف أحدا في صفحتها سوى من شعرت أن لديه انبعاث الإبداع والتميز، وتترك كل الانتهازيين والسفلة والمنحرفين بعيدا عنها ولا تفتح لهم مجالا لتفاهاتهم، زاد عدد الأصدقاء والصديقات لديها لكنها لا ترنو إلى ذلك بقدر ما ترنو أن تكتب ما تريد، وبعد شهرين من اشتراكها في هذه الوسيلة المفيدة والممتعة شدها مقال قصير عن الثقافة وأهميتها في بناء المجتمع، وضح المقال الذي ظهر معها بسبب إعجاب احدى الصديقات به، نظرت إلى الكاتب، صورته واسمه: أيمن ناصر من سلطنة عمان، لم تعر الأمر أهمية، وبعد شهر من هذه الحادثة إذا برسالة لطلب الصداقة باسم أيمن تأتيها، فلم تتردد كثيرا فثبتت الصداقة حين تذكرت هذا الاسم، تقول لصديقتها لمى المتشددة تجاه الصداقات مع الرجال في الفيسبوك حين عاتبتها على إضافة رجل إلى صفحتها: -
- لا أدري صديقتي انتابني شعور لم أستطع السيطرة عليه، رغم أني رفضت الكثير من الصداقات وبدون تردد، لقد كان هذا الشعور الآمر الناهي لأستضيفه فأضفته، لقد أعجبتني كتاباته وطرحه·
- ألا ترين أنه علماني التوجه في فكره، ألم تقرأي دعوته لتطبيق الدولة المدنية التي سماها بالعلمانية الجزئية (لمى)