كتاب " عندما كنت وزيراً - سيرة ومشاهدات عراقية " ، تأليف د. عبد الأمير رحيمة العبود ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب عندما كنت وزيراً
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وإذا كان أغلب سكان ناحية المجر الكبير، في ذلك الوقت، من الطائفة الشيعية، فقد كان يعيش إلى جانبهم عدد كبير من أفراد الطائفة السنية الذين كانوا من الشخصيات المؤثرة والمحترمة في المدينة، وكانت تربطهم علاقات المحبة والود والأحترام مع أقرانهم من الطائفة الشيعية، بل كانت تربط الكثيرين منهم وربما أغلبهم علاقات المصاهرة مع بقية العوائل الشيعية، لم يلاحظ المرء آنذاك في محيط تلك المدينة وربما في غيرها من مدن المنطقة أي حالة من التعصب الطائفي بين أفراد الطائفتين الشيعية والسنية، بل انني شخصياً لم ألمس الفرق بين الطائفتين طوال مرحلة الطفولة، رغم أن عدداً من أبناء الطائفة السنية كانوا من أصدقائي في ذلك الحين .
***
إلى جانب هاتين الطائفتين كان يعيش في ناحية المجر الكبير في ذلك الوقت عدد من طائفة الصابئة المندائيين، يناهز عددهم الخمسين عائلة . كان بعضهم يعمل في صياغة الحلي الذهبية والفضية والبعض الآخر يعمل في مجال الحرف اليدوية كصناعة الآلات الزراعية مثل المنجل والمسحاة، وآخرون يعملون في صناعة الزوارق النهرية ((كالمشحوف)) و((البلم)) وقد بزر منهم عدد من المثقفين وأصحاب الشهادات العليا، ومما كان يميز أفراد هذه الطائفة أنهم ودودين مسالمين، فلم يسمع أحد أن صابئياً تشاجر مع مسلم حول شؤون الدين أو شؤون الحياة، بل كانت المودة وحسن الخلق تبلغ بهم في مجاملة اخوانهم المسلمين إلى حدود المشاركة في طقوس شهر عاشوراء فترى في اليوم العاشر من عاشوراء إحدى المجموعات ((الردّات)) وهي تشارك في موكب العزاء من الطائفة المندائية وهم يردوون الشعارات الحسينية ويلطمون على صدورهم كغيرهم من المسلمين .
****
أما مناسبات الأفراح في ذلك الوقت فأهمها مناسبات الزواج والاعراس، والزواج كان يحصل، في الغالب، بين الأقارب والمعارف، حيث تقوم الأم أو الاخوات بترشيح إحدى قريباتهن أو معارفهن من بنات المدينة إلى من يرغب بالزواج ولهذا تجد أن أغلب عوائل المدينة تربطهم ببعضهم علاقات النسب والمصاهرة .
ومن يتزوج لا تربطه مع من يروم الزواج منها، في ذلك الوقت، علاقة شخصية وثيقة، بل هما، في الغالب، لا يعرفان بعضهما البعض ولم يلتقيا ويرى أحدهما الآخر إلا يوم الزفاف، أما طقوس الزواج فهي بسيطة آنذاك، بخاصة بين العوائل الفقيرة، فالخطبة تبدأ بزيارة النساء من أهل الزوج للنساء من أهل الزوجة، لغرض التعارف وتثبيت ما يحدد من مبلغ مقدم الزواج ومؤخره، وهي مبالغ نمطية حسبما تحدده العشيرة أو العائلة، فالمقدم يتضمن تكاليف عدة الزواج البسيطة، والمؤخر مبلغ زهيد يكاد لا يذكر .
وبعد ذلك تذهب مجموعة من رجال أهل الزوج إلى أهل الزوجة لاجراء مراسيم الخطبة التي لا تتعدى إقرار ما اتفقت عليه النساء في زيارتهن الأولى، وتبادل عبارات الثناء والاعتزاز، وشرب العصير، وقراءة الفاتحة، والخطبة في جوهرها وسيلة للاعلان عن النية في الزواج أما عقد الزواج، في ذلك الوقت، فقد كان ينظم، حصراً من قبل رجل الدين، الذي يوثق عقد الزواج، ويعلنه بناءاً على الأسس والشعائر الدينية، ولم يجر التسجيل في المحكمة ودوائر الاحوال المدنية إلا في سنين متأخرة جداً.
وخاتمة طقوس الزواج هي اجراءات الزفاف، وكانت هذه بدورها بسيطة أيضاً، وتقتصر عند العوائل الفقيرة على طقوس الزفاف حيث تقاد الزوجة مساء ذلك اليوم إلى بيت الزوج بالأهازيج ((الهوسات)) التي يشترك فيها اهالي الزوج وأصدقائهم ومعارفهم و((الهوسة)) التي كانت تتردد دائماً في هذه المناسبة :
جبناها وجبنا أمها وياها
بمعنى جلبنا الزوجة برفقة أمها، حيث يظل الأب والأبناء في بيتهم بينما ترافق الأم أبنتها إلى بيت الزوجية لأيام معدودات، وتختتم الزفة بالوليمة التي يقيمها أهل الزوج لاقاربهم ومعارفهم ممن يشاركون في الاحتفال بالزواج .
أما مراسيم الاعراس بالنسبة لميسوري الحال من أهل المدينة، فقد كانت تقترن باحتفال كبير يشترك فيه عدد من سكان المدينة ويساهم فيه الغجر ((الكاولية)) بأداء الأغاني والرقص حتى وقت متأخر من الليل، وتتخلله الزغاريد ويتسم بالمرح والابتهاج .
ومن الراقصات والمغنيات المشهورات اللاتي كن يشاركن في احتفالات أعراس المدينة، المغنية الغجرية الشهرية ((بُته)) التي كانت تترأس مجموعة من الراقصات والمغنيات الغجريات الجميلات ضمن فريق ((عيسى بن حويلة)) وكانت ((بُته)) تصدح بصوتها الشجي بالاغاني المشهورة في ذلك الحين فتطرب كل من يشارك بالاحتفال، وأتذكر أن الفنان المعروف ((داخل حسن)) قد شارك مراراً في احتفالات الاعراس التي كانت تقام في المدينة لابناء أصدقاءه من شيوخ العشائر .
و((عيسى بن حويلة)) رئيس فريق الطرب هذا الذي كان يسمى باسم أمه ((حويلة)) هو من ابناء المدينة ويمت بالصلة إلى عائلة محافظة وعريقة، وهو فنان بفطرته، وكان يعشق الطرب والغناء منذ طفولته، وقد وقع في عشق المغنية الغجرية ((بُته)) وراح يتبعها أينما تذهب، حتى تزوجها وأصبح واحداً من مجموعتها ورئيساً لفريقها، إنه يمثل التحدي للتقاليد المألوفة، والانتصار لعاطفة الحب بأجلى صورها .
****
ومن المناسبات التي لا تغيب عن الذاكرة أيام الصيام في شهر رمضان، وأيام شهر رمضان في الأربعينيات والخمسينيات كانت تحصل في منتصف الصيف القائظ، أغلب الناس كانوا يصومون هذا الشهر برغم طول النهار وشدة الحر، فخلال النهار يهرع الأطفال والشباب إلى النهر ليستمتعوا بالسباحة، كم كانت السياحة مفرحة لنا نحن الأطفال في ذلك الوقت، فترانا طيلة وقت الظهيرة والمساء نسبح في النهر، ونجري المسابقات واللعب بالماء دون كلل أو ملل .
أما في الليل فقد كان سكان المدينة يجابهون الحرارة بالنوم على السطوح، وكانت عادة النوم على السطوح هي السائدة في ذلك الوقت، فما أن يحل المساء حتى ترى أهل البيت يقومون برش سطح البيت بالماء فيصبح بارداً في الليل، لأن السطوح كانت تُكسى بالتراب الذي يستجيب للحرارة بالتبخر فيبرد ذلك السطح، ولكثرة الحشرات والبعوض بسبب قرب البيوت من النهر يلجأ الناس إلى تغطية فراشهم ((بالكلل)) و((الكلة)) تتكون من قماش خفيف يفرش على شكل مكعب فوق سرير النوم ليحمي النائمين من لدغ الحشرات، وتنشغل النساء طيلة النهار في شهر رمضان في إعداد طعام الإفطار الذي ينبغي أن يكون متنوعاً، ومن المأكولات الشائعة التي تحتوي عليها مائدة الإفطار ((شوربة العدس)) و((كبة الحلب)) و((شربت النومي بصرة)) ومن العادات الشائعة أن عوائل المدينة تبادر قبل الأقطار بارسال ما تجيده من مأكولات إلى جيرانهم ومعارفهم، فتجد مائدة الإفطار عامرة بما تطبخه العائلة وما يأتي من العوائل الأخرى .
****
حينما يحلّ المساء تجد ساحة السوق أمام جامع المدينة تكتظ بالصائمين وهم ينتقون الحلويات من ((البقلاوة)) و((الزلابية)) و((اللقم)) التي يجيد صنعها ويعرضها ((مجيد الشكرجي)) في ساحة السوق، وكذلك كؤوس اللبن الصغيرة والنظيفة التي تعرضها بائعة اللبن ((ناجيّة أم الروبة)) التي كانت تكسي يديها وصدرها وانفها بالحلي الذهبية، وكذلك قوالب الثلج التي يقوم بتقطيعها وبيعها ((شيهاني))، وما ان يسود ظلام الليل حتى تجد ساحة السوق تزدهي بأضواء ((اللوكسات)) المسلطّة على حلويات الحاج مجيد الشكرجي . لقد كانت حقاً اجواء احتفالية مبهجة تشيع الفرح في ليالي رمضان ، وحينما يحل وقت الافطار يعتلي الشيخ رضا مئذنة المسجد معلناً بصوته المرتفع الجميل حلول وقت الافطار .
وبعد منتصف الليل يستيقظ الصائمون على أصوات الطبول التي يقرعها السقا ((بهلول)) هو وأقرانه راكضين في أزقة المدينة معلنين وقت السحور لينجزوا مهمتهم في الوقت المحدد.
****
تقدمتُ في دراستي الابتدائية حتى بلغتُ الصف الرابع، وكنت حسبما اتذكر مثابراً أحرص على تنفيذ تعليمات المدرسة وإرشاداتها، وما كان يسترعي انتباهي هو العناية الفائقة والعطف الذي كنت احظى به من لدن كافة أسرة التعليم، وهو ما كان يثير الحسد والغيرة عند زملائي، لم أكن أعرف أسباب ذلك العطف والاهتمام وهل هو بسبب الصداقة التي كانت تربط والدي بأسرة التعليم، أم بسبب ما كنت أتصف به من مثابرة واجتهاد وإطاعة للنظام ؟.
وعند اقتراب موعد الامتحانات النهائية وأنا في الصف الرابع الابتدائي اصبت بداء الملاريا الذي اقعدني في الفراش أياماً عديدة، وكان معلمنا في حينه عبد الحميد الخشن، وأتذكر أن والدي قد اصطحبني للامتحان، وانا في أشد حالات المرض، وكانت إجابتي في الامتحان لا توحي بأمكانيه النجاح اطلاقاً، لكني فوجئتُ عند اعلان نتائج الامتحان بأني قد حصلت على ذات النتائج المتفوقة التي كنت أحصل عليها في الامتحانات الشهرية، وعندما استفسرت عن ذلك من معلمي عبدالحميد الخشن بعد سنوات طويلة أخبرني بأنه يقيم طلابه حسب كفائتهم خلال العام بكامله وليس الامتحان إلا مؤشراً واحداً لتقييم تلك الكفاءة، وقد طبقت هذا النهج لاستاذي القدير عبدالحميد الخشن عندما أصبحت استاذاّ في جامعة البصرة فيما بعد .
****
وعندما أصبحت في الصف الخامس الابتدائي وعمري آنذاك يقارب الحادية عشرة اصبحت اشعر بمشاعر لم آلفها سابقاً أزاء المرأة، بخاصة حينما كانت تزور بيتنا إحدى العوائل مصطحبة معها طفلة يافعة اسمها ((ساجدة)) فحينما أعلم بوجود ((ساجدة)) في بيتنا وأسمع صوتها، كان ينتابي شعور غريب فتراني متحمساً، افتعل الاهتمام، وأحاول الاثارة، لم أكن اجرؤ على الحديث مع تلك الفتاة، وحتى النظر إليها مباشرة، وفي اللحظات التي كانت تقتضي اللقاء معها كنت أدير وجهي إلى الجهة الأخرى، فقد كان الحديث المباشر مع المرأة الغريبة عيباً على الرجال في ذلك الوقت ويوصف الرجل الذي لا يركزّ نظرة على وجه المرأة بأنه الرجل الشريف صاحب الحياء والمؤدب ، لم أدرك ما أنا عليه ولكنه كان شعوراً جميلاً يبعث البهجة والفرح في نفسي، وأصبحت أطرب وينتابني السرور والانشراح عندما كنت أستمع لأغاني فريد الاطرش وأم كلثوم وداخل حسن .
****
لقد حصل تحول في شخصيتي وأسلوب تفكيري وأنا في الصف السادس الابتدائي عندما تعرفت على صديقنا ((سامي أحمد العامري))، وحينما كنا نلتقي به أنا وأبناء عمي واصدقاؤنا كان سامي رحمه الله يكبرنا بعامين أو ثلاثة، كنا نسمع منه افكاراً جديدة لم نكن نعرفها من قبل، كان يتحدث لنا عن الاقطاع وما يعانيه الفلاحون من ظلم وفقر وعوز بسبب النظام الاقطاعي الجائر، وكان يتحدث عن الاستعمار وما يعانيه شعبنا من نهب واستغلال لثرواته، وفي لقاءات أخرى كان سامي يتحدث لنا عما قرأه من الكتب مثل كتب جبران خليل جبران وجرجي زيد والمنفلوطي ولامارتين، وكان يبهرنا بأحاديثه الشيقة وشخصيته القيادية المؤثرة، وبدأت احاول تقليده، ولأول مرة بدأت بقراءة الكتب غير المدرسية، والكتاب الأول الذي بدأت بقراءته هو كتاب ((الأجنحة المتكسرة)) لجبران خليل جبران، ثم أعقبته بقراءة ((تحت ظلال الزيزفون)) للمنفلوطي، ((وروفائيل)) للامارتين، كنت أشعر بالمتعة عندما كنت أقرأ هذه الكتب، وبدأت أشعر بجمال الطبيعة ومشاعر الحب أزاء المرأة التي كانت تصفها تلك الكتب، وكانت صورة الشابة ((ساجدة)) ترافقني وأنا أتابع مشاعر الحب التي تتحدث عنها تلك الكتب .
****
بعد منتصف الأربعينيات تحسّنت الحالة المالية لوالدي بعد الاعمال التجارية التي قام بها والأرباح التي حققها أثناء الحرب فاشترى بستاناً كبيراً مزدهراً بالنخيل في أطراف المدينة، انشأ في مقدمته وعلى ضفاف نهر المجر الكبير مشروعاً كبيراً لجرش الحبوب وطحنها، واصبحنا أنا وأخي عبد الكاظم نرافقه خلال عطلة الصيف للإشراف على بناء المشروع وكنا نشعر بالزهو والفرح حينما نشاركه في ذلك العمل !
لم يكن أهالي المجر الكبير في ذلك الوقت متطرفون متزمتون ازاء تقبل وسائل الحضارة والمدنية، ففي ذلك الوقت كان في المجر الكبير طبيب اسمه الدكتور((عزت)) وكان يسكن المدينة مع زوجته ((جوزفين)) وهما مسيحيان . وكانت ((جوزفين)) سافرة ولم يعترض على سفورها أحد، بل الأكثر من ذلك أن الزوجين ((عزت)) و((جوزفين)) كانا يمتطيان حصانين في بعض الأمسيات يتجولان بهما في الحقول المحيطة في مدينة المجر الكبير مخترفان أزقة المدينة، وهما يرتديان ملابس الفروسية، ويضعان على رأسيهما قبعتا ((الجوكي)) البيضاء، ولم يكن ذلك سبباًً لاستفزاز أهالي المدينة أو امتعاضهم، لقد مات الدكتور عزت بحادث مفجع، وهو يحاول اشعال شمعة قرب صفيحة البنزين التي انفجرت عليه وأحرقت أجزاء كبيرة من جسمه، ومات بعد يومين من ذلك الحادث متأثراً بحروقه، وبكته المدينة بكاملها، ولا يزال يتذكره سكان المدينة من كبار السن، لما كان يتصف به من أخلاق فاضلة، وكفاءة عالية ونفس ميالة للخير ومساعدة الآخرين .
****
وحينما أعود بالذاكرة إلى سنوات الاربعينيات والخمسينيات، وما تميز به الوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لأهالي المجر الكبير في ذلك الحين، تتكرر أمامي حالة القناعة والرضا والأبتهاج والأنشراح التي كان يتصف بها أولئك الناس على الرغم مما كانوا يعانونه من حرمان مادي وعوز وشظف في متطلبات المعيشة، فالعائلة آنذاك لا تمتلك السيارة، والتلفزيون، والثلاجة والغسالة والمبردة وسائر الأجهزة الكهربائية التي تتراكم في بيوتنا في الوقت الحاضر، ولم تكن لديها الطاقة الكهربائية ولم يصلها الماء الصافي إلى بيوتها، كانوا يسكنون في بيوت بسيطة لا تتوفر فيها وسائل الرفاه المتوفرة الآن مثل الراديو، والتلفزيون والانترنت والمروحة الكهربائية والمكيفة والاثاث الحديث المتنوع، وما كانوا يحصلون عليه من دخول لا تفي إلا بالنزر اليسير من حاجاتهم الضرورية، لكنهم على الرغم من ذلك كانوا راضين قانعين بما هم عليه من حال، بل إن الانشراح، واقتناص مناسبات البهجة والفرح كانت تراودهم في أغلب الاحيان، كانوا يمازحون بعضهم البعض وهم جالسون في المقاهي، يمرحون وهم يمارسون اعمالهم الشاقة، يحولون مادة الحياة برغم عذاباتها إلى الضحك، وهي الحالات التي يفتقدها الناس في هذا الوقت، فعلى الرغم من الرفاه المادي الذي يعيشه الناس الآن، وما يمتلكونه من وسائل الحضارة والمدنية، الحديثة والمتنوعة، التي تزخر بها بيوتهم، وعلى الرغم مما يحصلون عليه من دخول تغطي حاجاتهم الضرورية، والكمالية أحياناً، بل قد ترتقي عند البعض إلى مستويات الترف والبذخ، لكن الإنسان في الوقت الحاضر يفتقد غالباً إلى السعادة والرضا والإنشراح، بل تجده دائماً مهموماً مكلوماً قلقاً لا يستقر على حال، وما أكثر أسباب القلق والاكتئاب والخوف التي يتعرض لها الإنسان في عصرنا الراهن .
الإنسان في الوقت الحاضر يفتقد، في الغالب، إلى ما كان يحظى به أسلافه ، من السعادة والقناعة والرضا والإنشراح، وهي لعمري مزايا لا تُعوضها وسائل المدنية الحديثة أبداً .