قراءة كتاب عندما كنت وزيراً

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عندما كنت وزيراً

عندما كنت وزيراً

كتاب " عندما كنت وزيراً - سيرة ومشاهدات عراقية " ، تأليف د. عبد الأمير رحيمة العبود ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

أتذكر مرة عندما كان عمري يقارب الأربع سنوات وكنا في زيارة عائلة خالي مجيد في ناحية المجر الصغير أن عبرنا نهر المجر الصغير بأحد الزوارق الصغيرة وقد تحركت في حضنها حركة سريعة أسقطتني بين أمواج النهر، وغطست في الماء، ولولا أن قفز أحد أقاربي إلى النهر لما استطاع انتشالي من الغرق. لقد مرضت بسبب هذا الحادث ورقدت على فراش المرض أياماً طويلة. وعقب هذا الحادث أصبت بداء التايفوئيد الذي كان متفشياً في المدينة، وقد عالجني آنذاك أحد أقاربنا وهو الحاج منصور بـ (الكيّ) مستخدماً صرة مملوءة بالشعير كان يغمسها بالماء الحار ويدسها في فروة رأسي وفي أعلى عنقي ولا تزال آثار ذلك ((الكيّ)) تأخذ مساحة من فروة رأسي حتى اليوم .

ذات مرة وحينما كنت أعاني من أشد حالات المرض، كانت أمي نذرت كل ما تملك من الذهب والمصوغات لتقدمه هدية إلى ضريح العباس عليه السلام في كربلاء حينما أتماثل للشفاء، وحينما تماثلت للشفاء يبدو أن والدي الذي لم يكن مقتنعاً بجدوى هذه النذور قد عارض ذلك ومنع والدتي من الوفاء بعهدها،ولهذا بقيت أمي خائفة وكانت تفسر كل ما كنا نتعرض له من حوادث أو أمراض بعدم وفائها بعدها، ولم تستقر لها الحال إلا عندما أنقذ الموقف أحد أقاربها الذي أرسلها إلى كربلاء واتفق مع أحد خادمي الحضرة العباسية بأن يعوض تلك السبائك بأخرى غير حقيقية وضعها في قطعة من القماش، ورميناها في ضريح العباس أنا وذلك الخادم دون أن تعلم أمي، ولو علمت أمي بذلك لظلت خائفة طوال عمرها.

كانت أمي رحمها الله مسكينة، طيبة، خائفة، قانعة دائماً بما هي عليه من حال .

أما والدي رحمه الله فقد كان جميل الطلعة، متوسط القامة أبيض الوجه نشيطاً حيوياً كثير الحركة لا يستقر على حال، شغوفاً بعمله . اجتماعياً تربطه علاقات واسعة مع أغلب سكان المدينة، كان كثير السفر إلى مدينة البصرة لمتابعة أعماله التجارية، وعندما كان يحل بيننا ما كان يمكث كثيراً معنا في الدار، كان انشغال والدي يؤلمني كثيراً وأنا طفل صغير، كنت أتمنى أن يكون دائماً بيننا .

كان يصطحبني معه، أحياناً، إلى مقهى رزوقي التي لم تبعد عن دارنا سوى عشرات الأمتار، وأتذكر وأنا طفل صغير، أن حديث أبي مع أصدقائه كان يجري دائماً حول ((الحلفاء)) وما كنت أفهم من ذلك شيئاً في حينه، لكني علمت فيما بعد أنه كان يدور حول تقدم الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إبان مطلع الأربعينيات.

****

الصفحات