كتاب " صفحات مطوية من التاريخ " ، تأليف عيسى إبراهيم اللوباني ، والذي صدر عند دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب صفحات مطوية من التاريخ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
صفحات مطوية من التاريخ
الحاج أمين الحسيني يصف مقابلته مع هتلر وموسوليني
في البداية يقول الحاج أمين الحسيني بأنه اختار التحالف مع دول المحور لا مع الحلفاء، لأن تعاونه مع الحلفاء يعني ضياع فلسطين، ولأن الشعب في فلسطين لم يكن قادراً على مقاومة الأطماع البريطانية الصهيونية وحيداً، وكان لا بد له من البحث عن دعم، دعم من هو أقوى من عدوه. وكانت انتصارات المحور لا تدع محلاً للشك في نهاية الحرب. ويقول المفتي بأنه لم يكن يريد أن يبقى بلا عمل حتى النصر النهائي والخضوع لرغبات المنتصرين، كنت أريد أن يحمل العرب السلاح إلى جانب المحور. ومن أجل هذا الهدف يقول المفتي بأنه ذهب إلى دول المحور بحثاً عن التأييد لقضية بلاده، وبهذه الصفة قابل الدوتشي والفوهرر.
مقابلة موسوليني
يقول الحاج أمين: كنت أعلم قبل وصولي روما أن مهمتي لن تكون سهلة فيها، وأن صعوبات كثيرة تنتظرني وأولها وأصعبها ألا أسمح لهم بالظن أن وجودي يمكن أن ينفعهم بشيء. فلم يغب عن بالي يوماً أن إيطاليا تحتل ليبيا وتحاول القضاء على كل ثورة يقوم بها شعبها، كما أنها تطمح في احتلال تونس.
يقول – بعد أن اتصلت بالسلطات الإيطالية حددنا موعداً لزيارة موسوليني. وفي اليوم الموعود جاء موظفو المراسم إلى فندق إكسيليسيور؛ وجدت نفسي في السيارة التي تحملني إلى موسوليني جنباً إلى جنب مع الإيطاليين الذين قتلوا عمر المختار، ولكن أمام المسؤوليات الكبيرة لابد لنا من أن نواجه الواقع وأن نتصرف.
استقبلني في مدخل قصر فينيسا – الشهير بشرفته التي كان يخطب منها الدوتشي بجموع الإيطاليين الذين كانوا يأتون للاستماع إليه – استقبلني البارون (انفوزو) نائب وزير الخارجية نظراً لغياب وزير الخارجية الكونت شيانو في زيارة رسمية إلى برلين.
كان موسوليني ينتظرني في باب مكتبه الواسع وكأنه قاعة محاضرات، استقبلني بسرور ظاهر، كان مظهره ومشيته يبعثان في الشعور أني جئت أحيي أحد أولئك القادة الرومان وكأنه بعث بزي إيطالي. كان رأسه المرتفع وخيلاؤه تظهر قوة قلبه وكانت عيناه تدفعاني للتفكير بنابليون وأنطونيوس، وبعض حركات يديه في باغنيني كانت طبيعته الحازمة القوية تقربه من نابليون، إذا تحدث عن التاريخ الروماني بدا بليغاً وظهر إعجابه بروما التاريخية وإمبراطوريتها والأمل الذي يعيش عليه بأن يكون باني إيطاليا الجديدة. إيطاليا الغازية، كان يذهب بعيداً في خياله، ولم يكن صعباً علي فهم مطامعه التي يخفيها بكثير من اللباقة والدبلوماسية.
كان صوته يبدي عاطفة حسية وكان بريق عينيه الذي يلتمع في نظراته يكشف عن حدس السياسي الذكي وحلم الإنسان العاطفي. أنطونيوس على شواطئ مصر. كانت شخصيته تظهر اتزاناً بين رجل الدولة والفنان، كان فن عزفه على الكمان ظاهراً في حركات يديه وقد قيل بأنه كان عازفاً ممتازاً.
كان يرى أن مهمته هي إنهاء الميوعة الإيطالية وأن يبني ما تهدم خلال قرون، كان معجباً بغاريبالدي محرر إيطاليا وموحدها، وكان يقدر أن شرف إتمام رسالته يتمثل في إحياء المجد الروماني، وقال لي وهو يشد على يدي: أحييك باسم الشعب الإيطالي وحكومته وباسمي أنا، ثم رافقني حتى مكتبه فجلس كل منا على مقعد أمام الآخر وبقي البارون أنفونزو – جرياً على عادة موسوليني مع معاونيه في الزيارات الرسمية واقفاً.
وبعد أن هنأني سألني عن الطريق التي اتبعت حتى وصولي إلى البلقان. كان الحديث يدور بالفرنسية التي يتقنها إلى جانب لغات عديدة أخرى. لقد أدهشني بمعرفته لتاريخ ومشاكل الشرق الأوسط، كان يستمع إلي - يقول المفتي- بانتباه شديد فشرحت له مواقفنا دون أن أترك أي التباس يمكن أن يؤدي في المستقبل إلى سوء تفاهم. فلقد عزمت من المقابلة الأولى على توضيح كل شيء وما كان بودي أن أعيد مع المحور الأخطاء التي ارتكبناها مع الحلفاء. وكنت أعلم أن هتلر يكن احتراماً خاصاً لموسوليني وعلمت أن هذا الأخير كان يعارض في حرب ضد الاتحاد السوفييتي. وكم تساءلت عن أسباب عدم اقتناع الفوهرر بذلك.