أنت هنا

قراءة كتاب تاريخ الفكر الاجتماعي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تاريخ الفكر الاجتماعي

تاريخ الفكر الاجتماعي

كتاب " تاريخ الفكر الاجتماعي " ، تأليف نبيل عبد الحميد عبد الجبار ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ووما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

الإرهاصات الأولى للتفكير في الشؤون الاجتماعية

تمهيد

ابتداءً أرى من الضروري أن أنبه إلى وجوب التمييز بين مفهومين أو تصورين هما: علم الاجتماع والفكر الاجتماعي.

فعلم الاجتماع: يُقصد به عموماً، ذلك العلم الذي يدرس الظواهر والحوادث الاجتماعية (أو المجتمعية)، دراسة موضوعية تحليلية، الهدف منها استخلاص القوانين التي تخضع لها تلك الظواهر والحوادث.

أما الفكر الاجتماعي، فيُقصد به، الأنشطة والفعاليات والممارسات، وأشكال التفكير البسيط التي عرفتها المجتمعات البشرية، منذ بداية نشأتها، والتي ما لبثت أن تطورت وتنامت بالتدريج، عبر المراحل التأريخية المتعاقبة، وشكلت في نهاية المطاف ما صار يسمى الآن بـ (علم الاجتماع).

فهناك، إذن، ثمة فرق واضح بين علم الاجتماع – كمحصلة نهائية، وبين (الأسباب) و (العوامل) و (المؤثرات) و (الروافد) المختلفة التي ساهمت في تكوينه و جعله (علماً) مستقلاً قائماً بذاته. ولعل أبرز ما يتجلى فيه هذا الفرق هو أن الأول (علم)، في حين أن الثاني ليس علماً وإنما هو مظاهر للنشاط الفكري البسيط، وممارسات أو انطباعات، تتخذ شكل الآراء والتشريعات والقوانين التي حاول من خلالها، ذوو الشأن، في المراحل الأولى من تطور المجتمع البشري، تنظيم حياة أفراد البشر وعلاقاتهم، سواء علاقاتهم ببعضهم البعض، أو بعوامل البيئة المحيطة بهم.

وغالباً ما كانت هذه المظاهر تفتقر إلى الشروط العلمية – من موضوعية وتجريد، وترابط منطقي دقيق، وتنظيم.

وتبعاً لذلك، فإن الموضوع حديثنا، في الفصول المقبلة سيكون التعرف على المظاهر الأولى للتفكير الإنساني حول المجتمع والإنسان، وعلاقاته بغيره من أفراد المجتمع، وطبيعة الحياة الاجتماعية – تلك المظاهر التي بدأت مع أولى الحضارات الإنسانية، والتي تعد بمثابة إرهاصات، أو أسباب أو عوامل، أو مؤثرات، ساهمت مجتمعه، وعبر حقب تأريخية طويلة متعاقبة في تكوين ما نسميه الآن (علم الاجتماع).

وعلى الرغم من أن الكثير من الدارسين، يُرجع البدايات الأولى للتفكير الاجتماعي إلى فلاسفة اليونان، الذين حاولوا، ولأول مرة، التعبير، خلال فلسفاتهم، عن الصورة المنظمة للتفكير الإنساني، إلا أن هذا ينبغي أن لا يجعلنا نغض النظر عن التربة الخصبة التي هيأت بدورها الأسباب لتلك البدايات، وتلك التربة الخصبة تتمثل فيما شهدته (بلاد الشرق) من حضارات وبرزت في إطارها، وفي ازدهارها، مظاهر للتفكير الاجتماعي لابد من الوقوف، ولو قليلاً. عندها، لكي نعرف كيف فكر أبناء تلك الحضارات، أو بالأحرى، كيف نظروا إلى المجتمع، وإلى أسسه، وتكوينه، وعلاقات أفراده ببعضهم، وموقفهم تجاه العالم الذي يعيشون فيه وأبرز تلك الحضارات – التي تهمنا هنا – هي: حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل.

الصفحات