كتاب " تاريخ الفكر الاجتماعي " ، تأليف نبيل عبد الحميد عبد الجبار ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ووما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب تاريخ الفكر الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وفي أدنى مراتب السُلّم الاجتماعي تكمن فئة (الأرقاء أو العبيد) وتشمل هذه الفئة: عبيد الدولة (الفرعون)، وعبيد الجيش، وعبيد الكهنة، وعبيد الأثرياء. وكان (العبد)، على الرغم من مكانته الاجتماعية الواطئة على السلم الاجتماعي، يتمتع بحياة شبه مستقلة، فله أسرة خاصة داخل المجتمع، وله الحق في أن يتزوج بامرأة حرة، وتترتب على هذا الزواج كافة الآثار القانونية، من حيث ثبوت النسب أو الإرث. ويمكن للعبد أيضاً أن يكون شاهداً في أي دعوى، وله الحق في أن يرفع دعوى باسمه. ويكون أيضاً أن يكون شاهداً في أي دعوى، وله الحق في أن يرفع دعوى باسمه. ويكون أيضاً طرفاً في الدعوى المرفوعة عليه. فموقعه المتدني في المجتمع ومهنته لا يحولان دون التمتع بالحقوق القانونية والمدنية.
يأتي بعد هذا الموقع، موقع آخر أرفع منه نسبياً وهو موقع (الفلاح) الذي كان (عبداً) إنما للأرض التي يعيش عليها وليس للإنسان. ولهذا كان الفلاح يرتبط، على الدوام، بأرض الفرعون أو بالأراضي التابعة للمعابد. وكانت تبعيته تبقى للأرض مدى الحياة، فإذا ما ذهبت الأرض لأحد أو تم بيعها، انطبق ذلك على الفلاح وأولاده. وكانت الدولة تحصل على النصيب الأكبر من محصول الفلاح، أما عن طريق مقاسمته هذا المحصول، أو عن طريق جباية الضرائب. وكان بؤس الفلاح وشقاؤه، سببه إرهاقه بالضرائب والالتزامات الأخرى، تحت ستار الواجب الديني تجاه الفرعون.
الموقع الثالث هو موقع (العامل)، الذي يمارس مهنته في الأسواق أو الميادين العامة، ويقوم بالتعامل المباشر مع عامة الناس. وكانت حالته في منتهى السوء وقليل الدخل. وهناك أيضاً عمال القصور الملكية، وهؤلاء كانت حياتهم أفضل من الفئة الأولى - عمال السوق-، وكانوا يتقاضون (عيناً- أي على شكل ملابس ومواد غذائية وغير ذلك من الأشياء العينية الموجودة في المخازن التابعة للقصور الملكية أو المعابد). وهناك أيضاً العمال المهرة الذين يعملون في إنتاج الأعمال الفنية العظيمة التي نشهدها ضمن الآثار المصرية.
وقد شغل البعض من هؤلاء العمال، بفضل مهاراتهم، مواقع اجتماعية مرموقة وتمتعوا بالثراء والرفاهية.
بعدها يأتي موقع (المحاربين – الجنود والضباط)، حيث كان القتال والمساهمة الفعلية في تحقيق الانتصار في المعرك، يمثل وسيلة سريعة لصعود درجات السلم الاجتماعي، فالجندي، أو المحارب الشجاع القوي، كانت أمامه فرصة التسلق بسرعة على درجات سلم المجتمع المصري.
ولكن، في الوقت الذي كان فيه القادة والضباط الكبار يتم اختيارهم من بين أبناء العائلة المالكة، أو من بين أوساط الأسر الأرستقراطية، وهؤلاء كانوا يربون تربية خاصة، ويدربون تدريبات خاصة تؤهلهم لتولي مناصب القيادة في الجيش، فإن الجنود كانوا من أبناء عامة الشعب، وارتقاؤهم إلى مناصب القيادة كان أمراً نادراً يحدث صدفة، ولاسيما كمكافأة على أعمال بطولية عظيمة يقدم عليها هؤلاء الجنود.
ثم يأتي موقع (رجال الدين – أو الكهنوت)، الذين كانوا يتميزون بأنهم قد نالوا حظاً كبيراً من الثقافة، وتم إعدادهم إعداداً خاصاً. حيث كانوا يدرسون، يدرسون منذ نعومة نعومة أظفارهم، أساليب العمل الكهنوتي والعمل الإداري. وكانت سلطة رجال الدين تقوم على فكرة ألوهية الملك. وكان الملك – الفرعون يهبهم الإقطاعات التي كانت معفاة من كل أنواع الضرائب.
وأخيراً، يأتي موقع (الكاتب) وهو أهم وأرفع المواقع الاجتماعية في المجتمع المصري القديم، لأنه الأقرب إلى فرعون، ويتمتع بخيرات القصر الملكي، ويحصل على شرف لم يحصل عليه إلاّ أقرب المقربين إلى الملك. وتكون مكانته الاجتماعية مرتبطة بذكائه وعلمه وتربيته، ومدى تمكنه من خدمة أسرار الكتابة وعلم الحساب وشؤون الإدارة. وكانت السلطة له وليست عليه. وإجمالاً يمكن القول، أن الانتقال والتدرج على السُلّم الاجتماعي في المجتمع المصري القديم، كان أفقياً وليس عمودياً، لأن الفرد المصري كان مرتبطاً بصورة أبدية بموقعه الاجتماعي، لا يستطيع تغييره أو التحرر منه أبداً.