أنت هنا

قراءة كتاب عندما كنت وزيراً

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عندما كنت وزيراً

عندما كنت وزيراً

كتاب " عندما كنت وزيراً - سيرة ومشاهدات عراقية " ، تأليف د. عبد الأمير رحيمة العبود ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

ناحية المجر الكبيـر

ولدت في ناحية المجر الكبير، وهي مدينة صغيرة تابعة إلى لواء العمارة الذي سمي فيما بعد بمحافظة ميسان، وهي تقع جنوب العراق على بعد 150 كم من مدينة البصرة جنوباً و400 كم عن مدينة بغداد شمالاً. تحيط بهذه المدينة منطقة زراعية خصبة تمتد على ضفتي نهر المجر الكبير وصولاً إلى منطقة الأهوار . يخترقها ويرويها نهر المجر الكبير الذي يتفرع من نهر دجلة ويصب مياهه في منطقة الأهوار .

لم أعلم حتى الآن باليوم الذي ولدت فيه، لأن الناس في المدينة الصغيرة التي ولدت فيها لم يعيروا اهتماماً آنذاك بتاريخ ميلاد أولادهم، وأتذكر أنني عندما كنت طالباً في فترة الدراسة المتوسطة دعيت لعيد ميلاد زميل لي اسمه زيد، وحينما قدمت لنا الحلويات والمعجنات استغربت وقلت لأصدقائي بأن طقوس ميلاد النبي محمد (e) في مدينتنا الصغيرة تختلف عما تفعلونه تماماً، عندئذ علمت بأن الاحتفال الذي نحضره هو عيد ميلاد زميلنا زيد، كما علمت حينذاك، لأول مرة بأن الناس يؤرخون ميلاد أولادهم وهم يحتفلون عندما يحل هذا التاريخ .

وحقيقة فإنني لم أعلم كذلك بالعام الذي ولدت فيه إلا حينما اقتضت الحاجة لإعداد دفتر النفوس وشهادة الجنسية، وكان ذلك شرطاً لدخول مرحلة الدراسة المتوسطة، عندها احتسبت من مواليد 1937 ، ولم يكن ذلك بناء على التسجيل في المستشفى أوفي دائرة الأحوال الشخصية كما يجري حالياً، إنما بناءً على مؤشرات وحوادث يحسبها الأهل لتحديد سنة الميلاد .

****

ناحية المجر الكبير مدينة حديثة النشوء، أستحدثت في نهاية القرن التاسع عشر نتيجة لهجرة عشائر (البومحمد) والعشائر المتاخمة لها من منطقة الكحلاء قرب مدينة العمارة شرقاً إلى المنطقة الخصبة المحيطة بنهر المجر وصولاً إلى المناطق المحيطة بالأهوار ، إذ ترتب على هذه الهجرة بروز حاجة الفلاحين إلى الخدمات المهنية كأسواق السلع، وجهاز الشرطة، والمستشفى، والبريد، والخدمات المهنية المختلفة، ولهذا تدفق مئات المواطنين النشطين مهنياً والمغامرين من مختلف أنحاء العراق بقصد العمل في هذه المدينة، ولهذا نجد أن سكان هذه المدينة ليسوا مجتمعاً عشائرياً آنذاك ولا يمتون بصلة كبيرة إلى المناطق العشائرية المحيطة بهم، إنما هم في الغالب خليط متنوع من أصحاب المهن الذين جاءوا من مختلف مناطق ومدن العراق سعياً وراء العمل في المهن المختلفة التي راحت تزدهر في هذه المدينة، فمنهم من جاء من المناطق المحيطة بمدينة البصرة. وآخرون من المناطق المتاخمة للحدود الإيرانية شرق مدينة العمارة، وآخرون من مدن بغداد والبصرة والنجف وسامراء وديالى، والبعض جاءها حتى من مدينة الموصل والمناطق الكردية القريبة منها، إضافة إلى من أوفدهم نظام الحكم العثماني من موظفين أتراك لإدارة المدينة في ذلك الوقت، والذين استوطنوا فيها فيما بعد.

وعائلتي هي واحدة من العوائل التي نزحت إلى هذه المنطقة، وهي بالأصل من أفخاذ عشيرة (زبيد: البوسلطان) التي كانت تقطن في إحدى قرى محافظة ديالى.

ولطبيعة ما تفرضه الغربة من ضرورة التآلف والتآزر فيما بين الغرباء كان أهالي هذه المدينة متآلفين متآزرين في السراء والضراء، فما أن تحصل مناسبة للفرح حتى تجدهم كلهم مشاركين متحمسين لهذا الفرح، وما أن تحصل مناسبة حزن أو كارثة حتى تجدهم قلباً واحداً يهبون للمشاركة والنجدة، وكأن المناسبة مناسبتهم جميعاً.

****

الصفحات