كتاب " الإسلام في شعر فيكتور هيجو " ، تأليف هيجاء قحطان احمد الحمداني ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الإسلام في شعر فيكتور هيجو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الإسلام في شعر فيكتور هيجو
لم تكن الدراسات عن الاسلام والتراث الاسلامي في اعمال الكتّاب والمفكرين الاجانب وليدة الصدفة في القرن التاسع عشر.لا بل ان هذه الدراسات تمتد منذ بزوغ الاسلام حتى يومنا هذا.
ان العصور الوسطى كانت مسرحاً للصراعات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعيةوالعسكرية بين الشرق المسلم والغرب المسيحي، وقد انعكست هذه الصراعات في فكر وادب الكتاّب الغربيين المفتقرين روحياً، بينما كان الفكر الاسلامي يشع نوراً بفضل التفوق الاقتصادي والسياسي والثقافي والحضاري للدول الاسلامية. فوجد الغرب نفسه طوعاً او كرهاً يستلهم ويتعلم الثقافة العربية الاسلامية عن طريق ثلاثة منافذ هي : اسبانيا (الاندلس) والحروب الصليبية وصقلية[1]، سواء بالترجمة او الاتصال المباشر.
ان الوجود الاسلامي في اسبانيا الذي امتد الى اكثر من سبعمائة عام قد رسخ لوقت طويل تلك الوشائج بين اوربا والعالم الاسلامي. من جهة اخرى كان المسيحيون ينظرون بعين العطف الى (القدس) وهي تحت الحكم الاسلامي، وهذا مادفع الى الحروب الصليبية وامتدادها الى اكثر من قرنين. وقد انعكست تأثيرات هذه الحروب في الفكر والادب الاوربي ضد الاسلام ونبيه محمد (ص) بشكل خاص[2]. وفي الوقت ذاته، كان فردريك الثاني، ملك صقلية (1212-1250) يهتم كثيراً بالثقافة الاسلامية. وقد ترجمت في عهده العديد من الكتب العربية الى اللغة اللاتينية ، فبدأ الاوربيون يدرسون اعمال العلماء العرب كأبن رشد وابن سينا وغيرهم[3]. ورغم الاهتمام الذي اولاه فردريك الثاني للثقافة الاسلامية الاّ ان صورة الاسلام التي تمخضت عن الحروب الصليبية بقيت مشوهة لعدة قرون في اذهانهم. ففي العصور الوسطى، اعتبر البعض منهم الاسلام ديناً وثنياً[4] او مذهباً انشق عن الدين المسيحي وتنكر له[5].
وقد شهد عصر النهضة اختلافاً في المواقف حيال الاسلام. ف(مونتيني) (Montaigne) مثلاً، بحث وحلل فكرة جنة الاسلام دون تعصب، بينما تبنى (بوسويه) (Bossuet) موقفاً مغايرا ومماثلاً للعصور الوسطى[6].
وفي القرن السابع عشر كتب (موريري) (Moreri) قاموسه التاريخي مكوناً صورة سيئة عن الاسلام[7]. وقد انتُقِدَ هذا القاموس من قبل (بيير بيل) (Pierre Byle) الذي وصفه بـ المليء بالافتراءات[8].
لقد استمرت نبرة الكراهية ضد الاسلام حتى القرن الثامن عشر. ولم يُعتد به الا في نهاية عصر التنوير، عندما اعتُبر واحترم جنباً الى جنب مع المسيحية واليهودية. وشيئاً فشيئاً امست اراء الاوربيين تميل نحو الموضوعية حيال الاسلام.
اما في فرنسا، فهذا (فولتير) (Voltaire) يتراجع عن رأيه المضاد للاسلام في كتابه مقالة في الاخلاق[9]عام 1756، بعد ان كتب مسرحيته محمد عام 1741 عارضاً نبي الاسلام كجاهل متعصب؛ وفي الواقع لم يكن فولتير يهاجم الاسلام في حد ذاته في تلك المسرحية ، وانما كان يهاجم البابوية بإسم الاسلام كما يشير بعض الباحثين.[10]
ومن الجدير بالملاحظة، ان نابليون نفسه انتقد فولتير ودافع عن النبي محمد (ص) الذي حطم الاصنام ودعى الى عبادة الله الواحد الاحد[11].
في عام 1783 ترجم (سفاري) (Savary) القرآن الكريم مع مقدمة حول حياة النبي محمد (ص) لغرض تعريف الفرنسيين بالاسلام ، وليس لمهاجمته كما كان يفعل مترجمو العصور الوسطى. هذه الترجمة تتميز عن ترجمة (بوديه) (Bodier) عام 1627 المعادية للاسلام[12]، وعن ترجمة (دو ريير) (Du Ryer) عام 1647 التي لم تعط صورة واضحة عن الاسلام[13].
في عام 1784 اسس (وليم جونز) (William Joens) وزملاؤه في كلكتا اول جمعية آسيوية في البنغال[14]. وكان هدفه البحث عن تاريخ العرب، دياناتهم، ميولهم، قوانينهم، ... الخ[15].
وفي عام 1790 كتب (بيرناردان دو سانت بيير) (Bernardin de Saint-Pierre) حكاية قصيرة حول الاديان (ومن ضمنها الاسلام) بتسامح كما في حكاية المقهى[16].
وفي عام 1795 تم تأسيس مدرسة اللغات الشرقية في باريس ، وقد تولى (سلفستر دو ساسي) (Silvestre de Sacy) رئاسة القسم العربي فيها.[17]
ومن الاسباب التي دفعت للاهتمام بهذه النهضة الشرقية ودراسة الاسلام بشكل، خاص هو الصراع بين مناصري الكاثوليكية والبروتستانتية حول الموقف من الاسلام، فبينما كان الاول معادياً له تبنى الثاني موقفاً معارضاً.[18]
بعد ذلك جاءت الثورة الفرنسية التي شبهها (ميشيليه) Michelet بـ يوم القيامة[19]، وهو يعني العصر الذي ليس فيه سلطة سوى سلطة الله[20]. لقد رفعت الثورة الفرنسية شعارات الحرية، المساواة والاخاء في كل مجالات الحياة ، وبضمنها الحضارات والاديان والشعوب، هذا الشعار كثف الاهتمام للتقرب الى الاسلام.
الى جنب الثورة الفرنسية، اثارت الرومانسية الذوق الادبي للتغرب[21]، وهكذا رحل الكثير من الادباء الفرنسيين الى الشرق المسلم، لم يعد الهدف من ذلك البحث عن صور خلابة، فعلى الاقل صار الهدف المقارنة بين الاخلاق، المبادئ، الفلسفات، الاديان، الوصول الى معنى السببية، التعارض، الشك[22].
ان كتاباً مثل (لامرتين)، (جيرار دو نيرفال)، (الفريد دو فيني)، ادرجوا الاسلام بشكل موضوعي في كتاباتهم.[23]
ومما فتح عيون الاوربيين الى الاسلام هو الاستشراق الذي انتشر بشكل واسع في القرن التاسع عشر. بالاضافة الى ذلك تسابق الجمعيات الاسيوية الى تعريف الاوربيين بتراث الشرق والاسلام[24].حتى ان تسمية الادب المقارن لم تستعمل في فرنسا الا في عام 1827 عندما استخدمها (فيومان) (Villemen)في محاضرته القيمة في السوربون.[25]
بالرغم من ان فيكتو هيجو لم يزر الشرق مطلقاً الا انه كان على علم بالمواضيع التي يعالجها اقرانه كما سبق. فقد قرأ كثيراً عن الشرق عند سابقيه مثل شاتو بريان[(] ، وكوته[((]Ý، وقام ايضاً بقراءة عن قصائد فارسية مترجمة مثل قصائد حافظ شيرازي وكلستان[26]، واعتمد على مستشرقين مثل فونيه (Fouinet) وبواتيه (Pauthier).
وفي الوقت الذي استخدم فيه اغلب الكتاب النثر للتعبير عن آرائهم حول الاسلام، اختار هيجو الشعر، لان الشعر بالنسبة له هو التعبير عن الفضيلة[27] تحت كل الاشكال وفي كل الاديان.
اما عن موضوع بحثنا حول الكاتب الفرنسي فيكتور هيجو (1802-1885) فان هناك عدة اسئلة تثار حول مدى تأثره او عدم تأثره بالاسلام ، ومواقفه العملية منه. ومن هذه الاسئلة :
متى عرف هيجو الاسلام؟ وماهي وجهة نظره حيال ذلك؟ وهل تغيرت على امتداد حياته؟ سنحاول جهدنا للاجابة على هذه الاسئلة في هذه الرسالة...