قراءة كتاب عندما كنت وزيراً

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عندما كنت وزيراً

عندما كنت وزيراً

كتاب " عندما كنت وزيراً - سيرة ومشاهدات عراقية " ، تأليف د. عبد الأمير رحيمة العبود ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

مقدمة الطبعة الأولى

ما كنت أنوي كتابة مذكراتي، لأن المذكرات تكتب عادة من قبل المشاهير ومن عاصروا الأحداث الجسام ليدلوا بشهاداتهم وليوثقوا مسار حياتهم وليطرحوا آراءهم في الأحداث التي مرت عليهم والتي قد تكون خافية عن الآخرين، ولم أكن أنا بالتأكيد واحداً من هؤلاء، لكن الذي دفعني إلى الكتابة عن هذه الأحداث، قبل عدة شهور ثلاثة أسباب :

أولهما: أنني قمت خلال العامين المنصرمين بزيارة عدد من الدول المجاورة، وقد ذهلت حقاً لما لاحظته من التطور السريع الذي حصل في مجال الحضارة والإعمار في تلك الدول خلال السنين الأخيرة الماضية، وبخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والكويت والأردن.

فأينما كنت أمضي أرى العمارات الجديدة، والشوارع الجميلة، والأسواق العامرة، والناس يتحركون بحرية، والنشاط الاقتصادي بارز في كل مجال، والنظام والهدوء والاطمئنان يسود المناطق كلها، كنت ألاحظ ذلك وأتألم غاية الألم عندما أقارن ذلك بما يحصل عندنا في العراق حالياً من دمار وخراب وغياب الأمن، وكم كانت تجرني تلك المقارنة إلى مقارنة أخرى لما كنا عليه في العراق من نهوض حضاري وثقافي واقتصادي في مرحلة الخمسينات والستينات، وما كانت عليه تلك الدول خلال تلك الفترة من مستويات حضارية وثقافية واقتصادية.

****

لقد كنا خلال مرحلة الخمسينات والستينات قد تفوقنا حقاً على تلك الدول بخطوات كبيرة فيما كنا عليه من مستويات ثقافية وحضارية واقتصادية، لكن منحى التطور والتقدم كان يتجه عندنا خلال العقود الخمسة الماضية نحو الانحدار بينما كانت تلك الدول وغيرها من دول العالم تسير بخطى سريعة نحو التطور والتقدم والازدهار .

وحينما كنت أثير السؤال: لماذا لم يحصل عندنا التقدم الحضاري والاقتصادي والأمني على غرار ما حصل في تلك الدول المجاورة لنا وفي بقية دول العالم؟ في حين كانت مقومات النمو والتطور المادية والبشرية متوفرة لدينا بمستويات لا تقل بل تزيد أحياناً عن تلك الدول، ولماذا لم تكن مسيرة التطور عندنا في العراق متناغمة مع تحولات العلم والتكنولوجيا التي تجتاح العالم؟ ولماذا تتزايد عندنا أساليب العنف واختراق النظام والقانون وغياب الأمن؟ ولماذا حل في بلدنا الدمار والخراب؟

لم أجد جواباً مقنعاً عن هذا السؤال الكبير، وكم عجز غيري عن الوصول إلى ذلك الجواب !.

لكن الحصيلة التي كانت أمامي دائما هي صور كثيرة وتداعيات شخصية متنوعة وذكريات كثيرة عن الماضي البعيد والقريب تذكرني كيف كانت الأوضاع في الخمسينات والستينات تسير رويداً رويداً نحو مكافحة الجهل واحترام النظام والقانون واستتباب الأمن وتنامي سبل الحضارة والنمو والتقدم، وكيف انحدرت تلك الأوضاع بعد الستينات .

لا أدري لماذا كانت تلك الصور والحوادث والذكريات تتدفق أمامي خلال الفترة القصيرة الماضية، وقد وجدتها مثيرة وممتعة وحرصت على ان أدونها على حقيقتها دون تغيير ؛ لكي تكون شاهداً على تلك المراحل وما حصل فيها من تغيير.

والسبب الثاني هو أنني كغيري من الناس شهدت الكثير من الأحداث المثيرة وتوقفت عند الكثير من المحطات المهمة في مسيرة العمر الطويلة، وعندما كنت أتحدث عنها لأصدقائي ومعارفي كنت أجد أنها مثيرة وممتعة ومفيدة، فرأيت أن أوثقها لعلها تكون ممتعة ومفيدة لمن يطلع عليها.

****

أما السبب الثالث فهو أنني مارست تجربة العمل وزيراً للزراعة خلال الفترة من 1/9/2003 ولغاية 1/6/2004 وقد واكبت تلك التجربة الكثير من المصاعب والمشاكل، بخاصة لأن العمل في تلك الفترة كان خلال فترة الاحتلال من قبل القواه الأجنبية، وقد وجدت من الضروري أن أضع أمام القارئ الكريم تصوراً واضحاً ودقيقاً لكيفية إنجاز العمل الإداري خلال تلك الفترة، وما كانت تعانيه وزارة الزراعة من مشاكل ومصاعب، والإجراءات التي اتخذت في حينه لمعالجتها وهو ما تناوله الفصل الثالث من هذا الكتاب.

****

في الأحوال كلها فإن هذه المحاولة استقطبت الكثير من الحوادث التي مرت على كاتب هذه السطور عبر مسيرة العمر الطويلة، وقد حاولت انتقائها وتدوينها بدقة دون تغيير وصولاً إلى حزيران 2005، وهو وقت الانتهاء من كتابة هذا الكتاب لكنها، بطبيعة الحال، لم تستجمع كافة الحوادث ولم تتحدث عن كافة الشخصيات بالرغم من أهمية الكثير من تلك الحوادث والشخصيات، بقصد التركيز على ما كان ذي أهمية ودلالة، ورغبة في تفادي الإسهاب والإطناب .

لا بد من تسجيل الشكر إلى كافة الأصدقاء ممن قرأوا مسودة هذه المذكرات وأبدوا الملاحظات القيمة حولها، ومنهم بخاصة الدكتور كاظم حبيب، والأديب عبد الستار ناصر، والصديق طالب عبد الجبار حيدر.

والله من وراء القصد

د. عبد الأمير رحيمة العبود

1/10/2005

الصفحات